قلّل مكتب لتوثيق الملف الكيماوي السوري اليوم الثلاثاء، من أهمية إعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما انتهاء عملية إتلاف مخزون النظام السوري المعلن عنه من الأسلحة الكيماوية، مشيراً إلى أن النظام ما يزال ينتج غازات سامة لا تقل خطورة عن تلك الأسلحة. وفي تصريح لوكالة "الأناضول"، قال نضال شيخاني مسئول العلاقات الخارجية في"مكتب توثيق الملف الكيمياوي في سوريا": "إن إعلان أوباما عن انتهاء عملية إتلاف مخزون النظام السوري المعلن عنه من الأسلحة الكيماوية، لا يقلل من خطورة استخدام النظام لغازات سامة فتاكة ضد الشعب السوري لا تقل خطراً عن تلك الأسلحة مثل غاز الكلور الذي لم يدخل ضمن الأسلحة التي تم إتلافها". وأعلن أوباما في بيان صادر عن البيت الأبيض الأمريكي، مساء أمس الاثنين، انتهاء عملية إتلاف الأسلحة الكيماوية السورية المعلن عنها على متن سفينة "كيب راي". وقال أوباما: "اليوم نسجل انجازاً مهماً في جهودنا المتواصلة لدحر انتشار أسلحة الدمار الشامل بتدمير مخزون سوريا من الأسلحة الكيماوية المعلن عنها". وأوضح شيخاني أن الغرب وواشنطن يتفاخرون بأنهم نجحوا في إتلاف مخزون أسلحة النظام السوري الكيماوية، لكنهم بذلك "يجردون المجرم من جزء من سلاحه ويتركون الجزء المتبقي ليكمل به ارتكاب جرائمه". ولفت شيخاني إلى أن البعثة المسئولة عن تفكيك ونقل أسلحة النظام السوري نقلت الكميات التي صرح النظام السوري بامتلاكها فقط، كما أغلقت عدداً من مصانع إنتاج تلك الأسلحة، إلا أن النظام "يمتلك كميات أخرى ومصانع لم يعلن عنها"، لم يقدم المسؤول في مكتب التوثيق دليلاً على كلامه. وبعد تهديد الولاياتالمتحدة بشن هجوم عسكري ضد النظام السوري على خلفية اتهامه بارتكاب الهجوم الكيميائي "الأكبر" على ريف دمشق أغسطس/آب من العام الماضي الذي وقع ضحيته 1400 قتيل، وافق النظام على مقترح حليفته روسيا بتسليم ما بحوزته من أسلحة كيميائية إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لتدميرها. وبدأت عمليات نقل تلك الأسلحة، التي تقدر بنحو 1300 طن، بحسب ما أعلنته دمشق العام الماضي امتلاكها، عبر ميناء اللاذقية على البحر المتوسط مطلع العام الجاري، وتم تسليم الكمية المصرح بها على دفعات. وأشار شيخاني إلى أن النظام السوري مستعيناً بخبرات إيرانية يعمل على إنتاج كميات كبيرة من الغازات السامة وفي مقدمتها غاز الكلور، ويعمل على تعبئتها في قنابل وصواريخ وبراميل متفجرة وقام باستخدام بعضها فعلياً في بعض المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة خلال الأشهر الماضية، ما أوقع قتلى وجرحى من المدنيين. واتهمت المعارضة السورية، قوات النظام باستهداف عدة مناطق في سوريا تسيطر عليها قوات المعارضة بغاز الكلور السام، منذ مطلع العام الجاري، خاصة في بلدتي تلمنس بريف إدلب "شمال" وكفر زيتا بريف حماة "وسط"، ومدينة حرستا بريف دمشق "جنوب" وحي جوبر بالعاصمة دمشق، ما أوقع عشرات القتلى والمصابين بحالات اختناق نتيجة استنشاقه. ورأى مسئول العلاقات الخارجية أن النظام السوري "قايض الغرب والأمريكيين على تسليم أسلحته الكيماوية مقابل بقائه في الحكم لفترة إضافية وهو ما حدث بالفعل". ودلّل على كلامه بالقول إن لجنة التحقيق الدولية حول استخدام الأسلحة الكيميائية التي تم تشكيلها وباشرت تحقيقاتها في المناطق التي استهدفت بالأسلحة الكيميائية في سوريا لم يصدر عنها أي تقرير رسمي حول نتائج تلك التحقيقات، وهذا يثبت "عدم جدية المجتمع الدولي في كشف تفاصيل الجريمة وأنه اكتفى بتجريد المجرم من بعض أدوات جريمته"، في إشارة إلى النظام السوري. وتم تأسيس مكتب "توثيق الملف الكيمياوي في سوريا" (غير حكومي)، في أكتوبر/ تشرين الأول 2012، بهدف توثيق انتهاكات النظام واستخدامه للأسلحة الكيميائية في المناطق السورية، وجمع الدلائل والشهادات بخصوص ذلك. وعمل المكتب الذي يتخذ من بروكسل مقراً له، على متابعة عملية نقل المخزون الكيمياوي لدى النظام بعد قرار الأخير تسليمه نهاية العام الماضي، من خلال ناشطين سوريين على الأرض والمنظمات الدولية المختصة. وأعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (منظمة دولية تضم في عضويتها نحو 200 دولة)، 29 أبريل/نيسان الماضي، عن تشكيل بعثة تقصي حقائق تابعة للمنظمة للوقوف على حقيقة الوقائع المحيطة بمزاعم استخدام غاز الكلور السام في سوريا. وأوضحت المنظمة، ومقرها لاهاي، أن قرارها بتشكيل البعثة جاء خلال اجتماع مجلسها التنفيذي، بحسب بيان منشور على موقعها الالكتروني. وقال خبير سوري في الفيزياء النووية، في تصريحات سابقة لمراسل "الأناضول"، إن نظام بشار الأسد يستخدم غاز الكلور السام في قصف المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة بيد، في الوقت التي قام بتسليم ترسانته من الأسلحة الكيميائية باليد الأخرى. وأضاف الخبير الذي رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية كونه مازال مقيماً في الداخل السوري، إن "غاز الكلور السام الذي قصفت به قوات النظام عدة مناطق في سوريا مؤخراً، لا يدخل ضمن الأسلحة الكيميائية التي قام النظام بتسليمها، إلا أنه يحقق الغرض الذي تحققه تلك الأسلحة". وأوضح أن النظام اتّبع استخدام هذا الغاز "الكلور" ك "سلاح مخفف عن الأسلحة الكيميائية، كما أن المجتمع الدولي لم يلتفت إليه بعد"، مشيراً إلى أنه يفي أيضاً بالغرض في إحراز تقدم لقوات النظام في مناطق خارجة عن سيطرتها أو مستعصية عليها بإحراز نوع من البلبلة والفوضى في صفوف قوات المعارضة. وأوضح أن غاز الكلور السام سهل التصنيع والتعبئة في صواريخ وقنابل بدائية مثل "البراميل المتفجرة"، كما أن عدد ضحاياه أقل من التي يخلفها استخدام الأسلحة الكيميائية، وأيضاً التحقق من استخدامه أصعب من التحقق من استخدام الكيمياوي كونه يتحول إلى صيغة غازية وتتغير خواصه الفيزيائية بعد تعرضه للحرارة والاحتراق.