نظمت،"اليونيسكو" ومركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي برعاية الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف والدكتور محب الرافعي وزير التربية والتعليم للحوار بين أتباع الأديان والثقافات مؤتمرا اليوم الثلاثاء حول التعليم من أجل المواطنة العالمية في الدول العربية. حضر المؤتمر الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف نيابة عن شيخ الأزهر، والأنبا يوأنس نائبا عن البابا تواضروس، والدكتور حمد بن سيف الهمامى مدير مكتب اليونسكو الإقليمى للتربية. وأكد وزير التربية والتعليم الدكتور محب الرافعي – في كلمة له بالجلسة الافتتاحية - أن التربية هى أساس بناء الوطن وشخصية المواطن فبالتربية تبنى الأمم وبالتربية تنهض الأمم، مضيفا أن التربية هى التى تشكل وعى واتجاهات وقيم المواطن وهى التى تغرس قيم المواطنة بمفهومها الإنسانى الواسع أو ارتباطها بالوطن الذى يعيش فيه المواطن، كجزء أساسى من وطننا العربى، ومن العالم بأسره. وقال إننا نحتاج اليوم فى مصر والوطن العربى والعالم إلى مواطنة إنسانية، عالمية تكسر جمود العنصرية البغيضة وتحرر الإنسان من قيودها التى تدعو إلى التمييز وعدم تقبل الآخر، مضيفا أننا نحتاج إلى هذه المواطنة فى عالم يموج بالتمييز والعنف وعدم تقبل الآخر. وأضاف أن المواطنة ليست مجرد كلمة تعنى الانتماء إلى الوطن، المواطنة مسئولية وشرف لا يمكن بأى حال من الأحوال التهرب منها أو ادعاؤها دون تحمل ما تعنيه من معان كاملة ، مؤكدا أن الولاء للوطن يعنى الولاء للأرض لتعميرها ، وللقوم بالإحسان إليهم، وللقانون الالتزام به ، وللسلطة بعدم الخروج عليها. وأشار الوزير إلى أننا لكى نكون مواطنين حقيقيين علينا أن نقوم بواجبنا تجاه وطننا، ومن أول تلك الواجبات الحفاظ على أمنه واستقراره ومكتسباته ، علينا أن نثبت أننا نستحق هذا الوطن، وما فعله من أجلنا عبر عقود ممتدة من الزمن. وأضاف الوزير أن الوطن العربى يحتاج أكثر من أى وقت مضى إلى جهودنا وعزائمنا، لإعادة بناء شخصية الإنسان العربى، وإعادة تشكيل ثقافته، بما يتواءم مع عادتنا وقيمنا وأخلاقنا من ناحية، وبما يتناسب مع مستجدات العصر الذى نعيشه وسيطرة العولمة عليه من ناحية أخرى. وأضاف أن المواطنة تقتضى المسئولية ، والمسئولية تقتضى الوطنية، والوطنية تقتضى العمل وإرضاء الضمير، مشيرا إلى أن المدرسة تنفرد عن غيرها بمسئولية كبيرة فى غرس الشعور بالمواطنة ، وتشكيل شخصية المواطن وذلك من خلال كل ما يتصل ويتعلق بالعملية التربوية من مناهج ومقررات دراسية ، وهو ما يجعل من المواطنة موضع التقاء لكل التوجهات والأفكار والآراء التى تعكس التعددية الثقافية والفكرية فى المجتمع ، وهو ما يكون له دور فى نشر ثقافة السلام والالتزام بمبادئ العدل والتسامح والاحترام بين أفراد المجتمع، وله دور كبير فى ترسيخ حب الوطن والانتماء إليه لدى الطلاب. ونوه الوزير إلى أن مناهجنا التعليمية فى مصر تؤكد على المواطنة فى كافة مراحل التعليم العام، إيمانا منا بأهمية تنمية مفاهيم المواطنة والسلام والتسامح ونبذ العنف والعيش المشترك كأساس لتنمية المواطنة العالمية. وقدم الوزير الشكر خلال المؤتمر للدكتور حمد بن سيف الهمامى مدير مكتب اليونسكو الإقليمى للتربية ولجميع القائمين على هذا المؤتمر. من جانبه ، قال د.محيي الدين عفيفي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر - في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر – إن الدين الإسلامي جاء بالرحمة والسماحة وثقافة التعايش السلمي انطلاقا من الوحدة الإنسانية، كما أن الإسلام هو أول من دعا إلى المواطنة العالمية حينما جاء النبي ليرسخ هذه المفاهيم. وأضاف أن المؤتمر سيتناول على مدار يومين عدة محاور على رأسها التربية على المواطنة العالمية والتربية على تعدد الأديان والثقافات ومهارات التربية على المواطنة العالمية وغيرها من الموضوعات التي ترسخ للوعي في ظل انتشار الأفكار المتطرفة والجماعات التكفيرية. بدوره ، قال الدكتور حمد بن سيف الهمامي مدير مكتب اليونسكو الإقليمي للتربية في الدول العربية إن "إدخال مفهوم التعليم من أجل المواطنة العالمية إلى المنطقة العربية يشكل خطوة كبيرة نحو الحداثة، إضافة إلى كون هذا المفهوم عنصرا أساسيا لتحقيق التنمية المستدامة". وأوضح أن التعليم من أجل المواطنة يشكل أحد المجالات الاستراتيجية التي يتمحور حولها برنامج التربية لليونسكو (2014-2017) وأحد الأولويات الثلاث التي أعلن عنها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في مبادرة "التعليم أولا"، والتي أطلقها في سبتمبر 2012. وأكد أن هذا النوع من التعليم يهدف إلى تزويد المتعلمين من مختلف الأعمار بالقيم، والمعرفة، والمهارات المطلوبة ليمارسوا دورهم كمواطنين عالميين، يعوا حقوقهم وواجباتهم، ويعملوا معا من أجل عالم أفضل للجميع. ويدعم مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار إطار التعليم من أجل المواطنة العالمية من خلال توفير المصادر والأدوات والخبرات في مجال التعليم بين الأديان والحوار. وإضافة إلى برنامج التعليم بين الأديان، يعمل المركز على تطوير أدوات للتعليم الافتراضي ومواد تدريسية، ومنها مقرّر المركز من أجل الحوار بين الأديان والثقافات، وهو حصّة جامعية افتراضية أولى ورائدة حول الحوار الديني وهي معتمدة حاليا في أكثر من جامعة على مستوى العالم. ومن جانبه ، أكد فهد أبو النصر رئيس فريق العمل لمركز الملك عبد الله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في كلمته بالجلسة الافتتاحية إن التكنولوجيا والتواصل هو سبب في ازدياد الترابط بين الناس بعضهم ببعض. وقال إن مركز الملك عبد الله يقوم على أساس تعزيز المواطنة بين الناس على اختلاف جنسياتهم وأفكارهم ودياناتهم واحترام الآخر مهما كان فكره. وأضاف أن الحوار جزء أساسي في تعليم النشء على تربية المواطنة ودور المواطنين في الحوار البناء بين بعضهم البعض، كما أن الحوار يزيد التفاهم بين الناس لالتقاء الأفكار لأن ما يجمع أكثر مما يفرق....مؤكدا ضرورة العمل على تطوير المناهج الدراسية بما تسق مع هذه القيم والمبادئ. وفي كلمته ، أكد الدكتورعباس شومان وكيل الأزهر أن الأزهر يدافع عن الإسلام من المخربين، وأن الإسلام هو أول من ربى الإنسان على قيم المواطنة، وأنه لمن الخطأ الشديد أن يعتقد أتباع أي دين، أنهم أصحاب الأرض وأحق بالبقاء عليها، وهذا خطأ شديد.