دعوة للعودة إلى تاريخنا المصري القديم لنستكشف خباياه و عصوره المظلمة و ما تحمله لنا من مفاجأت ، ليكشف لنا الروائى الأقصرى أدهم العبودي ،عن أسرار حياة الفرعون " واح عنخ أنتف "الذى حكم مصر لخمسون عاما ، و تلك الحرب الضارية التى دارت على أرض مصر القديمة ، و كيف كانت حياة أهل طيبة "الطيبيون " فى ذلك الوقت . و ذلك فى حفل إطلاق رواية " الطيبيون" لأدهم العبودى ، الصادرة عن دار الربيع العربى ، بمكتبة البلد مساء أمس ، بحضور الكاتب أشرف الخمايسي و الكاتبة فاطمة ناعوت و محمد متولى صاحب مجموعة " بريود " ، و عدد من الكتاب و المثقفين ، فى حين غاب عن اللقاء الكاتب الكبير بهاء طاهر . الشغف بالتاريخ الفرعونى و قلة الكتابات عنه ، هو ما دفع العبودى لكتابة " الطيبيون " ، ليكشف أغوار تلك العصور المظلمة التى لا يعلم عنها أحد شيئا . سطر فى كتاب دفع بالعبودى لرحلة بحث عن عصر الأناتفة ملوك الأسرة الحادية عشر ، و خاصة ثانى ملوكها " واح عنخ أنتف "الذى خاض حربا ضارية على"هراكليوبوليس" في الشمال لاستعادة حكم البلاد ، ليحكم مصر لنصف قرن من الزمان ، و لم يذكر عنه التاريخ سوى أنه كان شاذ جنسيا يراود خدمه . و تحدث العبودى عن أهمية الكتابات عن فترة الفراعنة و تصديرها للخارج ، مما سيثير فضولهم أكثر للمجئ إلى مصر و التعرف إليها ، لافتا إن التاريخ القديم مظلوم كثيرا فى الأعمال الإبداعية ، و التناول الفنى و المسرحيات . أما عن الجدل الذى قد يثار نتيجة جعل فرعون مصر " شاذ " ، فأكد العبودى أنه لا يخشى الهجوم أو النقد ،و أنه انطلق فى رسم خيوط شخصية الملك من التاريخ و تحديدا موسوعة سليم حسن عن مصر القديمة . و أضاف العبودى أن هذا الملك كان لديه شذوذا فكريا ، و أقام مجازر خلال حكمه للبلاد ، و قام يستحق أمثاله فقد كتب له العبودى نهاية مفجعة ، و عن التماس بين روايته و الحاضر ، قال العبودى أنه متروك للقارئ . " فى برديتى حيث لا نهاية للتاريخ " وبتلك الجملة التى ذكرها العبودى لدى قراءته لجزء من روايته ، أشار أن لكل فرعون برديته الذى يسطر فيها تاريخه الذى يراه دوما عظيما . من جانبه قال أشرف الخمايسى أن العبودى متميز بين جيله ، و أن الأدب هو حياته و إن أصابه الإحباط ، و لكنه يظل متمسكا به ، و أن أدهم يهتم باللغة ، و لديه تلك الملكة ، ولكنه يهيم فى عشق اللغة لدرجة تصل أحيانا للتصنع و الاستعراض . أما عن الكاتب محمد متولى فيرى أن الكتاب الجيد هو من يترك أثر فى قارئه فلا يستطيع بسهولة أن ينتقل لكتاب آخر و يظل متعلقا بتلك الحالة التى خلفها الكتاب فيه ، و هذا ما حدث معه عقب قراءته لرواية " الطيبيون " . الأكثر مبيعا أما عن الروايات الأكثر مبيعا فقال العبودى أن أغلبها روايات إثارة ، و قال العبودى إن الإثارة يمكن أن تدخل فى التاريخ ، كما فعل نجيب محفوظ فى " عبث الأقدار " و إن لم تكن فى الأعلى مبيعا ، و لكنها ستظل رواية درة ، مؤكدا إن الكاتب الذى لا يملك اللغة ، لا يملك شيئا . و تابع العبودى قائلا : يكفينى أن أشعر بفخر ابنى بكتاباتى حينها أشعر أنى أنجزت و تركت بصمتى ، أما الروايات الكثر مبيعا فهى لا تتترك أثر بالإنسان ، لكنى أسعى للرواية التى تترك بصمة ، و أن أكتب شيئا لمجرد أن أدخل فى الأكثر مبيعا سيكون سقطة فى تاريخى ،مضيفا : أستطيع أن أكتب تلك الأشياء فى يوم ، و لكنهم لا يستطيعون أن يكتبوا مثل ما كتبت ، و هذا ليس تعاليا . و قال العبودى عن أحدث روايات أحمد مراد " 1919 "مسروقة ،و كذلك رواية " الفيل الأزرق " مأخوذة من " عفريت الوشم" . و ختم العبودى قائلا أنه من الكتاب الذين يملكون خطة فى الكتابة ، و لديه دوما مشروع يعمل عليه، و اتفق معه الكاتب محمد عبد النبى قائلا من ينتظر الإلهام فلينتظره ، و إن بهذا الشكل يصدأ عقل الكاتب و يصاب بالضمور ، و أكد الكاتب هيدرا جرجس إن مواصلة الكتابة تحافظ على كينونة الكاتب . و علق الخمايسى على معيار الأكثر مبيعا لجيل الشباب قائلا أنها تمثل استفزازا للأجيال السابقة ، و لكنه يرى أنهم قاموا بخطوة هامة بإعادة الكثير من الشباب للقراءة ، و استطاعوا بذلك أن يكونوا أكثر قربا لجيل الشباب ، من جيل الستينات ، و أن على تلك الأجيال استيعاب ما ينقصها للتواصل مع جيل الشباب بتحقيق الموازنة الصعبة بتقديم " الأدب الحقيقى المقروء " ، قائلا : سينجح فقط من يستوعب الدرس . كما لفت الخمايسى أن موقع جود ريدز مثل له و لغيره من الكتاب متنفسا و صلة بالقارئ ، بدلا من عذاب النقاد . من جانبه قال متولى أن الكثير من الكتاب أصابهم الإحباط بسبب معدلات القراءة الضعيفة ،و ما يحدث الآن يعد انفراجة فى عالم الأدب ، فينتظر القراء أدب الشباب الجدد كما ينتظرون ألبوم عمرو دياب الجديد و أفلام المشاهير .