استقبل ولي العهد البريطاني، الأمير تشارلز، في مقره الرسمي بقصر كلارنس، شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، في ثاني أيام زيارته للعاصمة البريطانية، التي شهدت أيضا إلقاءه كلمة في مجلس اللوردات. وأعرب الأمير تشارلز خلال اللقاء، الذي حضره كبير أساقفة كانتربري جستن ويلبي، والسفير المصري ناصر كامل، عن سعادته بلقاء شيخ الأزهر وتقديره له باعتباره أكبر قيادة دينية معتدلة ومؤثرة على المستوى الدولي ونظرا للمكانة الرفيعة التي يتمتع بها الأزهر لدى المسلمين في شتى أنحاء العالم، مشيدا بالدور العظيم الذي يلعبه الأزهر في محاربة الفكر المتطرف، وتوضيح الصورة الحقيقية للدين الإسلامي، باعتباره دينا يدعو للتسامح والسلام. ومن جانبه، استعرض الدكتور أحمد الطيب خلال اللقاء الدور الذي يقوم به الأزهر في نشر الفكر الوسطي المعتدل في جميع أنحاء العالم، وهو الدور الذي يضطلع به الأزهر منذ نشأته منذ أكثر من ألف عام. واستعرض الأمام الأكبر جهود مؤسسة الأزهر في العمل من أجل إقرار السلام وتحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، مشيرا إلى مبادرة بيت العائلة التي يرعاها الأزهر في مصر باعتبارها مؤسسة جامعة لكافة أطياف الشعب المصري. وناقش الأمير تشارلز مع شيخ الأزهر سبل اتخاذ خطوات عملية لتوعية الشباب والأجيال الجديدة من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة في كيفية تقبل الآخر والتسامح بين أصحاب الديانات المختلفة. وفي هذا الإطار، أوضح ولي عهد المملكة المتحدة الجهود التي يقوم به من خلال الجمعيات الخيرية التي يرعاها في محاولات دفع الشباب لتبني الأفكار المعتدلة، وتعليمهم كيفية الاعتزاز بالنفس وبهويتهم. وتطرق الحديث أيضا إلى ذكريات زيارة الأمير تشارلز لمصر في عام 2005 وحصوله على الدكتوراه الفخرية من جامعة الأزهر، تقديرا لجهوده وموقفه من الرسوم المسيئة للإسلام والنبي محمد. وعكس اللقاء فهم الأمير تشارلز لقيم الإسلام وما يحض عليه من حب وآخاء واعتدال وتسامح. وقدم شيخ الأزهر هدية تذكارية في نهاية اللقاء للأمير تشارلز، موجها الشكر لولي عهد بريطانيا على استضافته. ومن جانبه ، شدد السفير ناصر كامل على أهمية زيارة شيخ الأزهر لبريطانيا في هذا التوقيت، والترحاب الكبير الذي استقبله به المسئولون البريطانيون، مشيرا إلى مباحثاته مع رئيس أساقفة كانتربري جستن ويلبي، في إطار الجهد المشترك لإعلاء قيم التفاهم، واتفاقه على مواصلة هذا الحوار من خلال اللجان المشتركة التي تم تنظيمها. ونوه السفير المصري في لندن لمراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط بحجم الفعاليات التي تم تنظيمها، بدءا من استقباله في مجلس اللوردات ولقاءه برئيسة وأعضاء المجلس وإلقاءه خطابا شاملا عن زيارته ركز فيها على قيم الإسلام وما يحض عليه من محبة وعلاقته بالديانات السماوية، والتاريخ المشترك الذي يجمعنا. كان شيخ الأزهر قد ألقى كلمة أمام مجلس اللوردات ظهر اليوم، بحضور رئيسة المجلس وعدد كبير من أعضاء المجلس، تناول فيها تاريخ الأزهر ونشأته منذ أكثر من ألف عام، ورؤية الأزهر الشريف في كيفية الإسهام في نشر السلام والتراحم. ووجه الإمام الأكبر في كلمته رسالة واضحة أكد فيها على أن الإسلام دين يحض على التعارف وتبادل المنافع، مشددا على أن الفكر المتطرف بعيد كل البعد عن الدين الإسلامي. وقال الدكتور أحمد الطيب في اعتقادي أن ما في الإسلام والمسيحية من رسائل الأخوة الدينية كفيل بأن يقيم جسور تفاهم دائم وتقارب متواصل بين المسلمين والمسيحيين في الشرق والغرب إذا نظروا إلى الدينين نظرة موضوعية بعيدة عن طغيان المادة وأطماع السياسات والمتاجرة بقدسيتها. وأكد على أن الأديان السماوية ليست إلا رسالة سلام إلى البشر، مؤكدا على أن الإسلام لا ينظر إلى غير المسلمين من المسيحيين واليهود من منظور العداء والتوتر والصراع، بل من منظور المودة والرحمة والأخوة الإنسانية. وأضاف الإمام الأكبر إن الأزهر يضع على رأس أولوياته في المرحلة الراهنة كشف زيف الفكر المتطرف المنحرف، وانحرافه عن شريعة الإسلام، مشيرا إلى المؤتمر العالمي الذي نظمه الأزهر في ديسمبر الماضي بحضور ممثلي الكنائس الشرقية والأقليات الدينية وعلماء السنة والشيعة أصدروا فيه بيانا في تجريم العنف والتأكيد على حرمة الدماء وبراءة الأديان السماوية من قتل الناس. كما شملت لقاءات شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب اليوم لقاء موسعا في مقر وزارة الخارجية، أدارته وزيرة الدولة البارونة آنيلاي، وحضور نحو 300 دبلوماسي وموظف بالخدمة المدنية البريطانية والمسؤولين عن صنع السياسات الخارجية. ودار خلال اللقاء حوار بين الأمام الأكبر والحضور الكبير حول الموضوعات ذات الاهتمام المشترك التي تطرح نفسها على الساحة الدولية، ورؤية الأزهر لها. وشرح الدكتور أحمد الطيب منهجية مؤسسة الأزهر والنظم التعليمية فيه.