رشحت دار الحضارة للنشر رواية "ذاكرة قبل المونتاج" للكاتب السودانى عماد براكة، لنيل جائزة البوكر للرواية العربية في دورتها 2016 ، صدر للمؤلف من قبل روايته الأولى "عطر نسائى" في طبعتين للحضارة للنشر، ولاقت استحسانا كبيرًا، وتم تصويرها وبيعها في الشارع في السودان بكميات كبيرة. وتدور أحداث الرواية بين ليبيا والسودان، لتحيلنا إلى مرثية، لا لشخصيات الحافلة التى ضلت الطريق، بل مرثية لجيل الألفية الثانية، وما يتكبده من مشاق الغربة فى ليبيا فى ظل اضطهاد النظام للسودانيين. تتباين مستويات لغة الرواية، التى جاءت على خلفية الأحداث التى مرت بها الذات الساردة. وتوصد أحداثها حياة مجموعة من السودانيين بعد ترحيلهم من ليبيا يسافرون على شاحنة عبر الصحراء ويضل بهم السائق عن الطريق الذى يوصلهم قرب الحدود السودانية، حتى تتعطل الشاحنة تماما.. ينفد الماء والزاد، فيرسلون أحدهم للبحث عن نجدة، ولكنه لا يعود.. هنا تبدأ المأساة، الأطفال يصرخون جوعا وعطشا، الموت يشير بأصابعه نحوهم، يتلقفهم واحدا تلو الآخر. بطل الرواية هو أسامة سعيد، الذى يقاوم الموت بتنشيط ذاكرته التى تحكى لنا ما حدث، مراوحا بين حبيبته، التى يخاف أن يموت قبل أن يلقاها، وبين الواقع بتكنيك درامى ومونتاج متوازى . ومن أجواء الرواية نقرأ : قطعا، لن تَنسى هذه الأيام، ثبتت على قاعدة الذاكرة بدقة متناهية، حدَث هذا في بداية يناير، الشمس بالمواصفات اليومية ذاتها، مكياج متدرج على الأفق، تسريحة أشعة لا تناسب عمرها أبدا، نظارات ترابية لا تحجب عنها الفخامة، تتصدر قائمة الحضور بنكهة حارقة، خطوات شتوية أنيقة، رشيقة، تنفيذ دقيق لتصميم موضات فصول السنة، الرمال غير لائقة طبيا، تعلمَت فك السلاح والغبينة، تتمدد في نعومة ولمعان، عبثا تتشبث بثوبها الشفاف".