جزيرة "قرقنة" القريبة من صفاقس(جنوبي تونس) تمثل المكان الوحيد في العالم الذي يحق فيه للأشخاص امتلاك "قطعة بحر" بالوثائق القانونية والتقسيمات الحدودية، حيث يباع البحر ويُشترى أو يؤجر في مزادات علنية تماما مثلما يحدث في البر. جزيرة "قرقنة" يعرفها التونسيون بالقادة النقابيين الذين أنجبتهم، ومنهم فرحات حشاد مؤسس الاتحاد العام التونسي للشغل (المنظمة نقابية الأكبر بالبلاد)، والحبيب عاشور الذي قاد الاتحاد سنوات طويلة واصطدم مع الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة خلال الإضراب العام الذي دعا له في 26 يناير كانون ثان 1978 بالإضافة إلى علي بن رمضان. وتتبع جزيرة "قرقنة" محافظة صفاقس، وتبعد عن سواحل مدينة صفاقس مسافة 20 كلم، وتمتد من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي على مسافة 35 كلم، ولا يتجاوز عرضها 5 كلم. ويعود امتلاك البحر بجزيرة "قرقنة" لآلاف السنين بحسب أستاذ التاريخ بجامعة صفاقس، عبد الحميد الفهري. وقال الفهري للأناضول: "هناك نصوص تعود إلى القرن الثاني الميلادي خلال الوجود الروماني تتحدث عن الصيد بالحواجز البحرية بجزيرة جربة وجزر الكنايس وجزيرة قرقنة والشابة واللوزة، وهو ما يؤكد وجود التقسيمات والأملاك البحرية في تلك الفترة". وأضاف "لدينا إشارات كافية تعود إلى القرن ال12 والقرنين ال15 وال16 تؤكد وقوع هجوم لأهالي البر على جزيرة قرقنة للاستيلاء على الممتلكات البحرية ما أدى لتشكي الأهالي للباي (مراد الثاني حكم من 1662 إلى 1675) سنة 1662 ليأمر بتحويل ما تعارف عليه أهالي جزيرة قرقنة بالملكية البحرية إلى ملكية مثبتة معترف بها لدى السلطة آنذاك، فأصبحت العائلات منذ ذلك التاريخ تقوم بتسجيل ممتلكاتها البحرية تماما مثلما تسجل ممتلكاتها من الأراضي في البر وتسمى وثيقة الملكية الشرفية". وأوضح أن تسمية "الشرفية" أطلقت على تلك الوثيقة باعتبارها "شرف للعائلة المالكة".