يواصل مقاتلون شيعة التدفق على بلدة سنية في محافظة الأنبار غربي العراق على مقربة من الحدود السعودية في أعقاب تمدد تنظيم "داعش" بالرمادي مركز المحافظة، بحسب ما رصده مراسل الأناضول هناك. وبلدة النخيب الواقعة على بعد 350 كلم جنوب غرب الرمادي مركز محافظة الأنبار عادت للواجهة في وقت سابق هذا الشهر عندما دخل اليها مقاتلون شيعة دون التنسيق مع المسؤولين المحليين السنة وهو ما أثار مخاوف من إلحاقها قسرا بمحافظة كربلاء المجاورة ذات الأكثرية الشيعية والتي تطالب بضمها إليها وتعتبرها جزءا منها لكن السنة يرفضون. وبحسب مراقبين فقد أثار وصول مقاتلين مدعومين من إيران إلى تلك المنطقة التي تبعد 80 كلم عن الحدود السعودية مخاوف الرياض من أن تكون خطوة من جانب طهران لتضييق الخناق عليها خلال الحملة العسكرية التي تقودها ضد الحوثيين في اليمن. وانسحب المقاتلون الشيعة من البلدة آنذاك لكنهم عادوا إليها مرة أخرى بعد سيطرة تنظيم "داعش" على الرمادي هذا الأسبوع، ورحب المسؤولون المحليون بهم هذه المرة خوفا من هجمات محتملة لداعش على المنطقة. وقال مدير ناحية النخيب، إيهاب العيساوي، لوكالة الأناضول، إنهم رحبوا بدخول المقاتلين الشيعة ضمن الحشد الشعبي للمساهمة في تحرير محافظة الأنبار من داعش. وأضاف بالقول: "عندما دخل الحشد قبل فترة إلى النخيب حذرنا من هذه الخطوة وكنا نعتقد بأنهم قادمون لاحتلالها وضمها إلى كربلاء جغرافيا لتكون البلدة درعا للشيعة في كربلاء، لكن الحشد أثبت خلال الايام القليلة الماضية بأنه درع العراق كله وليس الشيعة فقط"، حسب تعبيره. وأشار إلى أن سكان المنطقة سيتطوعون ضمن الحشد الشعبي لمحاربة تنظيم "داعش" لأنه لا يمثل الشيعة فقط بل كل العراق. بدوره قال أحمد الهذال وهو أحد شيوخ العشائر السنية للأناضول إن سكان النخيب اطمأنوا بعد دخول الحشد إلى البلدة للدفاع عنها في وجه هجمات "داعش". ولفت إلى أنهم رفضوا سابقا دخول المقاتلين الشيعة على اعتبار أن قوات الجيش كانت منتشرة فيها، إلا أنها "فرت مع تقدم داعش تاركة وراءها فراغا ملأه مقاتلو الحشد الشعبي". وبشأن الفصائل المنتشرة في البلدة قال الهذال إن "لواء قاسم الجبارين برئاسة محمد الموسوي نائب مجلس كربلاء نشر مقاتليه في البلدة والصحراء المحاذية لحدود الأنبار إضافة إلى سرايا السلام التابعة للتيار الصدري وفصائل أخرى". ورأى الهذال أن الحشد الشعبي لديه القدرة على استعادة المناطق التي سيطر عليها داعش في الرمادي لأنه يدين بالولاء للمرجعية الدينية التي دعتهم لمقاتلة "داعش" وليس مثل أفراد الجيش الذين انخرطوا في المؤسسة العسكرية لتقاضي الراتب فقط. ووصل حتى اليوم الخميس نحو 3600 من مقاتلي الحشد الشعبي إلى البلدة مع استمرار تدفقهم إلى جانب مستشارين إيرانيين، وفق ما رصده مراسل الأناضول. وكذلك تواصل قوات الشرطة العراقية الاحتشاد في البلدة وتكديس العتاد والذخيرة استعدادا لشن هجوم مضاد على مسلحي "داعش". وكان قائد "لواء العباس" وهو من فصائل الحشد الشعبي يتفقد اليوم، مقاتليه في البلدة للتأكد من تأمين احتياجات الجميع لكنه رفض الكشف عن اسمه للأناضول. وأشار في حديث مقتضب للأناضول إلى أن معركة الأنبار بالنسبة لهم ستكون بمثابة نزهة مقارنة بمعارك عنيفة خاضوها في سوريا عندما كانوا يقاتلون إلى جانب قوات النظام السوري وبعد ذلك في بيجي وتكريت العراقيتين. وقال إن فوجين من مقاتليه التحقوا به قادمين من سوريا وإنهم بانتظار ساعة الصفر لشن الهجوم على "داعش". ووجد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي نفسه مضطرا إلى الاستعانة مرة أخرى بالفصائل الشيعية لوقف تقدم تنظيم داعش في غربي البلاد بعد ان احكم التنظيم قبضته على الرمادي الجمعة الماضي وبدأ التقدم تجاه المناطق المحيطة. وأمر العبادي فصائل الحشد الشعبي بالتوجه نحو الأنبار والانتشار في المناطق التي يرجح بأن ستكون في مرمى هجمات داعش. وانهارت الخطوط الدفاعية للقوات العراقية التي كانت يدعمها مقاتلو العشائر السنية امام الهجمات المتواصلة لداعش في الاسابيع الاخيرة. ومنذ اجتياح داعش لشمال وغرب العراق صيف العام الماضي تشكو العشائر السنية من ضعف الامدادات العسكرية التي تصل اليها في الحرب ضد داعش. وفي مقابل ذلك تبدو الفصائل الشيعية أفضل تسليحا وجاهزية نتيجة الدعم التي تلقاه من الحكومة العراقية وايران المجاورة. وشكلت سيطرة داعش على الرمادي ضربة قوية للحملة العسكرية للحكومة العراقية والتحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدةالامريكية والذي يشن غارات جوية ضد المتشددين منذ صيف العام الماضي. وسقطت مدن العراق في غضون ايام قليلة في قبضة داعش صيف العام الماضي لكن استعادة عدد قليل من المراكز الحضرية استغرقت شهورا من المعارك.