45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الثلاثاء 4 يونيو 2024    تراجع أسعار النفط الثلاثاء 4 يونيو 2024    مستمرة منذ ساعات.. حرائق إسرائيل تدمر المنازل وارتفاع أعداد المصابين (صور وفيديو)    درجات الحرارة اليوم الثلاثاء 04-06-2024 في مصر    اليوم.. طلاب الأدبي بالثانوية الأزهرية يؤدون امتحان القرآن الكريم    كريم عبد العزيز يحيي ذكرى ميلاد والده: عيد ميلادك في الجنة    ننشر أسعار الذهب في مستهل تعاملات الثلاثاء 4 يونيو 2024    رابط نتيجة الشهادة الإعدادية 2024، "مبروك" طلاب مطروح.. الخطوات    بشرى سارة.. انخفاض أسعار الدواجن اليوم في الأسواق    الدماطي: الأهلي أول نادي أرسل الدعم لأهلنا في فلسطين.. وتعاقدات الرعاية من قبل أحداث غزة    انتشال جثامين 3 شهداء عقب قصف إسرائيلي لمنزل في حي الدرج شرق غزة    عمرو أديب: إمام عاشور هو اللي كسر أحمد فتوح.. أنا مش هسكت    ملف يلا كورة.. مشروع القرن ينتظر الأهلي.. استدعاء عمر كمال.. وإصابة فتوح    سيف جعفر يتحدث عن سرقة العقود من الزمالك.. ماذا قال؟    عمرو عرفة يروج لفيلم أهل الكهف    6 شروط لأداء الحج ومعنى الاستطاعة.. أحكام مهمة يوضحها علي جمعة    متى ينتهي وقت ذبح الأضحية؟.. الأزهر للفتوى يوضح    زوجى ماله حرام وعاوزة اطلق.. ورد صادم من أمين الفتوى    مصرع وإصابة 21 شخصا في المغرب تناولوا مادة كحولية    طبيبة تحذر الحجاج من المشروبات الغازية على عرفات: تزيد العطش    "في حد باع أرقامنا".. عمرو أديب معلقاً على رسائل شراء العقارات عبر الهاتف    طاعات على المسلم فعلها تعادل ثواب الحج والعمرة يومياً.. تعرف عليها    إيران: تسجيل 80 مرشحا لخوض الانتخابات الرئاسية    عمرو أديب يكشف مفاجأة بشأن زيادة مدة انقطاع الكهرباء    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه اليوم الثلاثاء 4-6-2024    واشنطن تفرض عقوبات جديدة على صناعة الطائرات المسيرة بإيران    أمير هشام: جنش يرغب في العودة للزمالك والأبيض لا يفكر في الأمر    نفاذ تذاكر مباراة مصر وبوركينا فاسو    مقتل صاحب كشك على يد عامل بسبب خلافات مالية    حاكم كورسك: إسقاط 20 طائرة مسيرة أوكرانية خلال يوم    4 يوليو المقبل.. تامر عاشور يحيي حفلا غنائيُا في الإسكندرية    انطلاق تدريبات جوية لقوات الناتو فوق شمال ألمانيا    وفاة 11 شخصا جراء تسرب للغاز في منجم بمقاطعة بلوشستان الباكستانية    الأرصاد تعلن عن موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد في هذا الموعد    نقابة الصحفيين تكرم الزميل محمد كمال لحصوله على درجة الدكتوراه| فيديو    مصطفى بكري: الرئيس حدد مواصفات الحكومة الجديدة بالتفصيل    عبد الحفيظ: مرحلة مدير الكرة انتهت بالنسبة لي.. وبيبو يسير بشكل جيد مع الأهلي    مجهولون يطلقون النار على المارة وإصابة مواطن في الأقصر    رفضت ترجعله.. تفاصيل التحقيق في إضرام نجار النيران بجسده بالبنزين في كرداسة    سيد عبد الحفيظ يعتذر من خالد الغندور لهذا السبب    مجدى البدوي يشكر حكومة مدبولي: «قامت بواجبها الوطني»    وكيل مديرية الصحة بالقليوبية يترأس اجتماع رؤساء أقسام الرعايات المركزة    مصطفى بسيط ينتهي من تصوير فيلم "عصابة الماكس"    عدلي القيعي يرد على تصريحات شيكابالا: قالي أنا عايز اجي الأهلي    وصلة ضحك بين تامر أمين وكريم حسن شحاتة على حلاقة محمد صلاح.. ما القصة؟ (فيديو)    مصرع شاب في حادث مروري بالوادي الجديد    بمرتبات مجزية.. توفير 211 فرصة عمل بالقطاع الخاص بالقليوبية    هل الطواف بالأدوار العليا للحرم أقل ثواباً من صحن المطاف؟.. الأزهر للفتوى يوضح    اليوم 240 .. آخر احصاءات الإبادة الجماعية في غزة: استشهاد 15438 طفلا و17000 يتيم    النائب العام يلتقي وفدًا من هيئة الادعاء بسلطنة عمان الشقيقة    «كلمة السر للمرحلة القادمة رضا المواطن».. لميس الحديدي عن استقالة الحكومة    صحة الفيوم تنظم تدريبا لتنمية مهارات العاملين بوحدات النفايات الخطرة    أكرم القصاص: حكومة مدبولي تحملت مرحلة صعبة منها الإصلاح الاقتصادي    بمشاركة 500 قيادة تنفيذية لكبريات المؤسسات.. انطلاق قمة "مصر للأفضل" بحضور وزيري المالية والتضامن الاجتماعي ورئيس المتحدة للخدمات الإعلامية    النائب العام يلتقي وفدًا رفيع المستوى من أعضاء هيئة الادعاء بسلطنة عمان الشقيقة    متربى على الغالى.. شاهد رقص الحصان "بطل" على أنغام المزمار البلدي بقنا (فيديو)    حضور جماهيري ضخم في فيلم " وش في وش" بمهرجان جمعية الفيلم    تقديم الخدمة الطبية ل 652 مواطنا خلال قوافل جامعة قناة السويس بقرية "جلبانة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلطة الأدب وأدب السلطة
نشر في محيط يوم 03 - 10 - 2014

«لا يمكن للسلطة السياسية أن تستولي على الأعمال الإبداعية، كما تستولي على المصانع، كذلك لا يمكن الاستيلاء على أشكال التعبير الأدبي، كما يتم الاستيلاء على الرخص والتصاريح». هكذا يقول الأديب الألماني الكبير برتولد بريخت، في إيحاء جلي بأن الأدب يستمد سلطته من صعوبة السيطرة عليه.
فعلى رغم القيود التي تفرضها بعض السلطات الحاكمة على حرية التعبير، فإن الأدب يمتلك، ربما أكثر من غيره، قدرة على تطويق هذه القيود، ومقاومتها، فهو يتصدى للإكراه، ويحطم كل سلطة، حين ينفتح على الخيال، من أجل توليد المتعة، وخلق الوعي. كما أن الأدب، في النهاية، هو نوع من الخطاب، الذي ينازل خطاب السلطة، في إطار المساحة التي تقاوم فيها سلطة المعرفة، بكل مقوماتها التي عرضها المفكر الفرنسي ميشيل فوكو، السلطة المادية التي تضغط في اتجاه إخضاع الإنسان لمنطقها ومصالحها.
كما يستقي الأدب سلطته، كذلك، من «سلطة المثقف»، على رغم تشكيك البعض فيها، بحديثهم عن «موت المثقف»، أو تدجين السلطة له، إلا أنه لا يمكن إغفالها تماماً، مع توقع انبعاثها في أي لحظة تاريخية، ومع الإيمان بأن النهضة الثقافية تسبق أي نهضة اقتصادية واجتماعية. والأديب، في النهاية، هو مثقف، له موقف من السلطة، ويحاول أن يمارس دوره في المجتمع، الذي يعيش فيه. وهو بقدر ما يكون جاداً في ممارسة هذا الدور، وبقدر ما ينحاز للقيم النبيلة، وينشد الوضع الأفضل لمجتمعه، يصنع سلطته الخاصة.
وسلطة المثقف هي من نوع آخر، بمعنى أنها ليست سلطة مادية، بل رمزية، أي سلطة الكلام والكتابة، ولكنها في النهاية سلطة تُمارس على النفوس والعقول، بواسطة المنتج الرمزي، المتمثل في الأفكار والمعارف أو في العقائد والطقوس وهذه السلطة تؤدي هذا الدور منذ زمن العراف، حتى وقت المثقف الحديث، مروراً بالكهنة والقساوسة والفقهاء. وحين يعي المثقف حقيقة دوره الاجتماعي، ويحرص على تأديته بأكمل وجه، فإن اصطدامه بالسلطة يصبح وارداً إلى حد كبير. ويكون هذا الصدام بحجم الهوة التي تفصل بين الحلم الذي يراود المثقف والواقع الذي تعيشه السلطة السياسية بالفعل. فمن المفترض أن يصوب المثقفون أهدافهم إلى أبعد مرمى يرونه، ويطالبوا الحكام بأن يصلوا معهم إلى تلك النقطة، وإذا ما وصلت السلطة، بعد جهد وصراع، إليها، يكون المثقف قد رابط عند نقطة أبعد، ليطالب السلطة مجدداً بأن تتبعه، وهكذا، في رحلة لا تنتهي، بحثاً عن وضع أفضل للمجتمع.
ويرى الماركسيون الجدد New Marxists أن انغماس المثقف في البناء العلوي المنظم من قبل الدولة، يفقده استقلاله، ولا يصبح عضواً في الطبقة الوسطى، بل مجرد أجير، ينتمي للبروليتاريا. وهناك اتجاه ثالث، يقوده كارل مانهايم، يرى أنه يمكن النظر للمثقفين باعتبارهم فئة بلا انتماء طبقي محدد، إذ إنهم يتشكلون من مختلف الطبقات الاجتماعية، ولذا فإن أفكارهم ليست نابعة من تحيز طبقي، كما هو الحال بالنسبة للعمال وأصحاب العمل. وهذا الوضع يمكن المثقف من النظر للأمور بطريقة محايدة.
ولكن بقدر ما يستمد الأدب جزءاً من سلطته من السلطة الاجتماعية للمثقف، فإن الأخير، وفي المقابل، يساهم أحياناً في الحد، ليس من سلطة الأدب، فحسب، بل من سلطة المعرفة ذاتها، وذلك حين يتمكن السياسي من تدجين الأديب، واجداً ما يسمى بأدب السلطة. فالسياسي مهتم أساساً بالأدب المؤسسي، أو الرسمي، الذي يكرس ما هو قائم، وهو أدب المديح، كما يسمى في تاريخ الأدب العربي، ليتحول الأديب إلى بوق إعلامي، ويفقد أي هامش من الحرية، مهما كان ضيقاً.
وهذا ما يمارسه الأديب المنصاع والانتهازي، والحالم بالسلطة، والسياسي الذي دخل مجال الأدب عنوة، ليوظفه في خدمة أغراضه السياسية. ولا يقتصر هذا الأمر على سياسيي الأنظمة المحافظة، بل يمتد إلى نمط الحكم الثوري، الذي يرى في الأدب قوة من ضمن القوى الأخرى، التي يجب أن توضع في خدمته، ألا وهي، قوة التحريض والترويض، قوة الإعلام التي تحرك الرأي العام وتوجهه. فالخطابة هي الجنس الأدبي الأقرب إلى ذوق الثوار، حيث إنها ذات تأثير مباشر في الجماهير. والخطابة، في طريقتها ومضمونها، ما هي إلا لغة أدبية، ذات طبيعة شعرية، من حيث اعتمادها على الاستعارة والكناية.
وفي كل الأحوال قد يتيح الأدب، بوصفه شكلاً للإنتاج الثقافي، أكثر من غيره، للكتاب أن ينتقدوا الأوضاع القائمة، دون أن يتركوا وراءهم دليلاً ملموساً، يعرضهم للمساءلة، أمام القوانين الكثيرة التي قد تسنها السلطة لحماية نفسها، وتكريس وجودها، والدفاع عن مصالحها. ولذا سيظل أداة مهمة في يد المثقفين في مواجهة السلطة في كل زمان ومكان.
لكن الأدباء ليسوا جبهة واحدة في مواجهة السلطة، ومن ثّم فإن إنتاجهم، لا يمثل كله بالضرورة أداة لكبح جماحها، فمن بينهم من له مصالح اقتصادية واجتماعية، يحرص عليها، ومن بينهم من قد يخشى على نفسه من بطش السلطة، ولذا فإنه يلجأ لتطبيع علاقته معها. وهنا يفرق الناقد الماركسي جورج لوكاتش بين ثلاثة أنواع من الأدب، تمثل دوائر متقاطعة في الغالب، الأول، أدب الدفاع عن النظام القائم وتقريظه. وهذا النوع يكون أحياناً معادياً للواقعية الأدبية معاداة صريحة، ويلبس أحياناً ثوباً واقعياً مزيفاً. والثاني أدب «الطليعة المزعومة»، وهو يبتعد عن النزعة الواقعية، ويحرص على تصفيتها، على الدوام. والثالث أدب «الواقعيين الكبار»، الذين يسبحون ضد تيار الأدب، الذي تتبعه الفئتان المذكورتان آنفاً.
ولا يقتصر الأمر على أدب النخبة فقط، من شعر وقصة ومسرح، بل يتجلى بشكل أوضح في الأدب الشعبي. فالمواويل والأمثال والسير والأغاني التي تجود بها القريحة الشعبية، تمثل منفذاً للبسطاء ينتقدون منه الأوضاع الاجتماعية، التي لا تروق لهم، ويسخرون من السلطة، التي لا تعدل بينهم، ويحلمون بحياة أفضل من تلك التي يعيشونها.
نقلا عن "الاتحاد" الاماراتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.