"شوارع شبه خالية.. وأجواء مملة" تلك كانت حالة العاصمة اليمنية صنعاء، ومدن يمنية، في أول وثاني أيام عيد الفطر المبارك، بعد أن حزم عدد كبير من سكانها حقائبهم وغادروا إلى الريف قبل نهاية رمضان بأيام، أملا في الاستمتاع بإجازة في أحضان الطبيعة. ويستعيد الريف اليمني عافيته خلال عيدي الفطر والأضحى من كل عام، في ظل ندرة المتنفسات والحدائق الكبيرة داخل المدن الرئيسية. وأعتادت أعين اليمني، مشاهدة رجال ونساء صحبة حقائبهم وهم في طريقهم للخروج من العاصمة صنعاء في أخر أيام رمضان قاصدين قراهم لقضاء الأجازة بالقرب من أهاليهم، وهو ما تكرر هذا العام رغم أزمة المشتقات النفطية التي تشهدها البلاد منذ فترة. وتمتد اجازة عيد الفطر المعتادة في اليمن لأكثر من ثمانية أيام (من الأحد 27 يوليو/ تموز إلى الأحد 3 أغسطس/ آب)، وهو ما دفع على كثير من موظفي الجهاز الإداري للدولة إلى الرحيل إلى الأرياف لقضاء هذه الاجازة الطويلة؛ حيث الأهل وذكريات الطفولة. وقال ماجد العبسي، وهو موظف في شركة خاصة بصنعاء، في حديث لوكالة الأناضول، إن "العيد لا يكتمل إلا بالتواجد وسط جميع الأهل والأقارب.. والمدن لا تستطع توفير هذا الجو الدافئ والحميمية التي يخلقها الريف". العبسي أضاف: "هناك طقوس خاصة في الأرياف خلال العيد، هنا تلتقي أقاربك وأصدقاء طفولتك، وتوفر لأطفالك حدائق طبيعية وأجواء لا يجدونها في حدائق المدن المزدحمة". وتتواجد في العاصمة صنعاء حديقتين حكوميتين هما "الثورة" و"السبعين"، تقدم للجمهور ألعاب تسليه قديمة وبعضها خرج عن الجاهزية، إضافة الى حدائق خاصة، يرتادها الميسورين، حسب مراسل الأناضول. ويحرص سكان الأرياف في اليمن على إقامة حفلات الأعراس لاولادهم بالتزامن مع أيام أعياد الفطر والأضحى، حيث تكون المناسبات مكتملة بحضور أبناء القرى الذين يعملون في المدن ويعودون لقضاء اجازة العيد فيها. وتلجأ عشرات الأسر التي تسكن العاصمة صنعاء ولا تستطيع السفر الى قراها، إلى زيارة "وادي ظهر"، غربي صنعاء، ويقضون مع أطفالهم أوقاتا هادئة مستمعتين بأجواء الطبيعة، التي تحيط بالقصر الأثري البارز "دار الحجر". وفي منطقة "وادي ظهر"، قال أيمن أحمد، وهو شاب عشريني، لمراسل الأناضول: "هذا المكان مقصد سياحي لمئات الناس الذين يبحثون عن هواء نقي، لكنه مهمل من قبل الجهات المختصة؛ لا توجد استراحات خاصة للعائلات ولا خدمات". وأضاف: "من يريد الهرب من أجواء العاصمة المملة في الأعياد، لا يفكر سوى بوادي ظهر، أو شلال بني مطر، ومع الأسف المزارين لا يتمتعان بخدمات سياحية تشجع الزوار، هناك تقصير كبير من الحكومة وحتى القطاع الخاص لم يلتفت لهذه الأماكن". وشلال بني مطر هو مسقط ماء عذب يقع في مديرية بني مطر و يبعد عن العاصمة صنعاء بأقل من (70) كيلو متراً. وخلال السنوات الماضية، كانت مدينة عدن، جنوبي البلاد، تستقطب عشرات الآلاف من الزوار خلال إجازة العيد، للاستمتاع بشواطئها، لكن الاضطرابات الأمنية، والاحتجاجات التي تنادي بانفصال الجنوب عن الشمال، قلصت كثيرا من زوارها لصالح مدينة "الحديدة"، غربي البلاد. إلا أن تمتع مدينة الحديدة بطقس حار بالتزامن مع عيد الفطر خلال الأعوام الأخيرة، جعل كثيرون لا يفكرون بزيارتها في ذلك الوقت، وإنما في عيد الأضحى، حيث يكون فصل الصيف اللاهب قد بدأ بلملمة حرارته للمغادرة.