كان رجال المباحث تعصف بأذهانهم منذ أول استطلاع لملامح الجريمة, أن الجاني تحسب لجريمته وأخفي أدلة إدانته بذكاء شديد جعلهم يعيدون فحص جثتي الطفلين الشقيقين أكثر من مرة لأكثر من11 ساعة بالاستعانة بفريق من الطب الشرعي الذي أكد تقريره أن جثة الطفل يوسف وجدت رأسه تتجه لملاصقة الأرض وبها جرح ذبحي بالرقبة من الجهة اليمني, وأن وضعه واتجاه قدميه يفضحان محاولات اشتباكه ومنع قتله أكثر من مرة إلي أن تمكن القاتل منه ونفذ جريمته وذبحه, ولاحظ المقدم عماد عبدالظاهر رئيس وحدة مباحث باب شرق, الذي كان أول من أرسل إخطارا بالواقعة عقب فحصه وقائع الجريمة بالعقار رقم14 بشارع عبدالمنعم سند, أن اتجاه عيني الجثة الثانية للطفلة مريم التي لم تتجاوز السنوات الخمس تنظر إلي زاوية بعيدة عن باب المطبخ الذي وجدت مذبوحة علي أرضه, الأمر الذي يزيد الجريمة تشابكا وصعوبة, ويوحي بأن القاتل قد يكون معلوما لها أو لأخيها ذي السنوات العشر. وبدأ رجال المباحث يعيد كل منهم قراءة تقريره من جديد للوصول إلي خيط يقود إلي من تجرد من أي معان للرحمة أو الإنسانية, وبدأت تتأزم ملابسات الواقعة من جديد بعد تأكيد رجال رفع البصمات أن القاتل لم يعثر علي أي من بصماته في أي مكان بعيدا عن مكان الجريمة, وبدأت ملامح مفاجأة تتشكل باقتراح مناقشة الأبوين من جديد, خاصة الأب, وتم استجواب المسكين الذي لم يكف عن البكاء واضطر الضابط إلي الاستعانة بطبيب لتهدئته عند إعادة سؤاله, إلا أنهم لم يصلوا إلي جديد لديه, وبمناقشة أمهما المدرسة جاءت الفاجعة مدوية, ظهرت ملامحها علي وجوه الضباط عقب ملاحظة إصابتها بخدوش بأصبع السبابة باليدين, وكدمة بالعين اليسري, وبدأ الرجال يسألونها أسئلة استرشادية تقود إلي أي معلومات لم تذكرها أو أنكرتها, وعندما سئلت عن طفليها المذبوحين وهل كانت تتنزه معهما, ردت بكلام غريب زاد الشك في كونها ارتكبت الجريمة, وضيق رجال المباحث الخناق حول الأم التي تراوغ محاولة إنكارها أي صلة بالجريمة, فاتهمها أحد المحققين بأنها هي من فتح الباب للجاني لتنفيذ جريمته انتقاما من زوجها, وأنهم سيخطرون الزوج بفعلتها, فانهارت الأم واعترفت بارتكاب الواقعة وسط ذهول المحققين والضباط, معللة فعلتها بحدوث مشادة بينها وبين طفليها المجني عليهما, بسبب الخلاف علي الأعمال المنزلية, وأكدت أنها صباح يوم الحادث طلب نجلاها منها الخروج للتنزه بإلحاح, مما أصابها بحالة من الضيق وشعرت بضغط نفسي غريب نتيجة الأعباء الأسرية, فقامت بالتقاط قطعة قماش والإمساك بنجلها وكتم أنفاسه بحمام الشقة, فقام بمقاومتها ما أدي لإصابتها بيديها وكدمة بعينيها, فقامت بخنقه بحبل إلي أن توقف وسكنت حركته عن المقاومة, فاستلت سكينا وقامت بذبحه, وفي أثناء ذلك شاهدتها نجلتها مريم فقامت بالصراخ والهرب منها إلي أن أمسكتها داخل المطبخ وقامت بذبحها بذات السكين. تم إلقاء القبض عليها وأرشدت عن السكين المستخدم وأحيلت إلي النيابة. أعلنت دقات الساعة تمام الخامسة من صباح أمس الخميس في غرفة الاجتماعات الملحقة بمكتب اللواء عبدالموجود لطفي مدير أمن الإسكندرية, الذي أعلن حالة الطوارئ لليوم الثالث علي التوالي لكشف ملابسات الجريمة التي تلقي بلاغها اللواء ناصر العبد مدير مباحث مديرية أمن الإسكندرية بالعثور علي جثتي طفلين بأحد العقارات