وسوسة الشيطان لا تدوم، ولا تعود، ولا تتكرر، ويحاول الشيطان أن يوسوس في صدور الناس، فإذا لم يستجب الإنسان لهذه الوسوسة، وقاومها، وانشغل عنها فإنه لا يعود إليها مرة ثانية، ويذهب ليوسوس له في شيء آخر، فإذا وجد الإنسان من نفسه دعوة بالكسل عن الصلاة، أو عن الذكر، أو دعوة تدعوه إلى شيء مكروه أو محرم، ثم لم يجد في نفسه ذلك بعد هذا فإن ذلك من وسواس الشيطان، { مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ } فهذه أذية الشيطان، وهو ضعيف، ولا سلطان له علينا، والله - سبحانه وتعالى - أوكله، ولكنه أضعفه, وأبقاه، ولكنه خذله. ويستطيع الإنسان أن يتقي شر الشيطان من أقرب طريق، وبأبسط وسيلة، فالأذان يذهب الشيطان, والذكر يذهب الشيطان, وخواتيم سورة البقرة تذهب الشيطان وتحصِّن المكان, وقراءة آية الكرسي نحتمي بها من الشيطان, و أذكار الصباح والمساء أيضاً, فالشيطان يُرد من أقرب طريق وبأبسط طريقة, وحياة الإنسان مع الذكر، ومع القرآن، ومع العبادة، ومع الطهارة، ومع الأذان، ومع الصلاة، ومع الصيام تجعل الشيطان يفر ويذهب. المشكلة هي مشكلة النفس، لأن النفس تحتاج إلى تربية, والنفس تعيد على الإنسان دعوته إلى التقصير، ودعوته إلى الحرام, ودعوته إلى المكروه مرة بعد أخرى، فإذا ما قاومتها في أول مرة عادت تلح علييك في المرة الثانية, هذه هي النفس الأمَّارة, ولذلك استعملوا معها صيغة المبالغة, فهي: أمَّارة على وزن: فَعَّالة, وصيغة المبالغة فيها تكرار، وعود، ومبالغة، وفعل كثير, فالنفس لا تأمر مرة ثم تسكت، بل إنها تلح مرة بعد مرة. النفس الأمارة بالسوء هي أصل النفوس, عموم الناس تأمرهم نفوسهم بالسوء، فإذا ما ارتقينا إلى ما بعدها أي إلى: النفس اللوامة, وجدنا هناك نزاعا بين الإنسان وبين نفسه، مرة تأمره بالمنكر، فيحاول أن لا يستجيب، ومرة يستجيب ثم يتوب ويرجع، ويدخل في منازعة، وفي أخذ ورد معها، إلى أن تستقر على: النفس الملهمة، وهي الدرجة الثالثة من درجات النفس. وبعضهم قال: إن هذا بداية الفناء، وأن النفوس ثلاثة: أمارة، ولوامة، وملهمة, وبعضهم قال: إننا لا نكتفي ببداية الكمال، بل علينا أن نترقى فوق ذلك إلى أن نصل إلى: الراضية، والمرضية، والمطمئنة، والكاملة. وهذه المراحل تبدأ في عموم الناس، مسلمهم وكافرهم، تبدأ بالنفس الأمارة بالسوء, إلا أن هذه النفس الأمارة عندها استعداد لأن تتحول إلى نفس لوامة، وهذه النفس اللوامة لديها استعداد لأن تتحول إلى النفس الملهمة، فالاستعداد موجود، ولكن الشائع هو أن نفس الإنسان من قبيل النفس الأمارة بالسوء. من نصائح الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق بعد رمضان