أكد بيت الاستثمار العالمي "جلوبل" أن زيادة معدل الاستهلاك المحلي للنفط في مصر، في ظل اتساع القاعدة التصنيعية فيها، وهي أصلاً من بين الأكبر في المنطقة، قلّصت الفائض النفطي المعد للتصدير. ولفت في تقرير متخصص له إلى أن الاكتشافات المتزايدة التي زادت من احتياطات الدولة من النفط تستطيع بالكاد ان تغطي الزيادة السنوية في استهلاك النفط. ففي 2007، زاد احتياط النفط المصري بنسبة 9.4 % مقارنة بعام 2006 ليصل إلى 4.1 بليون برميل. ورغم أن احتياط النفط المصري ليس بالكبير، مقارنة بالمناطق الغنية بالنفط، احتلت مصر المركز السادس على مستوى القارة الأفريقية ممثِّلة 3.5 % من إجمالي احتياط قارة أفريقيا من النفط. ووفقاً لتقرير جلوبل، والذي أوردته صحيفة الحياة اللندنية, نتج من نشاطات الاكتشافات المتواصلة في مصر اكتشافان جديدان عام 2008. فقد أعلنت شركة "أباتشي" الأميركية في أواخر عام 2008 عن اكتشاف في الصحراء الغربية واكتشاف آخر في خليج السويس, كما أعلنت شركة "آي بي آر" الأميركية عن اكتشاف بئر عميق في الصحراء الغربية يمثل أفضل الاكتشافات في الصحراء الغربية. وأضاف التقرير أنه منذ عام 1996 استمر إنتاج النفط المصري في الانخفاض حتى عام 2006 عندما استقر الإنتاج، ليزيد عام 2007 إلى 710 آلاف برميل يومياً، وذلك بنسبة 1.9 %، مقارنة بعام 2006, وترجع هذه الزيادة إلى الاكتشافات الجديدة في خليج السويس ودلتا النيل والصحراء الغربية والبحر المتوسط في السنة المالية 2007 - 2008. وفي المقابل ازداد استهلاك النفط بنسبة 6.8 % بين عامي 2006 و2007 إلى 651.3 ألف برميل يومياً. وعزا "جلوبل" هذه الزيادة إلى اتساع قاعدة الصناعة، والتي تستهلك طاقة أكبر. وبدأ الاستهلاك المحلي بالازدياد بشكل ملحوظ منذ عام 2004 مع برنامج الإصلاح الاقتصادي الحكومي. ففي السنة المالية 2007 - 2008، صدرت مصر 58.7 ألف برميل يومياً مع انخفاض بنسبة 32.8 % عن الكمية المصدرة في 2006 - 2007. إلا أن زيادة أسعار النفط في 2007 - 2008 بمتوسط 101 دولار للبرميل أدت إلى زيادة عوائد الصادرات من النفط الخام لتصل إلى 5.1 مليار دولار في 2007 - 2008 بزيادة نسبتها 57 %. لكن في الوقت ذاته، زادت فاتورة واردات النفط الخام بنسبة 226 % لتصل إلى مستوى غير مسبوق بلغ 5.1 مليار دولار، مقارنة ب1.6 مليار دولار في 2006 - 2007. ومع الانخفاض الحالي في أسعار النفط الخام العالمية إلى أقل من 45 دولاراً للبرميل، توقع "جلوبل" ان تنخفض معدلات الواردات والصادرات في شكل كبير. وأدى النقص العالمي في طاقة التكرير إلى البحث عن فرص لزيادة الاستثمارات في تكرير النفط. فقد جذبت مصر انتباه المستثمرين العالميين كموقع استراتيجي لنشاطات تكرير جديدة. كما تشجع الحكومة المصرية القطاع الخاص للدخول في شراكة مع "الهيئة العامة للبترول" في استثمارات تكرير النفط، كما ان هناك أربع مصاف قيد الإنشاء حالياً في مصر واثنتين أخريين لا تزالان على الورق. وبلغت الاستثمارات المحلية والأجنبية في قطاع النفط المصري بحلول نهاية 2008 مستوى غير مسبوق بلغ 6.6 مليار دولار بزيادة نسبتها 86.6 % عن مستويات 2006 -2007. ومع خطط الحكومة الحالية لزيادة التنقيب والاكتشافات النفطية وتشجيع القطاع الخاص على المشاركة في استثمارات قطاع الهيدروكربون، رأى "جلوبل" أن مصر ستتمكن من مواجهة استهلاكها المتنامي من النفط من خلال زيادة إنتاجها لتتجنب وضع المستورد الصافي. وتوقع التقرير أن تخفض الجهود الحالية لإنعاش طاقات تكرير النفط المحلية من واردات مصر النفطية في السنوات المقبلة، ومن ثم يتحقق وفر كبير في الميزان التجاري. وفي يناير 2009، ولحفز الاستثمارات في قطاع النفط، شملت الحكومة المصرية المصافي النفطية بالإعفاءات الضريبية المخصصة للصناعات المستخدمة للطاقة بكثافة، بعدما أثر فرض ضرائب على هذه الصناعات سلباً في ظل تزايد أسعار الطاقة إذ أبطأ دخول استثمارات جديدة.