قال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، إن "السلام الداخلي"، عملية وطنية فريدة من نوعها، وخلال 12 عاما جربنا كل الطرق لإيجاد حل لهذه المسألة، التي تستطيعون أن تعبروا عنها باسم القضية الكردية، أو قضية الإرهاب، وفق أي رؤية، أو مقاربة سياسية تتبنونها". ووفقا لما جاء على وكالة "الأناضول" للأنباء فقد انطلقت مسيرة السلام الداخلي في تركيا قبل نحو عامين، من خلال مفاوضات غير مباشرة بين الحكومة التركية، و"أوجلان" المسجون بموجب حكم المؤبد، في جزيرة "إمرالي" ببحر مرمرة منذ عام 1999، وذلك بوساطة حزب السلام والديمقراطية "غالبية أعضائه من الأكراد"، وبحضور ممثلين عن جهاز الاستخبارات التركي. وشملت المرحلة الأولى من العملية، وقف عمليات منظمة "بي كا كا" الإرهابية، وانسحاب عناصرها خارج الحدود التركية، وقد قطعت هذه المرحلة أشواطًا ملحوظةً، فيما تتضمن المرحلة الثانية عددًا من الخطوات الرامية لتعزيز الديمقراطية في البلاد، وصولًا إلى مرحلة مساعدة أعضاء المنظمة الراغبين بالعودة إلى البلاد، والذين لم يتورطوا في جرائم ملموسة، على العودة، والانخراط في المجتمع. وشدد داود أوغلو خلال لقائه بلجنة الحكماء والوزراء المعنيين بمسيرة السلام الداخلي بمبنى رئاسة الوزراء في إسطنبول، اليوم، على أهمية عمل هذه اللجنة متوجهًا بالشكر لجميع أعضائها على العمل الذي يقومون به، لافتاً إلى أن اللجنة تضم أفرادًا من تيارات مختلفة، ولا تتبع نمط تفكير معين. وأضاف داود أوغلو: "أمامنا طريقان، إما أن نختار الطريق الذي نحافظ به على وحدة ترابنا على أساس من السلم، والاحترام المتبادل، وهذا هو خيارنا، أو نبقى تحت تأثير أيديولوجيات عشائرية، كأيديولوجية البعث، وأيديولوجيات تبدو في ظاهرها على أنها ماركسية، ولكنها رجعية في حقيقتها، وأخرى تبدو إسلامية في ظاهرها، ولكنها متطرفة في أفكارها، متأثرة بأفكار منظمات إرهابية، تعادي التعددية، وبين هذين الخيارين بالتحديد يكمن جوهر وظيفة لجنة الحكماء". يشار إلى أن الحكومة التركية شكلت لجنة الحكماء نيسان/أبريل من العام الماضي، بناءً على إقتراح تقدم به رئيس الوزراء التركي آنذاك، "رجب طيب أردوغان"، بحيث تكون جهة استشارية، غير صانعة للقرار، تقدم المقترحات والإستشارات في القضايا القومية، وعلى رأسها مفاوضات مسيرة السلام الداخلي الجارية، بين الحكومة التركية ومنظمة بي كا كا، بوساطة من حزب السلام والديمقراطية، وذلك بهدف حمل المنظمة على نبذ العنف، والقاء السلاح. ولفت رئيس الوزراء إلى "أنه في اللحظات التي كانت فيها البلاد تعيش أجواءً إيجابيةً، وتنتظر الدخول إلى مرحلة جديدة، في مسيرة السلام الداخلي، تستند إلى قواعد قانونية، وقرارات صادرة عن مجلس الوزراء، من شأنها إعطاء دفعة مهمة نحو الأمام للمسيرة، جاءت أحداث الشغب التي جرت يومي (6 و7) تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، مع ما حملته من أعمال نهب، وتخريب، وعنف، وابتزاز، وقتل". وأوضح "داود أوغلو"، أنهم أعطوا تعليمات لجميع الولاة لحفظ النظام العام، مشيراً إلى "أنه في تركيا تعرض الكثير من فئات المجتمع للظلم خلال ال (100) عام الماضية، ولو أن كل تلك الفئات تصرفت بنفس الطريقة في إشارة إلى أحداث العنف الأخيرة، لكان الوضع في البلاد أسوأ من الوضع القائم حالياً في سوريا، وإذا زال النظام العام من أي بلد، لا يبقى مكان للسياسة، ولا للحرية، ولا يمكن لأصحاب القناعات المختلفة أن يعبروا عن رأي". وتابع "داود أوغلو"، قائلًا: "باعتبارنا جيل أدرك الذكرى المئوية للحرب العالمية الأولى، علينا أن ندرك أن الأنظمة الأحادية أيًا كانت المجموعة العرقية، أو المذهبية، أو الدينية، التي تتحدث باسمها، لا تجلب سوى الأسى إلى مراكز الثقافات العريقة، تذكروا الآلام التي نجمت عن انفصال الهند، وباكستان". وشهدت تركيا موجة من أحداث الشغب، والعنف، اندلعت يومي 6 و7 من الشهر الجاري، ورافقت مظاهرات غير مرخصة، دعا إليها حزب الشعوب الديمقراطي المعارض أغلبية أعضائه من الأكراد بذريعة الاحتجاج على هجمات داعش، ضد مدينة عين العرب "كوباني" السورية، ذات الغالبية الكردية.