عددهم يقدر بنحو 50 ألفا لاجئ.. هم مواطنون نيجيريون تركوا وراءهم كل شيء وفروا باتّجاه الكاميرون، هاربين من بطش وفظاعات تنظيم بوكو حرام في المنطقة.. منهم من توجّه رأسا إلى مخيم "ميناواو" على الحدود بين البلدين، ومنهم من اختار اللّجوء لدى أسر أو أصدقاء كاميرونيين، في انتظار غد لا أحد يدرك ما سيحمله معه من مستجدّات، في خضمّ رحلة بلا نهاية. "تيميتوب آلبي"، سيدة في ال 34 من عمرها، تقيم بمدينة "موبي" النيجيرية، تحدّثت لوكالة "الأناضول" للأنباء عن تفاصيل الانتهاكات التي طالتها من المجموعة المسلّحة، قائلة: "لقد اقتحمت عناصر بوكو حرام منزلنا، وقتلوا زوجي، وهشّموا جهاز التلفزيون، ونهبوا الأموال القليلة التي كان زوجي يربحها من تجارته البسيطة، وتوعدونا بأنهم سيعودون للنيل ممّا تبقّى.. وأمام هول ما حدث، فررت رفقة أبنائي خوفا من خسارتهم على أيدي هؤلاء المقاتلين". "كانت الطرقات مراقبة من قبل المتشدّدينا"، تتابع تيميتوب"، ف "كان أن مشينا في الغابة لأيام عديدة، بل أمضينا أكثر من أسبوعين ونحن على ذلك الحال، قبل أن نصل صدفة، في يوم من الأيام، إلى طريق مؤدية إلى إحدى القرى، وباستفسارنا عن المكان، علمنا أننا في الكاميرون، فعرفت حينها أننا نجونا". وبدخولها الكاميرون، انضمّت السيدة النيجيرية إلى حشد من اللاجئين، قبل أن يواصل الموكب السير على الأقدام لأيام متتالية، ليصل أخيرا إلى بلدة "مورا"، والتي تم تحويلها إلى موقع "ميناواو" من قبل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة لمنظمة الأممالمتحدة. وحسب إحصائيات حصلت عليها الأناضول من مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بماروا، عاصمة منطقة أقصى الشمال الكاميروني، الواقعة على الحدود مع نيجيريا، قدّرت السلطات الإدارية الكاميرونية عدد اللاجئين النيجيريين القاطنين بالكاميرون ب 49 ألفا و 813 لاجئا. وبالنسبة ل "جون ماري أوونو"، المنسق المحلي لمكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بماروا، فإنّ 29 ألف و 682 لاجئا من بين هؤولاء اللاجئين يوجدون حاليا بموقع "ميناواو"، حيث وفرت المفوضية مخيما مجهزا للاجئين، في المنطقة التي تقع في أقصى الشمال، مضيفا أنّ "عدد اللاجئين تضاعف في "ميناواو" في غضون ثلاثة شهور، اذ لم يكن لدينا سوى 13 ألف لاجئ نهاية شهر سبتمبر/ أيلول الماضي." ولا يتمنى عدد من الللاجئين الذين لديهم عائلات وأصدقاء في الكاميرون العيش في مخيم "ميناواو"، على غرار "صاندي أوشوكوو"، الذي أكد أنه كان تاجرا ويجني أرباحا هامة، قبل أن "تنغص بوكو حرام" حياته، على حد تعبيره. ويتابع "أوشوكو" القاطن في "غووزا"، شمال شرقي نيجيريا، في تصريح للأناضول، أنّ "مقاتلي بوكو حرام ينتقلون من منزل إلى آخر لتجنيد جميع الرجال قسرا، ويتم الإجهاز على على كل من يرفض الامتثال لأوامرهم. لقد تركت كل شيء ورائي، وتم إيوائي أنا وعائلتي من قبل بعض الأقارب، كما أنّي حزين جدا لأنني بعيد عن منزلي.. أشعر بالعجز، لكن هذا أفضل بالنسبة لي، فلو أرغمني هؤلاء الإرهابيون على الانضمام اليهم لإجباري على قتل إخوتي، لكنت أكثر حزنا." من جهتها، قالت "حبيبة ماشورو"، وهي أيضا من اللاجئين النيجيريين الفارين إلى الكاميرون هربا من فظائع "بوكو حرام"، للأناضول: "أنا مرتاحة قليلا، لقد تلقيت أخبارا عن بعض أفراد عائلتي تفيد بأنهم تمكنوا من الوصول إلى الكاميرون.. هم الآن عالقون في الحدود مع عشرات من الأشخاص الآخرين، لكن، للأسف فإن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لا تقدر على الذهاب للبحث عنهم هناك." وأقرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن فرقها لم تتمكن من النفاذ إلى بعض المناطق الحدودية التي تم الإبلاغ عن وجود لاجئين فيها، وذلك جرّاء الوضع الأمني المتقلّب في منطقة أقصى الشمال، بسبب مقاتلي بوكو حرام الذين يواصلون شن هجمات على المناطق الحدودية. وتنصح السلطات بالتزام الحيطة والحذر والامتثال للتدابير الأمنية التي تم توخيها. ويواصل عدد من اللاجئين الذين ينتظرون إعادة تموقعهم بميناواو، من خلال بعض المواقع المغلقة بسبب انعدام الأمن، التوافد على الملجإ بشكل عفوي. ووصل 798 لاجئا على سبيل المثال إلى ميناواو بأساليبهم الخاصة، في الفترة المتراوحة بين 19 و25 يناير /كانون الثاني من العام الجاري. وفي ختام حديثها، عادت " تيميتوب آلبي" لتقول: "لن أعود إلى منزلي مادامت جماعة بوكو حرام متواجدة هناك. أنا أدعو وأصلي كل يوم راجية أن ننجح في إبادة هؤلاء الإرهابيين. أعرف أنّ كلّ هذا لن يعيد زوجي للحياة، لكن على الأقلّ سيجنّب العديد من الأبرياء الآخرين القتل والتشرّد".