وات : إشارة القرآن لتحريف اليهودية و المسيحية صحيح رسالة القرآن حملت من البداية بذور العالمية المسيحيون الشرقيون رحبوا بالفتوحات لإنقاذهم من البيزنطيين طغيان الرومان و فساد الكهنة من أسباب انتشار الإسلام حقيقة تحويل الكنائس لمساجد و اضطهاد المسيحين " دراسات غربية تشهد لتراث الإسلام " للمفكر الإسلامى د . محمد عمارة ، يتضمن مجموعة من الشهادات الهامة لأشهر المستشرقين عن عظمة الإسلام ، تدحض مقولة انتشاره بحد السيف ، و تكشف الأسباب الفعلية لانتشاره ، و افتتان أصحاب الملل الأخرى به كرسالة عالمية، و توقع واحد من كبار المستشرقين أن الإسلام سيكون هو الهيكل الأساسى لدين المستقبل " الدين الواحد " الذى سيجمع العالم . و فى الجزء الثالث من الشهادات نعرض شهادة مونتجومرى وات التى أثارت الجدل حول " فشل المسيحية و انتصار الإسلام " ، و شهادة واحد من أكبر المستشرقين البريطانيين " توماس أرنولد " . شهادة مونتجومرى فى شهادة المؤرخ الإنجليزى الكبير " مونتجومرى وات " أراد أن يقدم الإسلام للغربيين بأفضل شكل مبسط ، بعيدا عن الدعاية السلبية التى أورثتها الحروب الصليبية ، كما أراد أن يوضح للمسلمين أن الغربيين ليسوا بالضرورة معادين للإسلام ". و أكد وات أن القرآن يخاطب البشر عامة ، و أن رسالة الإسلام منذ البداية كانت تحمل فى طياتها بذور العالمية ، فالقرآن بغض النظر عن لغته ، يحظى بقبول واسع حول العالم لأنه يتناول القضايا الإنسانية . كما تحدث عن الوحى القرآنى مؤكدا أنه كلام الله وحده ، و ليس كلام النبى محمد كما يدعى البعض ، مدللا بقوله تعالى : "وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوابِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ" ، و " الآية " هنا هى علامة إعجاز و دليل على القدرة الإلهية. و أشار وات أن اليهود و المسيحيين لو احتفظوا بدينهم فى حالة نقاء دون ما دخل عليه من تحريف ، لاعترفوا برسالة محمد ، مؤكدا صحة إشارة القرآن ل " تحريف " اليهودية و المسيحية عن صورتهم التى نزلوا بها . و دحض المؤرخ الإنجليزى محاولة تقديم القرآن للقارئ الغربى على أنه " مختارات من الأفكار اليهودية و المسيحية مع بعض الزيادات " ، و هو الأمر الذى نفاه وات معترفا بأصالة الإسلام و التى ظهرت فى تعامله مع القضايا المعاصرة له ، و هذا لا يمنع اشتراك الأديان الثلاثة فى أساسيات الرسالة من الإيمان بالله و اليوم الآخر و الأنبياء و الملائكة و الكتب المنزلة . حقيقة الجدل يروى وات معاناة المسيحيين الشرقيين و اضطهادهم من الإمبراطورية البيزنطية و طردهم من الكنيسة ، مما جعلهم يرحبون بالفتح الإسلامى باعتبارهم محررين لهم من سطوة اليونانيين . و عن مقولة " فشل المسيحية و انتصار الإسلام " التى أثارت جدلا فى مجلس اللوردات البريطانى ، و أدت لتقديم المؤلف د. محمد عمارة لاستقالته من مجلة الأزهر التى نشرت مؤلفه ، فهى عائدة بالفعل كما أكدت المجلة لمونتجومرى وات نفسه ، حيث قال : الإسلام استطاع أن يدخل فى منطقة لم تحقق فيها المسيحية نجاحا أو لنقل أنها " فشلت بالفعل " ، و تحولت البلاد التى سيطر عليها المسيحيون الشرقيون لبلاد إسلامية عميق إسلامها . و أرجع وات سبب تحول المسيحيين الشرقيين للإسلام ، لأنهم وجدوا فيه تعبيرا عن التوحيد أكثر ملائمة لعقليتهم الواضحة أكثر مما وجدوا فى المسيحية التى " فشلت" – بحسب تعبيره - أن تقدم نفسها للعقول الشرقية . دين واحد للعالم توقع وات أن فى المستقبل البعيد سيكون هناك " دين واحد" للعالم كله ، مع وجود اختلافات داخل نطاق هذا الدين الواحد ، يمكن تشبيهه بالمذاهب الأربعة فى الإسلام ، و بالرغم من إن المسيحيين يتوقعون أن دين العالم فى المستقبل هو " المسيحية " ، و لكنه استبعد ذلك لمعاناة بعض الأمم المسيحية بشدة من العنصرية ، قائلا ان الدين الذى لا يستطيع أن يحل مشكلة العنصرية بين أعضائه لا يكون قادرا على تقديم حلول مجدية لمشاكل العالم الآخر . و عن الإسلام قال المؤرخ الإنجليزي إنه قد يجد صعوبة فى إدراج قيم أخرى من أديان أخرى ليستوعبها و يجعلها جزءا منه ، مؤكدا أن الإسلام منافس عظيم لمد الدين الواحد " دين المستقبل " بهيكله الأساسى ، و أنه منافس قوى للمسيحية لقيادة عالم اليوم . شهادة توماس أرنولد " لقد صادفت شريعة محمد ترحيبا لا مثيل له فى العالم ، و إن الذين يتخيلون أنها انتشرت بحد السيف إنما ينخدعون انخداعا عظيما " بمقولة " جورج سيل " مترجم القرآن إلى الإنجليزية بدأ سير " توماس أرنولد " العلامة الإنجليزي صاحب كتاب " الدعوة إلى الإسلام " شهادته . و أشار المستشرق البريطانى أن أسباب انتشار الإسلام جاءت بسبب تدهور الكنيسة الإغريقية ، و طغيان الدولة البيزنطية و الاستبداد فى الأمور الدينية التى وصلت لحد تحريم المناقشات فى الدين ، كما لفت إلى أن من اسلموا لم يكونوا البسطاء فحسب بل من مختلف الطبقات و المناصب و منهم العلماء و الرهبان و القساوسة . و بعد سقوط القسطنطينية أظهرت الطبقات العليا من المجتمع المسيحى استعداد لاعتناق الإسلام يفوق بكثير استعداد جمهرة اليونان ، و أصبح الدين الإسلامى " الملجأ " الطبيعى لأفراد الكنيسة الشرقية المضطهدين . و من أسباب انتشار الإسلام أيضا بحسب وات ، فساد رجال الدين المسيحى ، التى وصلت لبيع مناصب القسيسين ، و دخول الكنيسة فى نزاع عنيف استمر ل 20 عاما بعد وفاة يوحنا الرابع و السبعين ، و تناحرهم على اختيار خليفة جديد . هذه العوامل أدت لسرعة انتشار الإسلام فى أيامه الأولى من الفتح العربى ، و قد تمتع المسيحيين بالحرية التامة فى إقامة شعائرهم وخففت عنهم الضرائب و منحوا مناصب جيدة فى الدولة و حوكموا فى محاكماتهم الخاصة . و فى الوقت الذى عاش فيه المسيحيين فى عز مجتمع إسلامى متسامح و تمتعوا بالحرية الدينية ، كان البيزنطيون يضطهدون " اليعاقبة " السواد العظم من السكان المسيحيين و يعذبوهم و يلقوا بهم فى البحر ،و أمر " جستنيان " بقتل مائتى ألف من القبط فى الإسكندرية ، و قام " الوندال الآريون – قبيلة ألمانية قديمة " اضطهدوا الأرثوذكس و شردوا أساقفتهم و حرموهم من إقامة شعائرهم . و أشار أن صيام شهر رمضان يدحض الزعم بأن الإسلام يجذب الناس عن طريق مراودتهم فى ملذاتهم الشخصية . سياسة الحكومات الإسلامية و أكد أرنولد أن سياسة الحكومات الإسلامية بوجه عام اتسمت بالتسامح ، و ترقى المسيحيين لمناصب الوزراء و الكتاب فى الدواوين ، و لكن هناك بعض الخلفاء حاولوا إقصاء القبط عن الوظائف العامة كالمنصور و المتوكل و المقتدر و الآمر ، لإساءة بعض المسيحيين فى المناصب العليا لاستخدام سلطتهم من سلب الأموال و الأرض . وأرجع هذا الإقصاء للظروف السياسية أو المزاج المسيطر على الحاكم نافيا علاقته بالناحية الدينية ، فكان اضطهاد المسيحيين فى البلاد الإسلامية يعود للشك فى ولائهم ، الذى أثاره مسيحى الغرب و أعداء الإسلام و اتصال بعضهم بالحملات الصليبية ، و استخدامهم كعيون للدولة العباسية ، و مطاردة أشياع البيت الأموى ، فجلبوا على أنفسهم قيودا صعبة ، قال أرنولد إنه ليس من العدل وصفها ب " الاضطهاد الدينى " . أم عن تحول بعض الكنائس لمساجد ، يقول " مارى بن سليمان " : " أسلم خلق كثيرون ، و كان أصل ذلك قبح سيرة الكهنة فى المذابح و البيع و بيت المقدس .. و لم يتعرض أحد لمعظم كنائسهم و أديارهم إلا فى المدن الكبيرة ، حيث تحول بعضها إلى مساجد ، و هو تصرف من العسير الاعتراض عليه نظرا لتزايد عدد المسلمين الهائل ، و ما كان يقابله من تناقص فى المجتمع المسيحى ". و فيما يخص الجزية فلم تفرض كما زعم البعض على أنها لون من ألوان العقاب لامتناعهم عن دخول الإسلام ، بل مقابل حماية المسلمين لهم ، و أى جماعة مسيحية كانت تدخل الجيش الإسلامى كانت تعفى من الضرائب ، و هو ما حدث مع قبيلة " الجراجمة " التى سالمت المسلمين وتعهدت بالقتال معهم ضد الغزاة مقابل عدم دفعهم للجزية و نصيب من الغنائم ، و كذلك بالنسبة ل " نصارى الأغريق " الذين اشرفوا على القناطر التى تمد القسطنطينية بمياه الشرب و حراسة مستودعات البارود ، بينما أعفى الفلاحون المصريون من الخدمة العسكرية و فرض عليهم الجزية نظير ذلك . أما عن من أًجبروا على اعتناق الإسلام من قبل الحكام ، يقول أرنولد أن هذا حدث مع يهود أصفهان ، و لكن الملك " الشاه عباس الثانى " عندما علم بذلك أذن لهم بالعودة لدينهم ، و كذلك الحاكم بأمر الله الذى اضطهد الكثير من اليهود و المسيحيين ليدخلوا فى الإسلام ، و لكنه ما لبث إن سمح لهم بالعودة لديانتهم و إعمار أماكن عبادتهم المخربة . عظمة الإسلام قال المستشرق الانجليزى أرنولد إن الإسلام نظاما سياسيا بقدر ما هو نظام دينى ، و ساد فيه مبدأ الوحدة الاجتماعية فى ظل الأخوة الإسلامية ، و أن الإسلام لم يقضى فقط على العادات الوحشية القديمة ، بل كان انقلابا كاملا و ثورة على تلك الحياة القديمة . و أعد أرنولد الصلوات الخمس من عوامل جذب الإسلام ، مستشهدا بقول مونتسيكو : " ان المرء شديد الارتباط بالدين الحافل بكثير من الشعائر ، منه بأى دين آخر أقل منه احتفالا بالشعائر ، و ذلك لأن المرء شديد التعلق بالأمور التى تسيطر دائما على تفكيره ". و لفت سعيد بن الحسن أحد يهود الإسكندرية أن مشهد صلاة الجمعة من عوامل تحوله للإسلام ، قائلا : إذا كان الله قد تحدث مرتين إلى بنى إسرائيل فى كل العصور ، فإنه يتحدث إلى هذه الجماعة فى كل وقت من أوقات الصلاة ، و أيقنت فى نفسى أنى خلقت لأكون مسلما ". وقال " لينان – أرنست " مؤرخ و مستشرق فرنسى : ما دخلت مسجدا قط دون أن تهزنى عاطفة حادة ، و بعبارة أخرى : دون أن يصيبنى أسف محقق على أننى لم أكن مسلما " .