يستعيد الأديب الأقصرى أدهم العبودى ذكرياته مع شهر رمضان الكريم ، و ذكرى آخر زينة و علاقتها بالشهيد " محمد الدرة " فى حديثه مع شبكة " محيط " ، قائلا :كانت عادتنا في رمضان أن نزيّن الشوارع بقصاصات الورق، وكنّا جميعًا نتضامن في فعل هذا، سواء كنّا أولادًا أو بناتًا، كان طقسًا حميمًا، وقد اختفى هذا الطقس منذ سنوات. و عن سبب اختفاء هذا الطقس قال : أظنّ منذ أيّام واقعة "محمّد الدرة" الشهيرة، والتي زيّنت فيها بمعاونة أبناء الجيران الشارع، بصورة رسمتها على أوراق لمحمّد الدرة، وعلّقناها بامتداد الشرفات، وفي ليلتها، حضر لي فردان من أمن الدولة، واصطحبوني بلا جريمة، غير أنّي عبّرت عن سخطي، أمضيت أسبوعًا، وكنت ابن السبعة عشر عامًا، من وقتها لم يعُد أحد يزيّن الشارع. أما عن طقوسه فى هذا الشهر ، فأكد العبودى أن شهر رمضان كان دوما ملهما و محفزا له ، مضيفا : قراءتى تتضاعف في رمضان، ربما للإلهاء، وربما لأنّي أقضي وقتي كما ينبغي، وفي رمضان أكتب كثيرًا، فوق طاقتي، ثمّة حافز لا أفهمه ولا أدري كنهه يدفعني للقراءة والكتابة، رمضان شهر ملهم، ودراسة هذا الإلهام تحتاج إلى سنوات لا يمكن حصرها. و أشار الكاتب أنه يحضر حاليا لعمل ينتمى للأدب الساخر سيكون مفاجأة فى الوسط الثقافى ، و يدور الكتاب عن المثقفين و يحمل بداخله إشارة واضحة لأسماء بعينها . فتنة محفوظ عن قراءاته فى رمضان ، فهو يعكف حاليا على إعادة قراءة أعمال نجيب محفوظ ، قائلا : بعد وصفى ل " صبرى موسى " بأنه أفضل الروائيين ، اقترح على أحد الأصدقاء إعادة قراءة روايات محفوظ ،و كنت قد أعدت مؤخّرًا قراءة روايات ل"نجيب محفوظ" مثل: "الحرافيش"،"رادوبيس"، "أولاد حارتنا"، "قلب الليل"،وكلّها روايات مهمّة إنّما لم تثر دهشتي! . و يتابع العبودى : و عقب إشارة صديقي أعدت قراءة "بداية ونهاية" فأنهيتها في جلسة واحدة.! وللتو انتهيت من قراءة "القاهرة الجديدة". ووجب أن أقول: إنّي فُتنت غاية الافتتان بهاتين الرواتين، ما يجعلني أعيد قراءة رواياته جميعها ثانية. لم فُتنت؟ لأمرين، أولهما : أنّ "نجيب محفوظ" جاوز كلّ عقبات السرد الغالبة في زمنه، وصعد بالأحداث كي تتفاعل معها، ولا تجد في النهاية إلاّ أن تفعل مثلي، تتحرّق شوقًا -وربما حسدًا- كي تشيّد عالمًا موازيًا كما فعل "محفوظ". ثانيهما: أنّ خياله حين تفتّق عن فكرتي هاتين الروايتين -حيث لم يسبقه ولم يلحقه بمثلهما روائي آخر- فهو بالأحرى مسكون بغواية لم نعرفها من قبل، ولعلّه كان مسكونًا بتفرّد إلهي! كيف طوّع الحدث هكذا؟ كيف تحدّث عنّا بمثل هذه الشفافية وهذا الوضوح؟ نعم، نحن أبطال "محفوظ"، ونحن غايته ، و هكذا أدركت لماذا ذهبت "نوبل" إلى "محفوظ" دون غيره؟ لأنّه ببساطة عبقري، ولم يضاههِ -حتى الآن على الأقلّ- روائي آخر في مجتمعنا العربي ، فهو أعظم من كتب الرواية . الطيبيون .. احذر الفرعون! أدهم العبودى روائى أقصرى حاز العديد من الجوائز منها جائزة إحسان عبد القدوس عن مجموعته القصصية " جلباب النبى " ،و جائزة الشارقة للإبداع العربى عن روايته " باب العبد " ، و من أبرز أعماله رواية " متاهة الأولياء "، ورواية " الطيبيون " . الشغف بالتاريخ الفرعونى و قلة الكتابات عنه ، هو ما دفع العبودى لكتابة " الطيبيون " آخر رواياته ، ليكشف أغوار تلك العصور المظلمة التى لا يعلم عنها أحد شيئا . وفيها نرى كيف أن التاريخ يكرر نفسه ، و مسلسل الظلم و صناعة " الفرعون " لا تنتهى ، ليصنع بانوراما متخيلة عن حياة الفراعنة قديما فى مدينة الأقصر ببذخ السلطة، وقمعها، وتجاهلها للرعية، ومدىاستفحالها في الضغط على الشعب الذي يكدّ في البحث عن القوت، مع بث رموز إسقاطية على الأنظمة الحاكمة العربية، بما لها وما عليها، ومدى توحّش الفرعون بغية الوصول لأهدافه، وكيف تتآمر السلطة بعضها مع بعض، وبعضها ضد بعض، للحفاظ قدر الإمكان على المكتسبات التي تعود عليها من خير البلاد. تدور أحداث الرواية في فترة الأسرة الحادية عشر من التاريخ الفرعوني فى عصر " الأناتفة " ، أي منذ أن نشبت الحرب ضدّ هيراكليوبوليس، بقيادة الفرعون "واح عنخ أنتف"، والتي ترجع أهميته في التاريخ إلى أنه قاد الحرب التي استمرت 200 عام لإعادة طيبة عاصمة لمصر من جديد.