وفد جامعة بنها في زيارة جامعية لسكاريا للعلوم التطبيقية بتركيا    محافظ المنوفية يفتتح مركز الثقافة الإسلامية في شبين الكوم| صور    محافظ الدقهلية يعتمد جدول امتحانات الدور الثاني لمراحل النقل والشهادة الإعدادية    تنفيذ 3 قرارات إزالة تعديات على الأراضي الزراعية بمدينة الأقصر    موعد الاجتماع المقبل للسياسة النقدية في البنك المركزي لحسم أسعار الفائدة في مصر    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لعملية القيد التاريخية لشركة ڤاليو في البورصة المصرية    مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تدين استخدام الغذاء كسلاح في غزة    زيلينسكي يخطط للقاء ترامب خلال قمة الناتو بلاهاي    الترجي يواجه تشيلسي بمونديال الأندية    السجن المشدد 3 سنوات وغرامه 50 ألف لنقاش وآخر لحيازتهم مخدر الحشيش    لماذا نشعر بدرجات حرارة أعلى من المعلنة؟.. هيئة الأرصاد توضح    جنايات دمنهور تبدأ محاكمة متهم بالتعدي على 3 أطفال بكفر الدوار    حكومة الانقلاب فشلت في مواجهتها..الكلاب الضالة تهدد حياة المواطنين فى الشوارع    وداع الكاتب الكبير محمد عبد المنعم.. جنازة مهيبة من مسجد عمر مكرم    بالعلم الفلسطيني وصوت العروبة.. صابر الرباعي يبعث برسالة فنية من تونس    قافة طبية للكشف على 1173 مواطن من نزلاء مستشفى الصحة النفسية بالخانكة    وكيل صحة القليوبية: يجب تكثيف الجهود لتحسين الخدمات المقدمة للمرضى    تنفيذ 7234 عملية عيون للمرضى غير القادرين بالأقصر    ضعف لياقة مبابي يؤخر عودته لتشكيلة ريال مدريد    نادر السيد يدافع عن الشناوي.. ويوجه رسالة ل زيزو بعد مباراة الأهلي وبورتو    تغيير موعد المؤتمر الصحفي للإعلان عن مدرب منتخب اليد الإسباني باسكوال    «السياحة» تشارك في اجتماعات الهيئات الفرعية لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ    «ثورة 30 يونيو وبناء الجمهورية الجديدة» في احتفالية ب أسيوط    رئيس «القومي للمرأة» تشارك في المنتدى العربي من أجل المساواة بالجزائر    الهروب إلى النوافير.. درجات الحرارة تقارب ال 100 درجة بواشنطن الأمريكية    رسميًا.. أماكن الفحص الطبي لطلاب الصفوف الأولى بمدارس الجيزة للعام الدراسي 2025/2026    «بزعم إجراء عملية جراحية لنجلتها».. ضبط «مستريحة المحلة الكبرى» بعد الاستيلاء على 3 ملايين جنيه    شركة طيران العال الإسرائيلية تنظم جسرا جويا لإعادة آلاف الإسرائيليين بعد وقف إطلاق النار مع إيران    وزير الداخلية يبحث مع نظيره الصربي التعاون في مجال مكافحة الجريمة (تفاصيل)    فيلم شبابي يشاهده 1.4 مليون شخص في السينمات المصرية.. من أبطاله؟    يجمع محمد فراج وزينة لأول مرة.. التفاصيل الكاملة لمسلسل «في رواية أحدهم: ورد وشيكولاتة»    «بحبكم برشا».. أول تعليق من مي عمر على تكريمها من مهرجان الإذاعة والتلفزيون بتونس    قاصد محمود: مشروع إيران النووى قائم.. ونتنياهو فشل فى فرض السيطرة الكاملة    مطالبا بضرورة احترام استقلال الدول وسيادتها على كامل أراضيها.. الأزهر يعرب عن تضامنه مع قطر    بروتوكول تعاون بين الجامعة البريطانية في مصر و«إندكس الإماراتية» لتنظيم المؤتمرات والمعارض    رسميًا.. أحمد سامي مديرًا فنيًا لنادي الاتحاد السكندري    هيمنة بلا فاعلية.. الأهلي يدفع ثمن إهدار الفرص أمام بورتو (فيديو وصور)    دمشق تودّع شهداء كنيسة مار إلياس.. صلاة رحيلهم وزيارات للمصابين    جامعة القاهرة تطلق خريطة أنشطتها الصيفية لدعم إبداعات الطلاب واكتشاف مواهبهم    أمير الكويت يترأس اجتماعا لمجلس الدفاع الأعلى    "مصر.. متحف مفتوح".. فعالية جديدة لصالون نفرتيتي الثقافي في قصر الأمير طاز    هل القرض حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب    الأمن الاقتصادي: ضبط 1257 قضية ظواهر سلبية.. و1474 سرقة تيار كهربائي    المفوضية الأوروبية ترحب بالإعلان عن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل    الأهلي يقترب من إعلان صفقة جديدة.. الغندور يكشف التفاصيل    لترشيد استهلاك الكهرباء.. تحرير 153 مخالفة عدم التزام بقرار الغلق للمحلات    إزالة 10 تعديات على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة ضمن الموجة 26 بالشرقية    انتهاء اختبار مادة اللغة الأجنبية الثانية لطلاب الثانوية العامة النظام القديم    قبل الإعلان الرسمي.. كيركيز يجتاز الكشف الطبي في ليفربول    وزير الإسكان يتابع موقف منظومة الصرف الصحي بمدن شرق القاهرة    مركز البحوث الطبية والطب التجديدي يوقع بروتوكول تعاون مع جامعة المنصورة الأهلية    رئيس "المستشفيات التعليمية" يقود حملة تفتيش ب"أحمد ماهر" و"الجمهورية" لرفع كفاءة الخدمة    بدأت ب«فولو» على إنستجرام.. سلمى أبو ضيف تكشف طريقة تعرفها على زوجها    تداول 10 آلاف طن بضائع و532 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    تكرّيم 231 حافظًا لكتاب الله في احتفالية كبرى بالمراشدة بقنا    فانس: قضينا على البرنامج النووي الإيراني ونأمل ألا تعيد طهران تطويره    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-6-2025 في محافظة قنا    غدا ميلاد هلال شهر المحرم والخميس بداية العام الهجري الجديد 1447 فلكيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نسائم «الربيع الأسمر» لن تهب على أفريقيا
نشر في محيط يوم 05 - 11 - 2014

الرياح العاصفة التي هبّت على نظام الرئيس البوركيني "بليز كمباوري"، فزلزلت أركانه وأجبرت الأخير على الاستقالة ومغادرة البلاد، قد لا يكون لها ارتدادات في بقية أرجاء القارة الأفريقية، كما كان عليه الحال بالنسبة للانتفاضة التونسية.. فسريان عدوى التمرّد على الحاكم قد لا تجد أرضية خصبة في القارة السمراء، نظرا للخصوصية التي تميّز المطالب البوركينية.
ووفقا لما جاء على وكالة "الأناضول" للأنباء ففي الوقت الذي ذهبت فيه تحليلات عديدة تناولت الاضطرابات السياسية الحاصلة في بوركينا فاسو، والتي سقط بموجبها نظام "كمباوري"، إلى أنّ الانتفاضة البوركينية ستكون الشرارة الأولى ل "ربيع أسمر"، تهبّ نسائمه على أنظمة افريقية عديدة ما تزال متشبّثة بالحكم رغم العراقيل القانونية والدستورية، تماما كما كانت الانتفاضة التونسية شرارة انطلاق موجة ما عرف ب "الربيع العربي" في 2011، بدا أنّ المقارنة وإن كانت تجيزها نقاط تشابه عديدة على مستوى الشكل، إلاّ أنّ المضمون أو السياق لا يطرح تشابها على مستوى المضمون، بالدرجة الكافية للحديث عن بوادر ربيع أسمر محتمل.
فالشارع البوركيني لم يتحرك فعليا لإسقاط نظام "بليز كمباوري" إلا بتاريخ 30 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وهو اليوم الذي كان من المنتظر أن ينظر فيه المجلس الوطني في مشروع المراجعة الدستورية الذي تقدم به الرئيس السابق، للترشّح لولاية رئاسية ثالثة.
بيد أن رؤساء مثل "جوزيف كابيلا" جمهورية الكونغو الديمقراطية و "بوني يايي" البنين و "بيار نكورونزيزا"بوروندي ما يزالون يحتفظون بنوع من الضبابية التي يغلفون بها حقيقة نواياهم فيما يتعلّق بالاستحقاقات الانتخابية القادمة، حيث أنّ لا أحد من هؤلاء الساسة عبّر بشكل علني ورسمي عن اعتزامه تعديل دساتير بلدانهم، من أجل البقاء في الحكم، وحتى وإن وجدت مشاريع لتنقيحات دستورية محتملة، فجميعها لم يبلغ بعد مرحلة الإعتماد الفعلي.
فهذه الضبابية التي تلف المشهد السياسي في مجمل البلدان الافريقية المذكورة بما أنّ هذه الدول تستعدّ لخوض استحقاقات انتخابية سواء العام 2015 أو 2016، والمتعمّدة من قبل الرؤساء خشية الغضب الشعبي، هي ما يمنع الشارع من التحرّك، في ظلّ غياب أي خرق فعلي للقانون أو اقتراب موعد للقيام بذلك على الأقل.
وبنفس القدر الذي تمنع فيه هذه الضبابية في الموقف تعبئة شعبية، تقتصر ردود الفعل الدولية في هذه المرحلة على صياغة بعض التوصيات من هذا الجانب أو ذاك، بما أنه من غير المعقول توجيه لوم إلى شخص ما قبل ارتكاب ما يلام عليه.
وليس أدلّ على ذلك من موقف الخارجية الأمريكية، حين اكتفى "جون كيري"، خلال القمة الأمريكية الإفريقية السابقة ب "الضغط" على المسؤولين الأفارقة من أجل عدم إدخال تنقيحات على دساتير بلدانهم من أجل مصالح شخصية أو سياسية، بحسب تعبيره، فيما قامت الولايات المتحدة سابقا بتوجيه انتقادات شديدة اللهجة لأنظمة أخرى قامت بخروقات ملموسة، لا سيما منها الدول التي هبّت عليها نسائم "الربيع العربي".
فالانتفاضات الشعبية في البلدان العربية اندلعت احتجاجا على "القمع" و"الظلم" و"المحسوبية".. استياء فغضب ثم غليان فانفجار، لتكون النتيجة زلزالا أتى على أنظمة عربية كثيرة، أبرزها نظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي. فالأرضية التي كان يقف عليها هذا النظام مهتزة، واللون الرمادي الباهت الذي يمنح انطباعا بالهدوء النسبي، كان يطفو فوق جمرات تنتظر أوّل ريح لتطلق شرارتها. فما حصل في البلدان العربية كان "انفجارا"، ومعطياته وحيثياته غير متوافرة في الغرب الافريقي، وحتى الاحتجاجات الاجتماعية في هذه المنطقة تتسم بطابع مميز ومختلف، ما يعني أنّ استنساخ الربيع العربي في افريقيا يتطلّب توفّر العناصر نفسها المذكورة آنفا.
وفضلا عن ذلك، فإنّ انعقاد الانتخابات الرئاسية المرتقبة في 2016 لبعض دول الغرب الافريقي، يمنح رؤساءها إمكانية محاولة القيام بمراجعات دستورية، وهذا يشكّل عنصر انقطاع لا يقيم تناظرا مع ما حصل في سيناريو "الربيع العربي"، حيث اندلعت الانتفاضات الشعبية في كل من مصر و ليبيا و سوريا واليمن، بعد وقت قصير من اندلاعها في تونس. وجملة هذه الاستنتاجات تحيل إلى أن خصوصية الشرارة الأولى للربيع العربي تظهر غياب عناصرها في سياق الصحراء الافريقية، وهو ما يجعل من امكانية تصدير الحالة العربية بأكملها إليها رهينة الصدفة لا غير.
فسريان عدوى الانتفاضة البوركينية إلى دول الجوار، لن يحدث إلاّ في حال طغى ذلك الشعور بالانتماء إلى المجال الحضاري ذاته على الشعوب الافريقية، رغم أن نقاط الالتقاء بينها لا تبدو كثيرة، فالعديد منهم، باستثناء البورونديين والكونغوليين "الكونغو الديمقراطية" الذين تجمعهم صلات خاصة بحكم مشاركتهم في حربي الكونغو الأولى والثانية، فإنّ بقية الأفارقة في كلّ من بوروندي وبوركينا فاسو والبنين والكونغو برازافيل لا يتقاسمون الكثير من نقاط الالتقاط باستثناء الانتماء الجغرافي لقارة شاسعة وممتدّة "خلافا للتقارب الجغرافي بين دول الربيع العربي"، والنقطة الأخيرة تعدّ أمرا شكليا، لا يكفي لتشيّد عليه احتمالات لاستنساخ قاري للانتفاضة البوركينية.
وإضافة إلى ذلك، تتعدد أوجه التباين مع ما يعتبر الشرارة الأولى لل "ربيع العربي"، مع ما حصل في بوركينافاسو، الأمر الذي يمنع انتشاره في باقي دول القارة. ففيما خطت تونس أولى خطواتها في طريق المرحلة الانتقالية، وفقا لضوابط الدستور، كان استحواذ الجيش البوركيني على الحكم مخالفا للدستور، وهو إذا ما تمت مقاربته من وجهة نظر"فنية" بحتة، فستجوز تسميته ب الإنقلاب".
الحال أنه بعد مغادرة الرئيس السابق "زين العابدين بن علي"، توجه وزيره الأول "محمد الغنوشي" إلى الشعب بخطاب تحدث من خلاله عن صلاحياته الدستورية وفقا للمادة 56 من دستور 1959، المتعلق بطريقة تعامل مع وضعية يغيب فيها رئيس الجمهورية. ولكن بالنظر إلى أن رحيل بن علي عن الحكم ، بدا ومنذ اليوم الذي تلى مغادرته للبلاد، نهائيا، قرر "محمد الغنوشي" بموجب المادة 57 من الدستور التونسي القديم، التخلي عن الحكم لرئيس مجلس النواب، "فؤاد المبزع" الذي تقلد منصب رئيس الجمهورية بطريقة شكلية إلى حد انتخاب مجلس وطني.
أما في بوركينا فاسو، فقد استلم الجيش البوركيني الحكم، بطريقة مخالفة للضوابط الدستورية، كما تسبب إعلان "بليز كمباوري" عن الخروج من الحكم في بوركينافاسو في فراغ على رأس السلطة، بحسب المادة 43 من دستور البلاد، دون ان يكون هنالك انتقال دستوري مؤقت، لأسباب "فنية" بالأساس.
فالمادة 43 من الدستور البوركيني تنص على أن رئيس مجلس الشيوخ هو من يناط بعهدته تأمين الفترة الانتقالية، غير أنه لا وجود لهذا الهيكل بعد في بوركينافاسو، بسبب فيتو كانت المعارضة قد رفعته حين اعتبرت إنشاء مثل هذه المؤسسة لا يعدو ان يكون سوى مناورة للالتفاف على المجلس الوطني، حيث لا تتوفر الأغلبية الرئاسية على الدعم الكافي لتمرير المراجعة الدستورية التي كان "كمباوري" يراهن عليها.
بعيد استقالة "كمباروي"، غادر الأخير إلى غانا ومنها إلى العاصمة الإيفوارية ياموسوكرو، إثر خطاب مؤثّر توجّه به إلى الشعب البوركيني، وقال فيه إنه "استمع إلى رسالتهم وفهمها"، في سيناريو شبيه بما حصل للرئيس التونسي السابق "بن علي" الذي اضطر إلى المغادرة نحو منفى يعتبره البعض "ذهبيا"، في المملكة العربية السعودية، بعد أن أعلن، في خطابه الشهير قبيل يوم من رحيله، بأنه "فهم" الشعب التونسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.