عانت مصر على مدار الأربعة سنوات الماضية من هروب الكثير من الاستثمارات وضعفها، ساهم في ذلك الاحداث المصاحبة لثورتي 25 يناير و30 يونيو، ما تسبب في ضعف السياحة ووصولها لمستويات متدنية جدا، بالرغم من كونها احد أهم مصادر الدخل القومي. وعلى مدار عام مضى، عقدت مصر الكثير من المؤتمرات الاقتصادية التي كان هدفها الترويج لمصر وجذب مزيد من الاستثمارات العربية والأجنبية، وآخرها المؤتمر الاقتصادي العالمي المزمع عقده في الفترة من 13 إلى 15 مارس المقبل. وكان آخر القرارات الخاصة بالاستثمار والترويج للاقتصاد المصري ما اقترحه الرئيس عبدالفتاح السيسي بشأن إنشاء مجلس أعلى للاستثمار يتولى تحديد أولويات الاستثمار وإعداد خريطة استثمارية تتضمن أهم المشروعات والمناطق التي يمكن الاستثمار فيها، وتذليل كافة العقبات القانونية والإدارية التي قد تواجه المستثمرين. روشتة إنقاذ وبحسب الخبير الاقتصادي و نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار محسن عادل، فإن المجلس الأعلى للاستثمار يمثل روشتة إنقاذ للاقتصاد المصري من عثرته التي تصيبه منذ عدة سنوات وتمثل بداية لتنشيط الاستثمار خاصة بعد تراجع ترتيب مصر في بيئة الأعمال لتحتل الترتيب 109 من بين 185 دولة عام 2013. وتوقع "عادل" أن يعمل المجلس الجديد على إزالة كل المعوقات التي تواجه الصناعة والتجارة والاستثمار وتزيد من ثقة المستثمر لزيادة استثماراته وعمل توسعات اقتصادية، خاصة بعد الإخفاقات الكثيرة وكذلك التباطؤ في النمو الاقتصادي الذي وصل إلى أقل من 3 %. ومن المفترض أن يضع المجلس إستراتيجية واضحة للاستثمار بالنسبة لتوحيد الإجراءات والقرارات والجهات التي يتعامل معها المستثمر وحل مشاكل التمويل والأراضي والتراخيص للمستثمرين، وتعديل التشريعات والقوانين الاقتصادية التي صدرت منذ سنوات طويلة دون الانتظار لتشكيل مجلس النواب. وبحسب محسن عادل فإن المجلس سيوفر الحماية لحقوق المستثمرين والتجار والصناع وضمان حقوقهم كاملة ولن يسمح بابتزازهم من أي فصيل أو جهة أو فرد من خلال توفير الضمانات اللازمة لحماية استثماراتهم والمحافظة على مشروعاتهم وتوفير الأمن والأمان لجميع المستثمرين المصريين والعرب والأجانب. الروتين الحكومي المعوقات وسلبيات الروتين الحكومي التي واجهت جذب المزيد من الاستثمارات كانت السبب في توجيه السيسي للحكومة بشأن المجلس الجديد للاستثمار، خاصة أنها عرقلت الاستثمار المحلي والأجنبي. وهو ما أكد عليه محمد رضا الخبير الاقتصادي ونائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة شبه جزيرة سيناء للتنمية، وقال إن الحكومة لم تنجح في مساعيها لتسوية مشاكل المستثمرين مع الحكومة ولم يتم الانتهاء من إعداد قانون الاستثمار الموحد، ولم يتم إعداد برنامج طويل الأجل للإصلاح الاقتصادي لمصر، ولم يعلن عن الملامح النهائية للاستثمارات التي تحتاجها المشروعات القومية التي أعلن عنها مؤخراً، وأضاف في نفس الوقت لم يتم حتى الآن الانتهاء من الأعداد لمؤتمر مصر الاقتصادي في مارس 2015، في الوقت الذي خلق فيه التوجه الضريبي لوزارة المالية بفرض ضرائب جديدة من يوليو 2014، بيئة طاردة للاستثمار القائم وعائقا أمام جذب استثمارات جديدة. وتوقع أن يمثل المجلس الأعلى للاستثمار نقلة نوعية تساهم في حل مشاكل المستثمرين وتحسين مناخ الاستثمار، وتطوير الجهاز الإداري للدولة ويساهم في توحيد كل أدوات المنظومة الاستثمارية في جهة واحدة تضع الاستراتجيات والخطط وتتولى المتابعة. قانون يحدد دوره وطالب "رضا" أن يصدر تأسيس المجلس بقانون يحدد دوره وصلاحياته ويكون له صلاحيات اتخاذ القرار وتحديد دور كل من وزارة الاستثمار والهيئة العامة للاستثمار ووزارة المالية في ظل وجود المجلس الأعلى للاستثمار لتجنب التعارض, لافتا إلى أن إنشاء هذا المجلس برئاسة رئيس الجمهورية ومنحه صلاحيات إدارة الملف الاقتصادي والاستثماري سيقلص دور الحكومة في المشاركة في التخطيط وسينحصر دورها من خلال وزارة الاستثمار والهيئة العامة للاستثمار ووزارة المالية في التنفيذ فقط. وأضاف أنه يجب تشكيل المجلس بشكل يضمن تمثيل كافة القطاعات الاقتصادية والاستثمارية بالدولة بالإضافة لتمثيل لكافة الوزارات المعنية بالاستثمار، وأن يكون اختيار أعضاء المجلس الممثلين لهذه القطاعات غير مقصور على سن محدد أو منصب أكاديمي، بالعكس يجب أن يكون خليط بين الأكاديمية والمهنية وذوي الخبرة والشباب لضمان قيام المجلس بوضع الخطط والاستراتيجيات الفعالة القابلة للتنفيذ بتفكير خارج الصندوق وبعيدأ عن المنهجية البيروقراطية التي يصطدم عندها كل آمال التغيير. وشدد على ضرورة أن يتولى هذا المجلس بشكل عاجل إعادة هيكلة المنظومة التشريعية الاقتصادية والاستثمارية من خلال الانتهاء من إعداد قانون الاستثمار الموحد ولائحته التنفيذية، وإعادة هيكلة المنظومة الضريبية بشكل كامل مع الحفاظ على سعر الضريبة بشكل تنافسي بالنسبة للدول المجاورة، والانتهاء من حل وتسوية كافة المشاكل القائمة مع المستثمرين، وإعداد برنامج طويل الأجل للإصلاح الاقتصادي لمصر يكون بمثابة دستور اقتصادي لمصر، ووضع خريطة استثمارية شاملة تتضمن المشروعات القومية التي أُعلن عنها مؤخراً، وعرض كافة هذه الملفات على مؤتمر مصر الاقتصادي المزمع عقده في مارس 2015.