مطار شرم الشيخ يستقبل رحلات محوّلة من الأردن بعد إغلاق مجالات جوية مجاورة    بالتعاون مع الازهر الشريف .. " أوقاف مطروح " تطلق أكبر قافلة دعوية للمساجد    تعليق مؤقت لبعض الرحلات الجوية من مصر إلى الأردن والعراق ولبنان    هيئة ميناء الإسكندرية تستقبل أولى رحلات الخط الملاحي التايواني WAN HAI LINE    المشاط تبحث مع سفير المملكة المتحدة في مصر دفع العلاقات الاقتصادية والاستثمارية    هل تتجه المنطقة إلى حرب إقليمية؟ إيران ترد على الهجوم الإسرائيلي ب"الوعد الصادق 3″ بعد مقتل قيادات بارزة    الضربة الإسرائيلية لإيران| الطاقة الذرية بطهران تكشف عن تلوث داخل منشأة «نطنز» النووية    بسبب حرب إيران وإسرائيل.. إلهام شاهين: «المجال الجوي مغلق بالعراق ومش عارفة هرجع مصر إمتى»    وزير الخارجية والهجرة يجرى مشاورات سياسية مع نظيره الألماني    «اسم الأهلي مكتوب في التاريخ».. ريبيرو يتحدث بشأن صفقة ضم رونالدو    الأهلي يهنئ سيراميكا ببطولة كأس عاصمة مصر    ليفربول يدفع مبلغًا ضخمًا لحسم صفقة الموسم    وكيل تعليم دمياط يتفقد تجهيز لجان امتحانات الثانوية العامة    الأسبوع الأكثر حرارة| تفاصيل طقس الأيام المقبلة وتحذيرات حتى الخميس 19 يونيو    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو لهو طفل بمنتصف أحد المحاور بالمقطم    إصابة 3 أشخاص إثر مشاجرة مسلحة بين عائلتين بقنا.. والأمن يضبط المتهمين    البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو في المسابقة الرسمية لمهرجان عمان السينمائي    إعلام أمريكي عن مصادر: المستشفيات الإسرائيلية وضعت في حالة تأهب قصوى    رحلة تعريفية لوفد من المدونين والمؤثرين الأمريكيين بالمقصد المصري    القاصد يهنئ محافظة المنوفية بعيدها القومي    مدير بايرن يثير الشكوك حول مستقبل كومان بعد كأس العالم للأندية    تقارير: أتلتيكو مدريد ينسحب من صفقة ثيو هيرنانديز    إزالة 8 حالات تعدي على الأراضي الزراعية بالشرقية    بالصور.. «الفندق» في أول لياليه على مسرح ملك    خاص| سلوى محمد علي: انفصال بشرى فاجأني وأنهت العلاقة بشياكة    «نويرة» تغني تترات الدراما المصرية على المسرح الكبير بالأوبرا    الطيران المدني: المجال الجوي آمن.. ورفع درجة الاستعداد القصوى    الرعاية الصحية والجمعية المصرية لأمراض القلب تختتمان حملة التوعية بقصور عضلة القلب بيوم رياضي    قلق عالمي بسبب انتشار «السعال الديكي».. أسبابه وطرق الوقاية منه    بيريز يدعم لاعبي ريال مدريد قبل مواجهة الهلال في كأس العالم للأندية    «الرقابة النووية»: نتابع كافة التطورات ونرصد المستويات الإشعاعية في مختلف أنحاء الجمهورية    أنشطة وورش متنوعة لأطفال روضة السيدة زينب احتفالا باليوم العالمي للعب    خطباء المساجد بشمال سيناء يدعون للوقوف صفا واحدا خلف القيادة السياسية    قرار جديد من الفيفا قبل انطلاق مونديال الأندية    تجهيز 24 استراحة للمشاركين في امتحانات الثانوية العامة ب كفرالشيخ    إصابة 5 أشخاص في حادث انقلاب سيارة بوسط سيناء    3 أيام متتالية إجازة رسمية للموظفين والبنوك والمدارس    حملات أمنية لضبط جالبي ومتجري المواد المخدرة والأسلحة النارية والذخائر غير المرخصة في أسوان ودمياط    إخلاء سبيل والد عريس الشرقية المصاب بمتلازمة داون ووالد عروسه    إنفوجراف| إسرائيل تدمر «عقول إيران» النووية.. من هم؟    أسباب عين السمكة وأعراضها ومخاطرها وطرق العلاج والوقاية    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 137 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    الحج السياحي في مرآة التقييم ..بين النجاح وضيق المساحات.. شركات السياحة تطالب بآليات جديدة لحجز مواقع الحجاج بالمشاعر المقدسة .. دعوات بعودة التعاقد الفردي مع المطوفين    وكيل الأوقاف ببني سويف يوجه بضبط استخدام مكبرات الصوت لعدم إزعاج المواطنين    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر    من صمت الصخور إلى دموع الزوار.. جبل أحد يحكي قصة الإسلام الأولى    رئيس مدينة بلبيس يتعرض لمحاولة اعتداء مسلح أثناء ضبط مخالفة بناء    محمد هاني: "لم يخطر على بالي انضمام زيزو إلى الأهلي"    الدولار الأمريكي يرتفع متأثرا بالضربة الإسرائيلية على إيران    أبو العينين: طارق أبو العينين ابتعد عن سيراميكا كليوباترا بعد انضمامه لاتحاد الكرة    سعر الفراخ بالأسواق اليوم الجمعة 13-6-2025 فى المنوفية.. الفراخ البيضاء 87 جنيه    رئيس الوزراء: نتابع الموقف أولا بأول وتنسيق بين البنك المركزي والمالية لزيادة مخزون السلع    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 13-6-2025 في محافظة قنا    في ختام رحلة الوفاء.. أسر الشهداء يغادرون المدينة المنورة بقلوب ممتنة    مع إعلانها الحرب على إيران.. إسرائيل تُغلق مجالها الجوي بالكامل    نتيناهو: نحن في لحظة حاسمة في تاريخ إسرائيل وبدأنا عملية «شعب كالأسد» لإحباط المشروع النووي الإيراني    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025.. عطلة رسمية للقطاعين العام والخاص    تعامل بحذر وحكمة فهناك حدود جديدة.. حظ برج الدلو اليوم 13 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جريمة تعكس لغز الإنسان الأزلي
نشر في محيط يوم 19 - 08 - 2014

ثمة جرائم يقف المرء أمامها مذهولًا، يضرب أخماساً بأسداس، تبدو بلا معنى أو سبب منطقي أو دوافع عاتية، ويسأل: هل هذا خلل في الطبيعة الإنسانية أم خلل في البيئة المحيطة بالفاعل؟ الإجابة عن هذا السؤال ليست سهلة بالمرة.
ولو عدنا إلى أول جريمة إنسانية، هل فيكم من يعرف من الذي علم الأخ سفك دم أخيه؟ وكيف واتته فكرة القتل البشعة ولم تكن هناك جريمة قبله يمشى على خطاها؟ والقتل في عرف علماء النفس هو لحظة جنون مؤقت، يفقد فيها القاتل عقله ويتصرف بوحشية نابعة من غريزته ومشاعر الحقد المسيطرة عليه، دون كوابح من قيم أو أخلاق أو دين..
فماذا عن أم تقتل أولادها ومشاعر الحب والرحمة هي المسيطرة عليها؟ هل المرض النفسي أو العقلي يفسر هذا النوع من القتل رحمة بالضحايا؟
بالقطع، الإنسان هو أعقد ألغاز الكون وسيظل كذلك، وفي مدينة الإسكندرية وقعت هذه الجريمة، وهي تأخذ شكلاً طلسمياً مركباً يصعب فكه والدخول إلى زواياه وفهم أسراره، فكيف نفسر أن تذبح أم طفليها الصغيرين دون سبب؟ أو هكذا تبدو الجريمة..
لم تعرف الشرطة بأمر الجريمة إلا من الأم نفسها، كان الوقت بعد الظهر حين دخلت سيدة محجبة في ملابس سوداء إلى قسم المنتزه في الإسكندرية، وهي تصرخ: أولادي قتلوهم.. أولادي ذبحوهم. حاول الضابط المناوب أن يهدئ من روعها حتى يفهم سر عبارتها، فلم يفلح..
فسألها: أين هم؟ قالت: جثثهم في البيت. ونزل ضابط المباحث الجنائية وصحب السيدة إلى شقتها، فوجد صبياً ملقى على وجه بأرضية الحمام مذبوحاً من رقبته، وفي الناحية الأخرى ترقد جثة أخته بالطريقة نفسها على أرضية المطبخ! سألها الضابط: كيف عثرت عليهما؟ قالت: خرجت أشتري بعض حاجات البيت وعدت فوجدتهما مقتولين.
الأم في الثالثة والأربعين من عمرها، كانت تعمل مدرسة، ولحقت بقطار الزواج قبل محطته الأخيرة وهي في الثلاثين، مع مهندس كهرباء يكبرها بست سنوات، ويبدو أنه لم يفكر في الزواج إلا بعد أن عاد من هجرة مؤقتة في دولة خليجية كون فيها «قرشين» ليفتح بيتاً.
زواج تقليدي يسميه المصريون زواج صالونات، أي دون سابق معرفة أو ارتباط! وحين أنجبت بنتين وولداً، تركت عملها في المدرسة وتفرغت لأولادها، ومصادفة هي التي أنقذت البنت الكبرى من القتل، وعمرها 12 عاماً، إذ خرجت لزيارة جدتها في صباح ذلك اليوم المشؤوم، بعد أن طلبتها الجدة بالتليفون. وكان الأب في عمله حين انهالت عليه المكالمات التليفونية من الجيران: احضر فوراً.
أدرك الأب أن ثمة مصيبة في انتظاره، لكن لم يتخيل مطلقاً أن اثنين من أولاده قد ذُبحا.
سأل ضابط الشرطة الأم عشرات الأسئلة، ولم يستدل منها على ما يشير إلى المجرم المتجرد من إنسانيته، خاصة أن باب الشقة لم يكن مكسوراً، أي أن القاتل لم يدخل إلى الشقة عنوة.
واستجوبت الشرطة الأب عن أعداء له، فأصر على عدم وجود هؤلاء الأعداء، فلا سبب عنده لعداوة تنتهي بالقتل! وواجهت الشرطة معضلة أم تبدو مثالية، هجرت عملها من أجل تربية أولادها، وأب حسن السمعة بلا عداوات، وطفلين مذبوحين بطريقة توحي بالانتقام، فمن يكون الفاعل؟! برقت فكرة في ذهن ضابط المباحث، صحيح أن الأم تبكي وتولول وفاقدة القدرة على الكلام، لكن في بكائها وولولتها شيئاً غير طبيعي؛ العيون جامدة، والملامح حادة ترسمها عظام الوجه بقسوة..
وصبر الضابط يومين أو ثلاثة، ثم استدعى الأم إلى القسم لاستكمال التحقيقات، وظل يرهقها بأسئلة مباشرة، كما لو أنه يملك دليلاً على جريمتها، وفجأة قالت الأم ببرود لا يقل عن برودة لوح ثلج في عز شتاء: نعم أنا القاتلة!
لم يصدق الضابط نفسه، وكان تصوره المبدئي «أن الزوجة ربما كانت على علاقة بشخص قطعت علاقتها به فانتقم منها.. وياما حكايات من هذا النوع في الدنيا عن نساء يستحيل أن نشك فيهن! وسألها: طيب..
لماذا؟! أجابت الأم: إراحتهم من متاعب الدنيا، فالحياة صعبة والناس بقت وحشة جداً وعيالي لن يتحملوا! روت الأم كيف قتلت الطفلين»: «طلبت من ابني يوسف (10 سنوات) أن يرتب حجرته فرفض، لأنني لم أوافق على ذهابه للبحر، فضربته، فقاوم، جن جنوني فجررته من رقبته، خربش وجهي، ظللت أسحبه على الأرض وأخذت سكيناً من المطبخ وضربته في رقبته، جرت ابنتي (5 سنوات) صارخة: ماما..
ماما، فضربتها بالسكينة لتسكت! غسلت السكين، لبست ملابسي وخرجت إلى الشارع وعدت بعد ساعتين..
لم يصدق الأب الرواية ولا الاعترافات، وما زال، فهم مستقرون لا يعيشون في فقر، والأولاد في مدارس خاصة راقية، والأم تعيش في بحبوحة نسبية! هل ما حدث في مصر بعد 25 يناير من تظاهرات وعنف وانفلات أمنى، له دور في هذه الجريمة؟ بالقطع ستظل هذه الجريمة لغزاً يعادل لغز الإنسان نفسه، بالتغيرات التي تنتابه وتحوله من حالة إلى حالة مختلفة تماماً.
نقلا عن " البيان" الاماراتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.