لفت الدكتور محمد كمال إمام، المستشار الأسبق لشيخ الأزهر، إلى أن فكرة التجديد القانونى لدراسة الشريعة الإسلامية، تتطلب منا الدراسة المتأنية لما قدمه رواد الفقه. وأضاف إمام في ندوة "التجديد القانونى فى دراسة الشريعة الإسلامية" التي أقيمت بالقاعة الرئيسية بمعرض القاهرة للكتاب، تمنينا لو أن محاضرات الإمام "محمد عبده" كانت جزء من تراثه الموجود وليست المفقود، لأنها تعطينا حقيقة واقعية عن الصدام فى هذا الوقت، وعن واقع التجديد الذى نحن بحاجة إليه فى واقعنا الحالى. وأشار إمام إلى أن حركة التجديد القانونى فى مصر، في عهد اسماعيل باشا، اعتمدت على بيرم الخامس الذى يحكى فى كتابه انه تم تحويل بعض القوانين التى أتت من الغرب إليه، ليرى مدى ملائمتها لأحكام القانون الإسلامى ، الامر الذى اعترض علية بعض القانونيين المصريين. وقال إمام إن حركة التجديد لم تقتصر على الشريعة فقط ولكنها انتشرت لتشمل الفن والثقافة والعلوم المختلفة. وأوضح أن الدولة الحديثة فى مصر نشأت على قوتين أولها قوة الجيش، والقوة الثانية هو الموائمة بين حركات النهضة. أضاف: فى أواخر الأربعينيات بدأت حركة تراجع واضحة فى هاتين القوتين على جميع المجالات. وتحدث الدكتور محمد الشحات الجندى، أستاذ الشريعة بحقوق حلوان عن انحسار دور الشريعة الإسلامية بمصر فى قضايا الأحوال الشخصية كالزواج والطلاق والمواريث، وقال إن السبب في ذلك يرجع إلى القانون الفرنسى والإنجليزى الوافد إلى مصر. ولفت إلى أن عبد الرازق السنهورى، أخذ من الشريعة الإسلامية لصياغة القانون المدنى عام 1948، مضيفًا أنه لا يوجد به شىء يخالف الشريعة إلا أمرين، الأول ما يتعلق بتحديد نسبة الفائدة، والأمر الآخر هو تحرير عقود الغرر التى تعد شكلاً من أشكال المقامرة. ورفض محمد الشحات الجندى الفكرة التي تقول بأن الشريعة الإسلامية لا تناسب العصر الذى نعيشه، قائلا : أن الشريعة تتضمن أمرين وهما النص كالقرآن والسنة، ثم العقل الذى يفتح باب الاجتهاد كمصدر من مصادر الشريعة، التى تساعد على تطوير المجتمع، وهذا يدل على أن الشريعة ليست بجامدة وأنها تتيح الاجتهاد والتفكير. ودحض حجة المتشددين التي تقول أن فتح باب الرأي والاجتهاد يساهم في التلاعب بالنص القرآني، ليصدروا بذلك دينا بعيدًا عن النص لأجيال متعاقبة، بالرغم من تغير الظروف في الوقت الحالي عما كان في الماضي. وهو ما يحتاج إلى اجتهاد يلبي حاجة المجتمعات الحديثة، وما يعني انغلاقا على فكر قديم كانت له أسبابه ومبرراته في الزمن الماضي، مؤكدا على أنه لا أحد يملك حق احتكار فهم النص الديني، أما إذا تصادم النص مع العقل فستكون هناك إشكالية حلها الأول محاولة التوفيق بين العقل والنص لتفسير النص بصورة عقلانية دون الخروج عن النص بنسبة كبيرة، أما إذا كانت هناك مصلحة عامة للمجتمع إذا أعملنا العقل على حساب النص فسيكون من الواجب أن نلجأ للعقل. وأكد الشحات الجندى، أن الاجتهاد يكفل لنا تطوير الأنظمة والقوانين وفقا للشريعة الإسلامية، وليس كما يقول البعض أن الشريعة الإسلامية شريعة جامدة. وأشار إلى أن وجود المحاكم المختلطة من قضاة مصريين وأجانب خلال فترة حكم الخديوى اسماعيل فى مصر، كان على حساب الشريعة الإسلامية، لافتا إلى أن الشريعة الإسلامية انحصرت فى قوانين الأحوال الشخصية، واستيراد كثيرا من القوانين الغربية جعل تأثير القانون الفرنسى فى مصر يعد أكبر من تأثير القانون البريطانى، لافتا إلى أن أحد الأساتذة الفرنسيين قال إننا احتللنا مصر بالسلاح ولكننا كنا نريد أن نحتلها بالقانون؛ أى نطبق عليها القانون الفرنسى. وطالب الجندى برفض استيراد القوانين من الدول الغربية، موضحا أن الشريعة الإسلامية تتضمن نصوصا ثابتة لا يمكن تغييرها مثل العبادات، كما أن العدالة الاقتصادية تحققها الشريعة عن طريق تطبيق نظام الإسلام المالى. وشدد على أن الشريعة الإسلامية أحد أهم الأنظمة القانونية فى العالم بجانب الفرنسى والشيوعى والإنجليزى، ولهذا وضعت محكمة العدل الدولية شرط انضمام قاضى مسلم من ضمن أعضائها، مثل الدكتور محمد العريان والدكتور فؤاد رياض خبراء القانون المصريين وغيرهم من الدول الإسلامية. وتابع: إن مجلس وزراء العدل العرب قام بتشريع قوانين تتفق مع الشريعة الإسلامية، ليتم تطبيقها فى الدول العربية كقانون موحد للأحوال الشخصية والعقوبات والمدنى، ولكنها لم تنفذ. وبين الدكتور الشحات الجندي أهمية التجديد القانوني، باعتبار أن القانون هو الذي يحمى المجتمع وينظم العلاقة بين الناس، وبين الحاكم والمحكوم، والدولة وغيرها من الدول.