قال الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية: إن الإبادة الجماعية وفقا لتعريف اتفاقية الأممالمتحدة لمنع العقاب الصادرة في 9 ديسمبر عام 1948 "هي جريمة دوليه سواء ارتكبت أثناء النزاعات المسلحة أو أثناء السلم ، والمقصود بالإبادة الجماعية هو القصد الخاص في إبادة جزء أو كل من جماعة معينة إما أن تكون الجماعة عرقية أو دينية أو عنصرية أو قومية ". وصحح سلامة ما يتصوره البعض بشأن هذا مفهوم الإبادة بشكل عام، حيث أكد أن المقصود بالإبادة الجماعية ليس الإفناء بشكل، ولكن وفقا لمفهوم الجريمة الوارد بالاتفاقية المشار إليها: فإن الإفناء يشتمل البعض والجزء من الجماعة والذي يمكن أن يتمثل في التخلص من عدد كبير من المفكرين والمثقفين والكتاب وقادة الفكر والرأي للجماعة. وأوضح : أنه لا تقتصر الأنماط التي يقوم بها الجناة لتحقيق القصد الإبادي على مجرد القتل بل يمكن أن تكون هناك أنماط أخرى للإبادة تم حصرها في الاتفاقية المشار إليها ، وضرب مثلا بقيام السلطات التي ترتكب هذه الجريمة بإخضاع الجماعة إلى ظروف معيشية صعبة يستحيل بقاؤها أو إلحاق أذى جسدي خطير بأعضائها وهذان النمطان المشار هما ما يتم توجيههما كاتهامات من قبل البرلمان الأرميني ضد السلطات العثمانية حين ذاك في 1915م وأثناء الحرب العالمية الأولى تحديدا . وأضاف : بالرغم من أن الحكومة التركية الحالية لم تتورط أو تقترف مثل هذه الجرائم - التي مضى عليها أكثر من مائة عام - إلا أنه يقع على عاتقها هذه المسئولية إذ أن جرائم الإبادة الجماعية لا تسقط بالتقادم ، كما أن الحكومة التركية الحالية لا تستطيع التنصل من الجرائم التي ارتكبتها حكومات سابقة ثبت أنها تورطت في جرائم ضد الإنسانية أثناء الحرب العالمية الثانية ،و لفت إلى أنه إذا كان الجناه لم يبق منهم أي شخص يمكن محاكمته جنائيا إلا أن الحكومة التركية بوصفها حكومة الخلف كما الحال بالنسبة للحكومة الألمانية الحالية التي لا تزال تقوم بدفع التعويضات المالية لليهود نتيجة إبادتهم في الحرب العالمية الثانية على أيدي حكومة النازي الألماني هتلر. وأشار سلامة إلى أن المسألة ذاتها تنطبق على التعويضات المالية التي يجب أن تدفعها الحكومة التركية الحالية لأسر الضحايا وعوائلهم، فضلا عن الاعتذار الرسمي كشكل من أشكال الترضية إلى الحكومة الأرمينية الموجودة وهذا أيضا بالإضافة إلى التعويض العيني والذي يتمثل في إعادة الحال إلى ما كان عليه أي إعادة الممتلكات المختلسة من الأرمن سواء الأعيان من بنايات أو متاحف أو كنائس . مشددا على أن الأهم من ذلك كله أن تقوم الحكومة التركية بالتعهد للحكومة الأرمينية الحالية بعدم تكرار مثل هذه الجرائم في المستقبل. ويرد الدكتور أيمن على من يشكك في حدوث مذابح الإبادة الجماعية للأرمن وترديد البعض كونها معارك وأعمال شغب عسكرية بين طرفين متقاتلين قائلا:"إن الحكومة التركية أنشأت في عام 1919 في اسطنبول محكمة جنائية خاصة لمحاكمة القادة العثمانيين الذين تآمروا وحرضوا وساعدوا على ارتكاب الجريمة وقضت تلك المحكمة بعقوبات مختلفة على هؤلاء ومنهم طلعت باشا أحد كبار السلاطين العثمانيين حينئذ، فضلا عن شهادات السفراء والمبعوثين الأجانب الذين رأى بعضهم رؤى العين أو كانوا شهود عيان على المجازر الإبادية التي وقعت وسجلوا وصوروا ووثقوا،بعض هذه الأفعال الإبادية وأرسلوها إلى الأرشيف الخاص بوزارات خارجية دولهم أو سلموها لسفراء بلادهم ومبعوثيهم. وتابع: إن أول كتاب تاريخي يدون الجرائم الإبادية ضد الأرمن لم يكتبه مسيحي ولكن كتبه مسلم سوري، مضيفا إنه سبقت جرائم الإباده الجماعية التي وقعت في عام 1919 إبادة جماعية أخرى ضد الأرمن في عام 1909 في مدينة "أضنه" التركية، الأمر الذي قام على إثره الأزهر الشريف وعلى لسان شيخه الجليل في ذلك الوقت بإصدار بيان رسمي يدين هذه الأحداث المأساوية ،ويهيب بالحكومة العثمانية في الأستانة للحفاظ على دماء أهل الذمة ،واحترام المواثيق الإسلامية التي تحرم دماءهم كما تحريم دماء المسلمين تماما.