عالم قليل الظهور في الإعلام، له وضعه العلمي والفكري في الجامعة المصرية، يصمت كثيرًا وحين يتحدث تجد لكلامه دويا كبيرا في الأوساط العلمية والفكرية،إنه الدكتور حسن محمود عبداللطيف الشافعي، رئيس مجمع اللغة العربية في القاهرة منذ فبراير 2012، وهو أول أزهري يعتلي هذا المنصب. الميلاد والنشأة ولد الشيخ حسن الشافعي في عام 1930م، وحفظ القرآن الكريم صغيرًا،والتحق بمعهد القاهرة الديني الأزهري، ثم التحق في عام 1953م، بكليتي أصولِ الدّين بِجامعة الأزهر، ودار العلوم بجامعة القاهرة، وتخصص في دراسة الفلسفة الإسلامية، ليدرس في الكليتين في وقت واحد، وكان مسموحا به في ذلك الوقت. اعتقاله جرى اعتقاله عام 1954م وهو طالب بالفرقة الثانية بكلية دار العلوم وبالفرقة الثالثة بكلية أصول الدين في الوقت ذاته, وجرى تعذيبه وضربه بالكرابيج التي لا تزال آثارها التي تستعصي على الإحصاء خالدة على ظهره إلى اليوم. خرج الشافعي من معتقله الأول عام 1960م، بعد أن قضى في المعتقل ست سنوات، وأكمل دراسته في كليتي أصول الدين بالأزهر الشريف، ودار العلوم جامعة القاهرة وتخرج منهما معا سنة 1963م،وحصل على مرتبة الشرف الأولى في كلية دار العلوم،وتم تعيينه معيدا بقسم الفلسفة الإسلامية. وكان الصدام الثاني له أثناء دراسته للماجستير، حيث تم اعتقاله سنة 1964م، وبعدها بعدة أعوام حصل على درجة الماجستير سنة 1969م، في الفلسفة الإسلامية من كلية دار العلوم. الشافعي والإخوان ربما كان تتُهَم الشيح حسن هي علاقته بالإخوان،وكان العصر الناصري يتابع جميع الأنشطة الدينية،فتم اعتقال الرجل، ليلقي به في غياهب السجون والمعتقلات. ويحكى الدكتور حسن الشافعي، عن لقائه ببعض الإخوان في تصريحات سابقة قائلاً:"لقد التقيت أول مرة بالدكتور العسال، أحد قيادات الإخوان المسلمين عام 1950م، في منطقة شبرا، وكان خارجًا لتوِّه من معتقل الطور، وكان بصحبة الشيخ يوسف القرضاوي، والدكتور علي عبد الحليم، وبعد فترة كان اللقاء مرةً أخرى في السيدة زينب، وعدت من هذا اللقاء ومعي أول نسخة من كتاب "التشريع الجنائي في الإسلام" للمستشار عبد القادرعودة،وتواصلت علاقتنا، وكان هو في كلية الشريعة وأنا في معهد القاهرة الديني أدرس، وكانت هذه الفترة أيامًا حافلة، وفترة حاسمة في حياة مصر". انتفاضة 1936 لم يكن حسن الشافعي، وهو في مقتبل الشباب بمعزل عن قضية مصر والجلاء والمقاومة في القناة، يقول الدكتور عبد اللطيف محمد عامر، رئيس قسم الشريعة الأسبق بكلية دار العلوم في جامعة الفيوم عنه: "كانت قد ألغيت معاهدة 1936م، وبدأت فصائل المقاومة من شباب الجامعات تندفع إلى منطقة القناة لتقاوم المستعمر الإنجليزي، وتبلي بلاءً حسنًا في هذه المقاومة، ولم يكن حسن الشافعي كما لم يكن غيره من الشباب المؤمن بمعزل عن هذه "الانتفاضة" إن صح التعبير." وأضاف:"في مرة سمعت أن هناك ندوة ليلية ستقام فتمتد إلى فجر اليوم التالي، وكانوا يسمونها «كتيبة»، وعلى الرغم من أن هذه الكتيبة كانت لطلبة معهد القاهرة، فقد اندسست بينهم في هذه الليلة، وكأنني «أحب الصالحين ولست منهم»، وذلك حين علمت أن حسن الشافعي هو «مندوب» هذه الكتيبة، أو قائدها، أو رئيسها، أو ما شئت من هذه الألقاب". وتابع:"لكنني قبل ذلك وبعده عرفت حسن الشافعي كما لم أعرفه من قبل، وأدركت أن حداثة السن لا تغطي أصالة النفس، وأن تواضع المرء لا يحجب علوّ منزلته، فعلى الرغم من أن سنّه حينئذ لم يكن يدفعه إلى الزعامة، فإن روحه حينئذ كانت ترسخه للقيادة، والزعامة تفرضها على الناس ما يعرف في عالم السياسة «بالكاريزما»، والقيادة يرشِّح لها ما يسمى بالقبول". إنتاجه العلمي للدكتور حسن الشافعي إنتاج علمي غزير؛حيث أصدر منذ عام 1971، عشرة كتب بالعربية في الفلسفة الإسلامية والتوحيد وعلم الكلام والتصوف، وأكثر من 30 بحثًا علميًّا في العديد من المجلات والدوريات العلمية في مصر والخارج، وخمسة نصوص تراثية محققة، وأربعة كتب مترجمة إلى الإنجليزية، هذا فضلاً عن الإشراف والحكم على عشرات من الرسائل الجامعية في مصر والعالم العربي وباكستان وماليزيا. ومن مؤلفاته وأبحاثه: الآمدي وآراؤه الكلامية، علم الكلام بين ماضيه وحاضره،فصول في التصوف، التيار المشائي في الفلسفة الإسلامية، أبو حامد الغزالي "دراسات في فكره وعصره وتأثيره"،الإمام محمد عبده وتجديد علم الكلام. يرى الشفعي كما يردد في مجالسه ودروسه في الجامعة بكلية دار العلوم، أنه "مسؤول عن الشباب المسلم الذي يعمل في نطاق العمل الإسلامي، ويبدأ رحلته الإيمانية، حتى لا ينحو كثير منهم للعنف والإرهاب بالتوعية وشرح صحيح الدين وذلك قبل أن تسيل الدماء وتنفق الأوقات والجهود، قد تضيع على الأمة إرادات ونوايا أعتقد أنها صادقة، كما أؤكد أن لدي إحساس بالذنب؛ لأن الله أعطاني لسانًا وقلمًا يمكن أن أصور بهما أعمال الآخرين أو مواقفهم". حصل الشافعي على بعثة لدراسة الدكتوراة في بريطانيا، أتقن خلالها اللغة الإنجليزية وتطلع على الثقافة الغربية وما يثار حول القضايا الفكرية التي يهاجم بها المفكرون الأوربيون الإسلام. وأنجز رسالته للدكتوراةفي كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن سنة 1977م، ثم عاد ودرَّس الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم. ومن أهم المناصب التي تقلدها،عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة،عضو مركز الدراسات الإسلامية بجامعة القاهرة، عضو المجلس العلمي لكلية الدراسات العليا بمانشستر بإنجلترا،عضو مجلس أمناء الجامعة الإسلامية بإسلام أباد، عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة، عميد كلية الشريعة بالجامعة الإسلامية بإسلام أباد، مستشار شيخ الأزهر ورئيس الاتحاد العالمي لعلماء الصوفية. أدان عنف 30يونيو في أعقاب الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي وما تلاها من تظاهرات واعتصامات، أدان الشيخ حسن الشافعي "مذبحة المنصة" في يوليو 2013، وفي أغسطس 2013،تلى الشافعي بيانا حادا أذاعته جميع الفضائيات المصرية في أعقاب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة أنهاه بقوله "اللهم إني أبرأ إليك مما حدث، وأستنكره من كل قلبي،وأسأل الله لبني وطني العقل والحكمة، وأدعوهم إلى التوبة، وكلُّ الحَول والطَّول والقوة بيد الله رب العالمين". شهادته عن مصر الثورة نُشر للشيخ حسن الشافعي مؤخرا كتابًا بعنوان "شهادة أزهري معاصر على مسار التحوّل الديمقراطي في مصر" يروي فيه شهادته على أحداث ثورة يناير وما اضطلع به من أدوار من خلال مشيخة الأزهر والجمعية التأسيسية، وحديثه عن هذا التحول الحضاري في الندوات والمحاضرات في الداخل والخارج. وخلال أيام سوف يصدر للشيخ مذكرات بعنوان "حياتي في حكاياتي" يروي فيه أبرز 40 حدثًا،وقصة أثرت في حياته طوال 7 عقود أو يزيد. يلقى الشيخ حسن الشفعي قبولاً كبيرًا سواء في الأوساط الأكاديمية أو لدى جموع الشاب المتدين، وهو مرشح بقوة أن يلعب أدوارًا في المرحلة المقبلة، لفكرة الوئام الوطني وذلك بحسب مبادرة البديل الحضاري، التي طرحها الإعلامي حسام عقل منذ عدة أشهر وطرح اسم الشيخ ليلعب هذا الدور في المستقبل.