ألقي الرئيس عبد الفتاح السيسي كلمة اليوم الخميس خلال مشاركته في المنتدى الإقتصادي العالمي بدافوس في سويسرا. وفيما يلي نص الكلمة:. قال السيسي "أود في البداية أن أعرب عن شكري للبروفيسور شواب، لما تمثله دعوته لي للحديث إليكم من تقدير لمصر والمصريين، كما أعرب عن اعتزازي لانتمائي إلى بلد ساهم عبر التاريخ في بناء الحضارة الإنسانية، ولا يزال يواصل العطاء للبشرية بفضل ما منحه الخالق من هبات في مقدمتها شعب مصر الذي لا تزيده المصاعب إلا عزما وتصميما على اجتيازها ولا تمنعه التحديات الجسيمة عن خوض غمارها والخروج منها مكللا بالنصر ومتواضعا في فخر". وأضاف أن الصعاب والتحديات التي أشير إليها ليست مجازية أو من قبيل المبالغة ولكنها حاضرة وضاغطة على كاهل الشعب المصري الذي يواجهها بكل شجاعة، بل أزيد أنها لم ولن تمنعه يوما من أن يطمح في ذات الوقت إلى مستقبل أفضل لذاته ولأمته العربية وللعالم ككل، فالتاريخ القريب يشهد قدرة وحكمة ووعي شعب مصر الذي أزال حكم الفرد عندما تجاوز الشرعية، ولم يتردد في نزع الشرعية ذاتها عمن أرادوا أن يستأثروا بها وأن يسخروها لتطويع الهوية المصرية والانحراف بها عن سماتها التاريخية من تنوع وإبداع وانفتاح على العالم. وتابع "لابد لي هنا من الإشارة إلى ضرورة التعويل على وعي الشعوب والإنصات إلى صوتها فتلك الملايين التي فاجأت العالم في ميادين فرنسا بالأمس القريب إنما هي امتداد للملايين التي فاضت بها ساحات مصر منذ عام ونصف تقريبا، إن المعركة واحدة ونفس الإرهاب يحاربنا لفرض رؤيته لأنه يرى فينا جميعا نقيضه دون تفرقة على أساس العرق أو الديانة فالدماء التي يريقها الإرهاب في مصر والعراق وسوريا وليبيا وفي نيجيريا ومالي وكندا وفرنسا ولبنان كلها نفس اللون، ومن ثم فلابد وأن تتضافر جهودنا جميعا للقضاء على تلك الآفة أينما وجدت من خلال التعامل الشامل مع كافة مكوناتها، ولو اختلفت مسمياتها وأن نتصدى لها بالتعامل الواعي مع الاعتبارات السياسية التي أفردت لها مساحة للنفاذ إلى مجتمعاتنا بالإضافة إلى تعاوننا فكريا وثقافيا وامنيا فضلا عن تكثيف تبادل المعلومات بيننا وحرمان المنظمات الإرهابية من استغلال أدوات التواصل الاجتماعي وشبكة المعلومات لنشر دعوات الكراهية والاستقطاب لبعض بدعاوى دينية مغلوطة تستغل حسن نوايا وبعض العناصر المحبطة". وأضاف أؤكد وبكل حسم على أنه لا ينبغي أن يؤخذ الإسلام السمح، بقيمه السامية وأكثر من مليار مسلم، بحفنة من المجرمين القتلة، فإنه يتعين علينا أيضا كمسلمين أن نصلح من أنفسنا وأن نراجع ذاتنا لكي لا نسمح لقلة بتشويه تاريخنا وبالإساءة إلى حاضرنا وتهديد مستقبلنا، بناء على فهم خاطئ وانطلاقا من تفسير قاصر. أفاد أنه علينا كعالم متحضر وبنفس قدر تطابق رؤية شعوبنا لمصلحتها في القضاء على ما يمثله الإرهاب من تهديد، أن نتحلى بالاحترام والتقدير المتبادل لتنوع معتقداتنا ومقدساتنا، وأن نترفع عن الانزلاق نحو التشاحن والإيذاء الذي يستغله المغرضون للترويج لأهدافهم الشريرة وللإيحاء بوجود فجوة وصراع حتمي فيما بيننا" وتابع "لا تقتصر المصاعب والتحديات التي نواجهها في مصر على الإرهاب ولن تثنينا معركتنا معه عن تحقيق طموحاتنا الأساسية التي ثار من أجلها المصريون، فبناء مؤسسات الدولة المدنية الحديثة سوف يستمر، وبعد إنجاز الدستور وإقراره ثم إجراء الانتخابات الرئاسية سيستكمل الشعب المصري مراحل خريطة المستقبل باختيار ممثليه في مجلس النواب والذي نتطلع جميعا إلى دوره المنتظر في وضع تشريعات وقوانين تترجم العقد الاجتماعي الذي تضمنه الدستور بما يضمن حصول الأفراد على حقوقهم وأدائهم لواجباتهم ويوازن بين احترام حرياتهم وبين المسئولية التي يتحملونها في ظل سيادة القانون وتساوى الجميع أمامه بغض النظر عن الجنس أو العقيدة". واستكمل حديثة، قائلا كما نتطلع أيضا إلى ممارسة نواب الشعب المصري لدورهم في الرقابة والتشريع على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم السياسية التي يعبر تباين الأفكار فيما بينها عن التنافس من اجل الوطن وليس الاختلاف على الوطن، كما يتواكب مع كل ذلك عمل جاد ومتواصل لاستيفاء متطلبات ثورتي مصر، في إطار رؤية تنموية شاملة للتحديث الاقتصادي والاجتماعي، تهدف إلى الانطلاق نحو آفاق رحبة تؤمن حصول المصريين على حقوقهم في العمل وفى الحياة الكريمة من خلال استخدام الإمكانيات الهائلة للاقتصاد المصري لثرواته المتعددة وعلى رأسها الثروة البشرية وطاقات شبابه الذين يمثلون ما يقرب من ثلثي عدد السكان ويتطلب تنفيذ تلك الرؤية دعم دور القطاع الخاص وتشجيع وجذب الاستثمار وتذليل العقبات حتى ينهض القطاع الخاص بدوره كقاطرة للتنمية في سياق من المسئولية الاجتماعية مع قيام الدولة ومؤسساتها بضبط المناخ وتهيئة للتنمية الشاملة والمستدامة وأداء مهامها التنظيمية والرقابية على مستوى السياسات والتشريعات مع تعزيز فرص المشاركة بين القطاعين العام والخاص في المشروعات التنموية وضمان الحماية للفئات الأكثر احتياجا. وأضاف "لقد انطلقت جهودنا لتحقيق تلك الرؤية من تعديد الثقة في الأداء الاقتصادي المصري وفي قدرة الحكومة والتزامها بتطبيق سياسات وبرمج تهدف إلى تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة واستمرارها في التصدي للمشاكل الهيكلية التي طالما عانى منها الاقتصاد والجهود التي ترتكز على المحاور الرئيسية الآتية. المحور الأول ، تحقيق سياسة مالية رشيدة من خلال اتخاذ خطوات جريئة لخفض الدعم المقدم لقطاع الطاقة تدريجيا لحماية محدودي الدخل والفئات الأكثر احتياجا وتحسين أداء النظام الضريبي وخفض نسبة عجز الموازنة والدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي، وبالتوازي مع ذلك يتم إتباع سياسة نقدية تلتزم بتخفيض معدلات التضخم. المحور الثاني، معاجلة كافة العقبات التي طالما أعاقت استثمارات القطاع الخاص وتسوية النزاعات القائمة بين الدولة والمستثمرين المحليين والأجانب، فضلا عن طرح قوانين تضمن فرصا متكافئة لجميع المستثمرين وتعزز الشفافية والعدالة، وتطبيق القانون لاسيما فيما يتعلق بالمنافسة والتمويل الصغير وإعداد قانون الاستثمار الموحد وتبسيط الإجراءات من خلال تطبيق نظام الشباك الواحد وهي عملية مستمرة تهدف لإرساء بيئة استثمارية جاذبة ومتميزة تسهم في التنمية الشاملة للارتقاء بمعدل النمو إلى 7 % وخفض معدل البطالة إلى 10% بحلول عام 2020. المحور الثالث، التعامل مع الآثار الاقتصادية والاجتماعية السلبية الناتجة عن سياسات الإصلاح الاقتصادي من خلال العمل على تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة والعدالة الاجتماعية، ولتحقيق ذلك نسعى لتوفير المزيد من فرص العمل باعتبارها حقا لا ينبغي التغاضي عنه، من خلال التوسع في المشروعات الصغيرة والمتوسطة مع توجيه اهتمام خاص للشباب والمرأة وزيادة المخصصات المالية لقطاعي الصحة والتعليم والبحث العلمي لتصل إلى 10% من الناتج المحلي. المحور الرابع، تحسين وتطوير البنية الأساسية في قطاعات النقل والمواصلات من خلال توفير المزيد من المخصصات للاستثمار في هذه المجالات على أن يتم تمويل شق منها عن طريق الموازنة العامة للدولة وشق آخر من خلال التعاون مع شركاء التنمية وحث الصناديق السيادية على الاستثمار فيها بالإضافة إلى تطوير آليات المشاركة بين القطاعين العام والخاص لتخفيف عبء تمويل مشروعات البنية الأساسية وتحقيق المشاركة المجتمعية في بناء مصر المستقبل. المحور الخامس، تحقيق الإصلاح المؤسسي من خلال تعديل القوانين المنظمة للعلاقة بين الحكومة والقطاع الخاص وقوانين مكافحة الفساد وإعادة هيكلة نظام المعاشات. وأوضح "على المستوى العملي لابد من التطرق إلى المشروعات القومية الطموحة التي توفر فرصا واعدة للمستثمرين ومن أمثلتها مشروع ازدواج المجرى الملاحي لقناة السويس ولاسيما مرحلته الثانية التي تقوم على تطوير محور القناة وفتح باب الاستثمارات للخدمات اللوجستية والصناعية على محور القناة والتي تنطوي على إمكانات عديدة للقطاع الخاص للاستثمار ، والاستفادة من موقع مصر الاستراتيجي كنقطة ارتكاز بين أفريقيا وأوروبا وآسيا فضلا عن ذلك فقد بدأت المرحلة الأولى من مشروع استصلاح نحو مليون فدان وتجهيزها للزراعة، وصدر قانون الثروة المعدنية الذي بث روحا جديدة في قطاع التعدين عزز منه التقدم الملموس في سداد متأخرات الشركاء الأجانب، صاحب ذلك كله تعديل أسعار الوقود مما يحفز عمليات البحث والتنقيب عن الغاز والبترول، الأمر الذي بدا جليا في إعلان شركات كبرى عن خطط تهدف إلى الاستثمار بقطاع الغاز والنفط رغم الهبوط الحاد الذي تشهده أسعار النفط في الأسواق العالمية.. ولا يخفى عليكم أن التنوع الذي يميز الاقتصاد المصري يضمن التفاعل المثمر مع تطلعات كافة المستثمرين على مستوى المشروعات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة على السواء وفي مختلف القطاعات كالزراعة والصناعة والخدمات. وعقب انتهاء الرئيس السيسى من إلقاء كلمته التي قوبلت بترحيب كبير من قبل المشاركين في أعمال الجلسة الخاصة لمنتدى دافوس الاقتصادي، أجرى الرئيس حوارا أجاب فيه على عدد من الأسئلة التي وجهت إليه.. أكد الرئيس في رده على سؤال، أن شباب مصر هم أمل مصر، والشباب يمثل نسبة ثلثي الشعب المصري تقريبا، أي أن ثلثي الشعب المصري أقل من أربعين سنة فما دون، وأشار إلى أن الشباب مصر كانوا من أطلق شرارة التغيير في 25 يناير، ونوه إلى حرصه الكبير على أن يكون المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي فيه حظ كبير لهذا الحجم الكبير من الشباب، وقال "إننا نشجع القوى السياسية والأحزاب السياسية في مصر على ضم الشباب إليهم، موضحا أنه على مستوى الرئاسة تقريبا كل المجالس التخصصية الموجودة أكثر من 50% منها شباب وامرأة، ونحاول في وقت قليل جدا إعداد الشباب ليتبوأ المناصب المختلفة في الدولة ، لأنهم مستقبل مصر ودورهم كبير فيها. وعلى المستوى الاقتصادي، قال الرئيس إن وجودنا في دافوس لكي نقول لكل العالم من خلالكم، إننا نحتاج استثماراتكم ونرحب بكم في مصر للعمل، وهدف ذلك كله إيجاد فرص عمل لهذا الشباب، مضيفا "إن هناك بطالة بالملايين في مصر ، ولن نتغلب على هذه المصاعب إلا بإيجاد فرص عمل حقيقية لهذا الشباب"، وأكد اتخاذ مجموعة إجراءات اقتصادية "محفزة جدا وواعدة جدا لكل المستثمرين المصريين والأجانب للعمل والاستثمار في مصر" ، وبالإضافة إلى ذلك نبذل جهدا كبيرا جدا في إعداد وتأهيل الشباب ، حتى تتوفر لهم فرص عمل من خلال إعدادهم وتجهيزهم في مراكز تدريب فني تتلاءم مع الوظائف وسبل العمل المتاحة خلال هذه المرحلة، سواء كان في مصر أو خارج مصر ، وأشار إلى أن الشباب خلال السنوات الماضية كانوا مهمشين، وهذا لن يحدث خلال المرحلة الحالية والقادمة. وأكد الرئيس السيسي في رده على سؤل إن سماحة الإسلام لم تكن واضحة للعالم خلال السنوات الطويلة الماضية، مضيفا إننا نريد تنقية الخطاب الديني من الأفكار المغلوطة التي أدت إلى التطرف والإرهاب، وهذا يقوم به علماء الأزهر وعلماء الدين المهتمين بالإسلام وبحال الإسلام والمسلمين أمام العالم، موضحا أنه لا يقصد الثوابت الدينية، ولكن الخطاب الديني الذي يتعامل مع الواقع والتطور الإنساني، فثوابت العقيدة لا أحد يتكلم فيها. وقال الرئيس "العالم كله لابد أن يتوقف ويراجع كثيرا من النقاط التي من الممكن أن تستفز أحيانا تستفز مشاعر الآخرين، وإذا كنا نتكلم على خطاب ديني جيد لابد من وجود بيئة إنسانية راقية للتعامل بيننا وبين بعضنا البعض، نحترم من خلالها ثقافات وديانات بعضنا البعض". وبشأن الانتخابات البرلمانية المقبلة وكيفية استخدام قوة الدفع الديمقراطية في مصر لتعزيز التضمين والدمج الاجتماعي وكذلك التكامل والتماسك ، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن الجماعة الوطنية في مصر وضعت خارطة طريق كانت تستهدف الدستور الذي تم إنجازه بنجاح، ثم الانتخابات الرئاسية التي تم انجازها بنجاح أيضال، فيما لم يتبق إلا انتخابات البرلمان، والتي ستجرى في مارس القادم، حتى يقوم بدوره في الرقابة والتشريع ومراجعة القوانين في إطار الدستور الجديد، وأكد إننا جادون في مصر على إقامة حياة ديمقراطية حقيقية يشارك فيها كل المصريين. وبشأن موقف مصر عقب توليه وقف إطلاق النار في غزة، قال السيسي إن مصر كان لها دور محوري دائما وكانت هي الدولة الأولى التي خطت خطوات جادة نحو السلام في الشرق الأوسط مع إسرائيل، وأكد أن تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين سيخلق واقعا جديدا في المنطقة. وتابع الرئيس يقول إن مصر ستظل تقوم بدروها وتبذل كل جهودها وتشجع على إقرار سلام حقيقي وإقامة دولة فلسطينية على الأراضي التي تم احتلالها عام 1967 وعاصمتها القدس، وأضاف "نحن مستعدون والعالم العربي للنظر في كل الأفكار التي تشجع وتؤمن الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني على الإقدام على هذه الخطوة التي ستحقق واقعا جديدا في منطقة الشرق الأوسط وستؤدي إلى مزيد من الاستقرار، وستقطع الطرق على الفكر المتطرف والإرهاب في المنطقة. واختتم الرئيس السيسي بقوله: إن القائد الحقيقي هو الشعب المصري، وطلب من الحاضرين أن يوجهوا التحية لهذا الشعب العظيم.. هاتفا «تحيا مصر».