لا يحتاج الفلسطيني أمجد صيام، سوى ثلاثة أطنان من الأسمنت، لترميم بيته الذي تضّرر، بفعل الحرب الإسرائيلية الأخيرة، على قطاع غزة. غير أن هذه الكمية القليلة، التي تكفي لإصلاح جدران وأسقف غرف منزله، وحماية صغاره الأربعة من برد الشتاء القادم، تبدو صعبة المنال، أمام ما وصفّه بالدخول الرمزي والمُعقد لمواد البناء. فما دخل من كميات محدودة من مواد البناء، لا يكفي، كما يؤكد صيام (37 عاما) لوكالة الأناضول، لأن يبدأ سكان قطاع غزة، في إعمار وترميم منازلهم المُدمرة. ويتابع: "الدخول المحدود، لكميات مواد البناء، لن يكفي، كما أن الآلية، المتبعة بتوزيع مواد البناء صارمة، حصولي على 3 أطنان من الأسمنت، يشبه من يبحث عن ألف طن، الشتاء على الأبواب، وأسقف غرف المنزل بحاجة إلى ترميم، ويبدو أنني سأضطر إلى الانتظار طويلا". وتسببت الحرب الإسرائيلية، على قطاع غزة، والتي استمرت ل"51 يوما"، في تدمير نحو 9 آلاف منزل بشكل كامل، و8 آلاف منزل بشكل جزئي، وفق إحصائيات لوزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية. وسمحت إسرائيل الثلاثاء الماضي، بإدخال الدفعة الأولى من مواد البناء عبر معبر كرم أبو سالم، إذ تم دخول 75 شاحنة محملة بمواد البناء إلى القطاع الخاص منها 15 شاحنة أسمنت، و10 شاحنات حديد، و50 شاحنة حصمة (حصى – زلط). وما تم دخوله، هو عبارة عن بدء فعلي لتنفيذ الشروط الدولية، وآلية الأممالمتحدة، وفق محسن أبو رمضان رئيس الهيئة الإدارية لشبكة المنظمات الأهلية في غزة. وأضاف أبو رمضان لوكالة الأناضول: "هذه الآلية، تعني دخول محدود من كميات البناء، إضافة إلى توزيعها وفق قاعدة بيانات تشمل رقابة الأممالمتحدة، وهو الأمر الذي سيؤخر عملية إعمار قطاع غزة، لفترة زمنية طويلة". وكي يتم إعمار غزة، خلال 4 أو 5 سنوات، فإن القطاع يحتاج إلى إدخال نحو 400 شاحنة محملّة بمواد البناء (الأسمنت والحديد والحصمة) كما يؤكد أبو رمضان. وتابع: "لكن ما سيتم إدخاله قد لا يتجاوز ال20 شاحنة يوميا، أي أن الكميات التي تصل هي رمزية، ومُخصصة ضمن آلية الأممالمتحدة فقط". وخلال زيارته إلى قطاع غزة، الثلاثاء قال الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إن إسرائيل سمحت بإدخال دفعة أولى من مواد البناء، وفقا للاتفاق الثلاثي بين إسرائيل والسلطة والأممالمتحدة. ويشتمل الاتفاق على آلية لمراقبة ضمان عدم استخدام مواد البناء التي سيتم توريدها إلى غزة لأغراض أخرى بخلاف عملية الإعمار( في إشارة لاستخدام الفصائل المسلحة مواد البناء في تشييد الأنفاق). وكان رئيس جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين (مستقلة)، علي الحايك، قال لوكالة الأناضول في وقت سابق إن وفدًا من المراقبين الدوليين وصل إلى قطاع غزة، أول أمس الأربعاء، لمراقبة عملية إعمار غزة. ووفق الحايك فإن وظيفة هؤلاء المراقبين ستتركز في الإشراف على مخازن مواد البناء والآليات، والإطلاع الدوري على المشاريع الكبيرة التي يجري بناؤها. ويشعر الفلسطيني أسعد ياسين (45 عاما) بالإحباط جراء عدم السماح بإدخال مواد البناء إلى السوق الحر. ويقول ياسين، لوكالة الأناضول، إنّ منزله الكائن في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، تعرض لتدمير كبير، ويود ترميمه في أسرع وقت ممكن. لكن الإدخال المحدود لمواد البناء، والشروط الدولية تجعل أمنياته بعيدة المدى، مضيفا أنه سارع لحجر اسمه، ضمن القوائم الطويلة، التي ستستلم مواد البناء عبر شركات محددة بغزة. وأضاف: "الأمر يُشبه حصولنا على (كوبونات) ضمن طابور طويل، لا ينتهي، وحتى الكمية التي نطلبها لن نحصل عليها، هذا ظلم، المنزل الذي يحتاج ترميمه لأشهر، قد يستغرق لعام وأكثر، والبناء قد يمتد لأعوام طويلة". ولا تكفي الدفعات المحدودة، المتزامنة مع آلية الأممالمتحدة، لإعمار القطاع، وفق تأكيد نبيل أبو معيلق رئيس اتحاد المقاولين الفلسطينيين بغزة. ويقول أبو معيلق لوكالة الأناضول، إن قطاع غزة يحتاج يوميا إلى 4 آلاف طن من الأسمنت، ونحو (1600 طن) من الحديد، و16 ألف طن من الحصمة. وأكد أنّ آلية توريد مواد البناء تؤخر عملية الإعمار، وتعمل على إطالة المدة الزمنية اللازمة لإغاثة المشردين، والمُدمرّة بيوتهم. وأعرب مدير اتحاد الصناعات الإنشائية بغزة، فريد زقوت، عن أسفه لتوريد كميات محدودة من البناء . وأكد زقوت لوكالة الأناضول، أن القطاع يحتاج إلى كميات مضاعفة من المواد التي ستسمح السلطات الإسرائيلية بإدخالها في الوقت الراهن. وتابع: "في حال لم يتم زيادة الكميات الواردة من مواد البناء إلى قطاع غزة، فنحن أمام إعمار سينتهي خلال عقد من الزمن، كما أن مراقبة مواد البناء، والآلية الدولية الصعبة والقاسية تساهم في إرباك حالة الإعمار والتعجيل في إيواء المشردين والمتضررين". ووفق إحصائية صدرت مؤخرا، عن وزارة الاقتصاد الفلسطينية، فإن إعادة إعمار غزة، يحتاج إلى مليون ونص طن من الأسمنت. وكان مؤتمر اعمار قطاع غزة الذي عقد في القاهرة الأحد الماضي، قد جمع مبلغ 5.4 مليار دولار نصفها خصص لإعمار غزة فيما خصص الجزء المتبقي لتلبية احتياجات الفلسطينيين. ويندب الشاب الفلسطيني رائد حمادة حظهp لأنّه لن يتمكن من إكمال بناء شقته، ما يعني تأجيل زفافه إلى أشهر قادمة. ويقول حمادة (26 عاما) لوكالة الأناضول، إنّ مواد البناء لن تكون متاحة أمام الجميع، إذ أن الأولوية لأصحاب البيوت المدمرة. وتابع: "آلية إدخال مواد البناء لن تؤخر إعمار غزة، فقط، بل ستؤجل كافة المشاريع، ولا أدري من أين سنحصل على الأسمنت؟". وسيتم توزيع مواد البناء وفق تأكيد وزارة الاقتصاد الفلسطينية، على أصحاب البيوت المدمرة خلال الحرب الأخيرة. وتمنع إسرائيل إدخال العديد من البضائع، وأهمها مواد البناء لغزة، منذ فوز حماس في الانتخابات التشريعية بداية عام 2006، حيث فرضت حصارا مشددا، وشددته عقب سيطرة الحركة على قطاع غزة عام 2007. وسمحت إسرائيل بإدخال كميات محدودة من مواد البناء بداية شهر سبتمبر/أيلول من العام الماضي، عبر القطاع الخاص ثم عادت ومنعت إدخالها في الشهر التالي (13 أكتوبر/ تشرين أول 2013)، بدعوى استخدامها من قبل حماس في بناء تحصينات عسكرية، وأنفاق أرضية، وتسبب منع إدخال مواد البناء لغزة، بزيادة نسبتي الفقر (90%) والبطالة (60%) وفق إحصائية صدرت مؤخرا عن اللجنة الشعبية لرفع الحصار عن غزة. وفي الأعوام الماضية، اعتمد سكان قطاع غزة (1.9 مليون فلسطيني)، على جلب مواد البناء من مصر عبر الأنفاق الحدودية التي باتت في حالة شلل تام عقب حملة الهدم المكثفة والمستمرة التي يشنها الجيش المصري عليها منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي العام الماضي.