صدر قانون الأحوال الشخصية للمسلمين سنة 9291، وقد استمدت أحكامه من مختلف المذاهب الإسلامية، وبما يتفق مع المجتمع، وأوضاع الأسرة المصرية، وفي العهد الناصري ألغيت "المحاكم الشرعية"وأحيلت القضايا والاختصاص بمنازعات الأسرة إلي المحاكم المدنية، وقد صدرت في عهد السادات، قوانين بأحكام جديدة أطلق عليها اسم "قانون جيهان"!!
وتضمنت قواعد تخصيص الشقة للأم الحاضنة المطلقة، وتكفل سرعة الفصل في قضايا النفقة، وتلزم بنك ناصر بسدادها حتي يصدر الحكم... إلخ. وفي »العهد المباركي«، صدر ما يسمي »قانون سوزان«، الذي قنن »الخُلع«، ورفع سن الحضانة للذكر حتي سن الرشد، وللأنثي حتي تتزوج... إلخ!!
وقد أدت هذه القوانين الجديدة، مع انتشار البطالة، وأزمة الإسكان، وتدني القوة الشرائية للأجور والمرتبات، إلي نشوء »أزمة الزواج«!! ليس فقط نتيجة العجز الاقتصادي للشباب، ولكن لأن هذه التعديلات قد أدت لخوف الشباب من فشل الزواج بعد إنجاب الأطفال، واستيلاء الزوجة علي مسكن الزوجية الذي وفره أهل الزوج، أو هو ذاته بشق الأنفس!!،
وأن تبقي للأم الحاضنة تلك الفترة الطويلة، حيث يلتزم المطلق بالإنفاق ويعاني من التعنت، في رؤية أولاده، والقطيعة التي تفرضها المطلقة بينهم وبين أهل الزوج، فضلاً عن تحكم الحاضنة في تعليم الأطفال!! رغم إرادة أبيهم!!
وبالتالي فقد أصبح في مصر 6 ملايين »عانس«، يضاف إليهم سنوياً مئات الآلاف، ولقد صاحبت تلك التعديلات الموضوعة التي أدخلت علي قوانين الأحوال الشخصية في عهد السادات والرئيس الحالي، حملات إعلامية بأن هذه التعديلات استهدفت استقرار الأسرة وحماية حقوق المرأة!! ب
ينما الحقيقة أنها قد أدت إلي العنوسة والعزوبية وعدم تكوين الأسر، وتفسخها بعد تكوينها!! وذلك لعدم احترام هذه التعديلات أحكام الشريعة الإسلامية - التي تقرر الولاية للرجل علي زوجته وأطفاله، دون ظلم أو تعسف، حيث قال تعالي »الرجال قوامون علي النساء، بما فضل الله بعضهم علي بعض وبما أنفقوا...« ورغم معارضة فقهاء الشريعة والقانون لهذه التعديلات في حينها!!
وقد تم تمريرها بالأغلبية الميكانيكية الساحقة لمجلس الشعب، ودون اعتداد بما تنص عليه المادة (9) من الدستور من أن »الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وتحرص الدولة علي الحفاظ علي الطابع الأصيل للأسرة المصرية... إلخ«. وما تنص عليه المادة (10) من أن تكفل الدولة حماية الأمومة والطفولة وترعي النشء والشباب، وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم... إلخ!!
ومع كل ما سبق فقد شاهدت منذ أيام حوارا في قناة الحياة عرضت خلاله رئيسة إحدي جمعيات الدفاع عن المرأة، اقتراحاً بقانون جديد، زعمت أنه قد أقرته عشرون جمعية أخري ويعدل قوانين الأحوال الشخصية وأول هذه التعديلات أحكام عن مرحلة الخطبة وحقوق الطرفين.
وهذه الأحكام مُقررة في فقه الشريعة الإسلامية ومطبقة في المحاكم منذ 1955 ودون مشاكل، والتعديل الثاني يتعلق بالحضانة، ويقرر بقاءها حتي لو تزوجت المطلقة، وإن انتهت تعود للزوج!!
والحضانة لا تكون لغير النساء وفقاً لمراتب محددة ومعروفة، لا يجوز بقاؤها في حالة زواج المطلقة لكي لا يكون الأطفال تحت ولاية غريب عن أبيهم!!
والتعديل الثالث يتعلق بتعدد الزوجات، ويقرر أنه لا يجوز هذا التعدد إلا لو ثبت لدي القاضي يسار الزوج!! والمثير في الأمر أنه أصبح تأليف القوانين المنظمة للأسرة تتصدي لها شخصيات لا خبرة لها بأحكام الشريعة الإسلامية، المصدر الرئيسي للتشريع طبقاً للمادة (2) من الدستور.
وليست لها دراية بالظروف الاقتصادية والاجتماعية والعائلية السائدة، وتحركها دوافع ذاتية للشهرة، وضد الأزواج ولا تعرف مَن مِنْ ذوات النفوذ حالياً، وراء هذا المشروع، هل هو إضافة للنزاعات الفئوية والطائفية السائدة بالنزاع بين الأزواج والزوجات!!