عزوف البنوك الألمانية عن الاستفادة من خطة الإنقاذ الحكومية
في الوقت الذي يخشى فيه مراقبون من أن يكون السبب وراء عزوف رؤساء البنوك الألمانية عن الاستفادة من خطة الإنقاذ الحكومية التي تقدر بنحو 500 مليار يورو هو الخوف من تعرض رواتبهم للتخفيض أو خوفا من عدم الاحتفاظ بمواقعهم القيادية أو ردود فعل البورصة السلبية على مثل هذا الإجراء دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل البنوك للاستفادة من هذا البرنامج للحفاظ على قدرتها التنافسية العالمية والوفاء بالتزاماتها المالية. وكانت الحكومة الألمانية قد أقرت أكتوبر الماضي حزمة من الضوابط القانونية الصارمة التي يتوجب على البنوك الالتزام بها للاستفادة من الخطة؛ تتضمن هذه الضوابط تحديد الحد الأقصى لقيمة التسهيلات المالية التي ستمنح للبنك المتعثر، بحيث لا تتجاوز عشرة مليارات يورو، مطالبة بأن يكون لها دورا في توجيه سياسة المؤسسة المالية المستفيدة من الدعم الحكومي. وفيما يتعلق برواتب كبار المدراء، فإن الراتب السنوي الذي يتجاوز 500 ألف يورو سيكون مبلغاً مبالغ فيه برأي الحكومة، وسيتم إجبار البنوك المستفيدة من المساعدات الحكومية على إلغاء المكافآت وتعويضات إنهاء الخدمة. علاوة على ذلك، لن تتمكن البنوك من توزيع الأرباح على المساهمين طوال فترة الاستفادة من خطة الإنقاذ. وأكدت ميركل في كلمتتها الأسبوعية عبر شبكة الانترنت إن "حكومتها تراقب عن كثب التطورات في أسواق المال العالمية وأنها ترد بشكل سريع ودقيق على مثل هذه التطورات". وفي الوقت الذي أشارت فيه مصادر إعلامية إن الحكومة الألمانية تدرس إجبار رؤساء البنوك على الاستفادة من الخطة الحكومية، كما هو الحال في بريطانيا، نقل موقع التلفزيون الألماني "دويتشه فيله" عن أن متحدثا باسم وزارة المالية أنه "لا داعي لمثل هذه الخطوة في الوقت الراهن". كما نقل "دويتشه فيله" عن وزير المالية الألماني بيير شتاينبروك في وقت سابق أن العديد من البنوك الخاصة الكبيرة في ألمانيا ستتقدم بطلبات للحصول على جزء من خطة الإنقاذ المالي التي طرحتها الحكومة الألمانية والتي تتضمن تأسيس صندوق حكومي يقوم بضخ الأموال في البنوك، بينما سيقبل بالأصول المشكوك في تحصيلها من البنوك كضمان لهذه الأموال. كما تعهدت ميركل بأن يقر مجلس الوزراء هذا الأسبوع "حزمة حوافز استثمارية شاملة" لدعم الاقتصاد بكلفة تصل إلى 25 مليار يورو يخصص معظمه للشركات، مؤكدة إنه من الضرورة بمكان أن يتم إعداد برنامج هذه الخطة بشكل جيد وداخل الإطار المحدد له. ورأت ميركل في الوقت ذاته أن هذا البرنامج من شأنه أن يعطي دفعة قوية لاقتصاد البلاد وأن يساهم في خلق فرص عمل جديدة، مضيفة "أن مثل هذه البرامج تساهم في العمل على الخروج من الأزمة المالية العالمية بأقل ضرر ممكن". ومن جانبه، طرح الحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك في الائتلاف الحاكم برنامجا بكلفة 60 مليار يورو من أجل العمل على استقرار وإنعاش الاقتصاد خلال السنوات الثلاث المقبلة، وتشمل خطة الحزب دعم استثمارات الشركات ورفع كفاءة أصحاب الحرف المهنية والعاملين مع تمويل الشركات المتوسطة بنحو 15 مليار يورو عن طريق بنك التنمية (كيه.إف.إم) المملوك للدولة. وعلى الصعيد الدولي قالت المستشارة الألمانية إنها تتصور إمكانية أن يطرح البنك الدولي برنامجا للاستثمارات للدول الناشئة بصفة خاصة، حيث سيعمل هذا البرنامج على دعم مشروعات مهمة وتعزيز الاستثمارات في البني التحتية في حال تباطؤ معدلات نمو الاقتصاد في هذه البلدان. وأكدت المستشارة أن مثل هذا البرنامج من شأنه أيضا أن يعود بالنفع على سوق العمل في ألمانيا، لاسيما وأن الكثير من القطاعات الصناعية في ألمانيا مرتبطة بعمليات التصدير للخارج، وفي هذا السياق أشارت ميركل إلى أن معدلات التصدير في قطاع الآلات الثقيلة تصل إلى 70%.