يترسب في يقين الجماعة الشعبية أنه إذا حل رمضان قيد العفاريت والجن في قماقم من النحاس، فلا يظهر الجن طوال هذا الشهر، ويستطيع الناس أن يعيشوا في سلام وطمأنينة بل يستطيعون أن يرتادوا مسارح الجن في الأماكن المهجورة دون خوف، أو وجل لأن الجن سجنها رمضان. ومن هنا يأخذ القرويون في السهر خارج بيوتهم، وربما يقومون بزيارات للقرى المجاورة ليلاً، في الظلام الدامس في شهر رمضان دون غيره من شهور السنة، والأطفال في القرى يرددون هذا الرأي في أناشيد جماعية، وهم يلهون فرحين بشهر رمضان: يا رمضان يا عود كبريت/ يا مقيد العفاريت حتى إذا جاء آخر يوم في رمضان، كما يذكر كتاب "معجم رمضان" لفؤاد مرسي، أخذ المصريون عدتهم لاستقبال عيد الفطر المبارك، ولكنهم في الوقت نفسه يعملون ألف حساب لما توارثوه من الرأي القائل، بالإفراج عن العفاريت عقب صلاة المغرب مباشرة، حتى تبلغ السذاجة ببعض أفرد الشعب إلى الخوف من أن عفريتاً من العفاريت التي تخرج منطلقة من القماقم النحاسية قد تضل الطري فتدخل الدور والمنازل وتستقر فيها، فكان لابد أن يقوم الشعب بعمل ما لدرء خطر اقتحام الجن والعفاريت منازلهم، لذلك يرشون الملح في كل ركن من المنزل وخاصة في أركان الحجرات ويضربون آنية نحاسية بها قليل من الملح حتى إذا اقترب العفريت من المنزل، وسمع هذه الأصوات النحاسية توهم أنها القماقم التي سجن فيها فيهرب عن هذا المنزل خوفاً من أن يسجن مرة أخرى!. ويغني الأطفال في ذلك الوقت: يا رمضان يا صحن نحاس/ يا داير في بلاد الناس/ سقت عليك أبو العباس/ تبات عندنا الليلة والمقصود هنا هو الخليفة العباسي، وربما كان المقصود أيضاً هو ولي الله المرسي أبو العباس بالإسكندرية. ويغنون أيضاً: يا بركة رمضان/ حطي في كل مكان وما زال هذا الاعتقاد سارياً في عديد من القرى المصرية، حيث يقوم البعض بطقوس من شأنها استبقاء تلك الكائنات الشريرة مصفدة: فمثلاً في محافظة كفر الشيخ "بيلا" تعد السيدات كريات من العجين وتجففها في الشمس قليلاً، ثم يوزعنها بأرجاء المنزل، وتُبقي حجرات المنزل مضاءة طول الليلة الأخيرة من ليالي شهر رمضان. ومن المعتقدات المرتبة – كذلك – برحيل شهر رمضان ما يقوم الأطفال في قرية "بهييت الحجارة" بمحافظة الغربية؛ حيث يقوم أطفال كل أسرة برّص قوالب من الطوب على أسطح منازلهم، ويحمل كل قالب اسم واحد من أفراد الأسرة، ويراقبون ما فعلوه في اليوم الأول من أيام عيد الفطر، فإذا ما سقط أحد القوالب يكون معناه لديهم أن صاحب القالب سيتوفاه الله خلال هذا العام ويتحسبون لذلك!.