قد يبدو للقاريء منذ الوهلة الأولي لدي مطالعته عنوان هذه السطور أنها تعبر عن موقف أو رأي كاتبها، غير أنني في حقيقة الأمر لست شارلي ولا كواشي أيضاً، ولا يعدو الأمر بالنسبة لي الا أن متطرفاً قتل آخر، وقد تولد كلاهما من رحم العنصرية والحقد. ولعل الانتشار الواسع للهاشتاج الأكثر شهرة في فرنسا بل وفي العالم اليوم #أنا_شارلي كمحاولة تضامنية بائسة مع ضحايا الصحيفة الفرنسية، قابله علي الجانب الأخر وسوم مناهضة توزعت ما بين #أنا_لست_شارلي، #أنا_مسلم_ولست_شارلي_ولاإرهابي، بل أن كثيرين ذهبوا لأبعد من ذلك حينما عبروا عن تضامنهم مع القاتل مغردين #أنا_كواشي نسبة للأخوين كواشي منفذي العملية، وهذا أخطر ما في الأمر، فالحادث الذي أودي بحياة 12 شخص وجرح 11 أخرين لم ينتهي، وانما نحن أمام موجات متنامية مستقبلاً بفعل الإضطهاد. والإشارة واجبة إلي أن فريق #أنا_لست_شارلي ليسوا فحسب من المسلمين، وانما قالها زعيم اليمين المتطرف والمعادي للمسلمين في فرنسا جان ماري لوبان، مؤسس الجبهة الوطنية "أنا آسف، أنا لست شارلي.. نعم أنا تأثرت بوفاة 12 من المواطنين الفرنسيين، لكن لن أذهب للدفاع على رسالة شارلي الذي ينتمي إلى التروتسكية الفوضوية، التي أذابت الأخلاق السياسية".. وأيضاً الكاتب الأمريكي ديفيد بروكس، والذي كتب في مقاله بصحيفة نيويورك تايمز "أنا لست شارلي...عبارة "أنا شارلى إبدو" لم تكن دقيقة بالنسبة لمعظمنا، لأننا لا نشارك فعليا فى هذا النوع من السخرية الهجومية التى تتخصص فيها تلك الصحيفة، ولعل أصحاب هذا الرأي هم برأيي أعقل وأحكم من غيرهم. وبرأيي المتواضع فإن القاتل يومئذ ليس من أمسك بالسلاح ووجه رصاصاته في صدور القوم هاتفاً"الله أكبر.. لقد انتصرت لرسول الله" فحسب، وإنما هو رسام الكاريكاتير أيضاً الذي عربد بقلمه متجاوزاً الضمير المهني والإنساني وتوابع وتداعيات ما قد يخط بقلمه جارحاً غيره من الناس، ممارساً التشبيح والإرهاب النفسي والمعنوي بحق غيره من البشر.. والقاتل أيضاً هو القضاء الفرنسي الذي لم ينتصر لحق فئة مستضعفة لجأت إليه صبيحة نشر الرسوم المسيئة، مقرراً بأن ما حدث لا يتجاوز سقف الحريات.