بعد الانخفاض الأخير.. سعر الذهب اليوم الاثنين 2 يونيو 2025 في الصاغة وعيار 21 بالمصنيعة    ب50 مليون جنيه.. محافظ الدقهلية يفتتح مجزر المنصورة نصف الآلي بقرية ميت الكرما    مد فترة حجز شقق "سكن لكل المصريين7" لهذه الفئة    موعد إجازة البنوك بمناسبة عيد الأضحى    محافظ القليوبية يوجه رؤساء المدن بتكثيف المرور الميداني: لا تهاون مع التعديات خلال عيد الأضحى    انخفاض المؤشر الرئيسي للبورصة وحيدًا بمستهل جلسة اليوم    مياه الأقصر تقود حملات لتوعية محال الجزارة والمواطنين قبل عيد الأضحى.. صور    روسيا: تلقينا مسودة مذكرة أوكرانية بشأن السلام    رئيس التشيك: نأمل في أن تواصل قيادة بولندا العمل على ترسيخ قيم الديمقراطية    غادة والي تُعلن استقالتها من الأمم المتحدة: آن الأوان لأكون مع عائلتي (فيديو)    بعد بيراميدز.. كروز أزول رابع المتأهلين لكأس العالم للأندية 2029    منافس الأهلي.. بالميراس يفرط في صدارة الدوري البرازيلي    خلال 24 ساعة.. ضبط 40074 مخالفة مرورية متنوعة    بدء استقبال حجاج السياحة الخمس نجوم في مكة استعدادا للتصعيد إلى عرفات    فتح باب التقديم الإلكترونى للصف الأول الابتدائى ورياض الأطفال بدمياط    إصابة 5 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالشرقية    حدائق تلال الفسطاط تستعد لاستقبال مهرجانات كبرى    لبنى عبد العزيز: «الإذاعة بيتي كإني إتولدت فيه»| فيديو    بعد قليل.. مصر تحتفل بإنجاز تاريخي بالسيطرة على التهاب الكبد "بي"    بالفيديو.. عميدة معهد التغذية السابقة تحذر من الإفراط في استخدام السكر الدايت    إرتفاع أسعار النفط بعد قرار «أوبك+» زيادة الإنتاج في يوليو    بركات: بيكهام مكسب كبير للأهلي ووداع مستحق لمعلول والسولية    جامعة القناة ترسم البهجة على وجوه أطفال دار أيتام بالإسماعيلية    الرئيس السيسي يهنئ مسلمي مصر بالخارج بحلول عيد الأضحى المبارك    مواعيد إجازة البنوك خلال عيد الأضحى    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب قبالة سواحل هوكايدو شمالي اليابان    أفكار لن يخرج عنها الامتحان .. 12 سؤالًا مهمًا فى الفيزياء لطلاب الثانوية العامة    الصين تتهم الولايات المتحدة بتقويض التوافق الذي تم التوصل إليه خلال محادثات جنيف    مجلس الأمن الأوكرانى : دمرنا 13 طائرة روسية فى هجوم على القواعد الجوية    صحف قطرية: القاهرة والدوحة تسعيان لتذليل أى عقبات تواجه مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة    موعد عودة الموظفين للعمل بعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2025    مجلس الوزراء : إصدار 198 قرار علاج على نفقة الدولة خلال شهر مايو الماضى    طارق يحيى لإدارة الزمالك: «انسوا زيزو وركزوا في كأس مصر»    ختام دوري حزب حماة الوطن لعمال الشركات الموسم الثاني    دنيا سامي تكشف كواليس دخولها مجال التمثيل    4 أبراج تتسم بالحدس العالي وقوة الملاحظة.. هل أنت منهم؟    رفع درجة الاستعداد القصوى في الأقصر لاستقبال عيد الأضحى    رئيس تشيلي: فرض حظر على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    أرملة إبراهيم شيكا ترد على أنباء مساعدة سعد الصغير للأسرة    المتهم الثاني في قضية انفجار خط الغاز بالواحات: «اتخضينا وهربنا» (خاص)    أشرف نصار: نسعى للتتويج بكأس عاصمة مصر.. وطارق مصطفى مستمر معنا في الموسم الجديد    أحفاد نوال الدجوي يتفقون على تسوية الخلافات ويتبادلون العزاء    هل حقق رمضان صبحي طموحه مع بيراميدز بدوري الأبطال؟.. رد قوي من نجم الأهلي السابق    محافظ الشرقية يشهد فعاليات المنتدى السياحي الدولي الأول لمسار العائلة المقدسة بمنطقة آثار تل بسطا    "زمالة المعلمين": صرف الميزة التأمينية بعد الزيادة لتصل إلى 50 ألف جنيه    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة.. 10 كلمات تفتح أبواب الرزق (ردده الآن)    هل يحرم قص الشعر والأظافر لمن سيضحي؟.. الأوقاف توضح    خبير لوائح: هناك تقاعس واضح في الفصل بشكوى الزمالك ضد زيزو    محمد أنور السادات: قدمنا مشروعات قوانين انتخابية لم ترَ النور ولم تناقش    محمود حجازي: فيلم في عز الضهر خطوة مهمة في مشواري الفني    رئيس قسم النحل بمركز البحوث الزراعية ينفي تداول منتجات مغشوشة: العسل المصري بخير    قد تسبب الوفاة.. تجنب تناول الماء المثلج    رئيس حزب الوفد في دعوى قضائية يطالب الحكومة برد 658 مليون جنيه    «قولت هاقعد بربع الفلوس ولكن!».. أكرم توفيق يكشف مفاجأة بشأن عرض الأهلي    هل صلاة العيد تسقط صلاة الجمعة؟ أمين الفتوى يكشف الحكم الشرعي (فيديو)    مسؤول بيراميدز: تعرضنا لضغط كبير ضد صن داونز والبطولة مجهود موسم كامل    هل يمكن إخراج المال بدلا من الذبح للأضحية؟ الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيد الرئيس ابو مازن : لا تصالح
نشر في محيط يوم 27 - 07 - 2014

من هؤلاء سيدي الرئيس الذين تسعى لتقيم سلاما آمنا وعادلا معهم فوق أرضنا فلسطين؟ هل هم العائدون من غزة المذبحة، المنتصرون على نساء وأطفال ومنازل حي الشجاعية وبيت حانون وخانيونس، الذين اغرقوا غزة بالدم والموت، احرقوا أرضها وسماءها وبحرها، وأبادوا عائلات بأكملها، وشردوا ويتموا وهدموا البيت والجامع والنشيد والمشفى والمدرسة؟
من هؤلاء سيدي الرئيس الذين تفاوضهم منذ عشرين عاما، ولم يبقوا لنا كلاما ولا صورا سوى تلك المعلقة على جدار أو على تابوت؟ علقونا ما بين سجن وحاجز، بين سلامهم المسلح وارض تشتبك لحما وصخرا وشجرا مع جرافة ومستوطنة.
من هؤلاء الذين يحاربون الله في شهر رمضان؟ يطلقون النار على الآيات والنساء والصغار، ويقصفون صوت الآذان والحلم والنعاس في النوم واليقظة، العتمة صلبة في غزة، قنابل وطائرات ومجنزرات ومدافع ومجزرة تتلوها مجزرة.
هذا دمنا سيدي الرئيس، دم ابني الذي قتلوه قبل الفجر، رأيت أعضاء جسده تتطاير أمامي في الهواء، تناثر دمه في حضني وكلماته الاخيرة، دهشته وألعابه وحاجاته الصغيرة، لم يستيقظ يا سيدي الرئيس كعادته الساعة السادسة.
البيوت ناقصة في غزة، البشر ناقصو الأعضاء أو مدفونون أو ضائعون وهائمون أو نائمون في ثلاجة الموتى المكتظة، البشر هاربون من الموت إلى الموت، لا نجاة ولا ملجأ، لا وقت للجنازات ولا للصلوات والعزاء، القبور مفتوحة كما السماء.
من هؤلاء سيدي الرئيس ابو مازن، يصطادون أطفالا يلعبون على الشاطئ، تخلى البحر عن إيقاعه الغنائي للصغار، لا أمواج تداعب الفراشات البريئة، البحر خائف، زفرات على الرمل، شهقات ودم، لا صوت في البحر ، أرواح تخرخر لتسمع صوت الماء الماء الماء.
لا تصالح، هي هيروشيما الجديدة، نكبتنا المتكررة، الدبابات تطاردنا منذ مجزرة ديرياسين حتى الشجاعية، هناك قتلونا، وهنا قتلونا بمليء البصر والسمع، لاحقونا في المخيم ومدرسة الوكالة، لا خيمة في هذه الجريمة العصرية، لا مياه ولا أضواء ولا أدوية، لا قبور كافية، لا وداع للمحبين، الموت يقفز بين السماوات والصحاري والأودية.
لا تصالح، لإنك حاولت أن تعدّل نص الخرافة الصهيونية وفصل التّيه الأخير، وتعالج أوجاعهم وجنونهم فاستكبروا وتوغلوا واستفحلوا، أدخلوك السجن والمقصلة، ولم تعد أغنية السلام مشتركة.
سيدي الرئيس، لا تصالح باسم هؤلاء الأطفال الذين مزقتهم القنابل، وتلك النساء اللواتي ذبحن ساعة السحور، باسم صراخ غزة وبحرها ونخيلها وجميزها، باسم حاراتها ومخيماتها وتاريخها الغائب الحاضر.
لا تصالح، لأنك كنت عاديا وطبيعيا مكشوفا وواضحا أمام شمس السؤال التراجيدي عندما قلت للإسرائيليين: تعالوا إلى السلام الحقيقي القائم على مبدأ التعايش المتكافئ في دولتين على ارض وطننا التاريخي، مشهرا الأمل في وجه الألم لنا ولهم، فردوا عليك بمزيد من المجازر والقتل والاستيطان والاعتقالات، قطعّوا جسد الأرض وابتلعوها وحولوها إلى معازل.
لا تصالح، لأنك حاولت أن تقدم لهم المعونة الأخلاقية والثقافية والسياسية والقانونية كي يتحرروا من عقلية الاحتلال، ومن عقدة الخوف والتفوق والعسكرة، ومن اجل أن يعيشوا بانسجام مع أنفسهم وجيرانهم، وان لا يتحول مجتمعهم إلى مجتمع جلادين، ولكنك لم تفلح في تحقيق هذه المعجزة بكل ما ملكت من شهوة وإصرار إلى الحرية والسلام.
لا تصالح، لأنك وجدت أمامك دولة هي أشبه بمعسكر حربي، تاريخها تاريخ حروب، تبحث عن وجودها وبطولاتها في دمنا، تقف على أبواب غزة فوق دبابة، وتعيد هندسة الاحتلال في الضفة، القدس تتهود، السجون تطفح بالمعتقلين، موجة تطرف وفاشية وقوانين عنصرية تجسد نظام ابرتهايد يزحف إلى المنطقة من البحر إلى البحر.
لا تصالح، لأنك لم تتمكن من تحويل العدو إلى شريك في السلام، فإذا كان الناس يخشون عادة من الحروب، فإنه من الغريب أن دولة إسرائيل تخشى من خطر السلام، وتتهم جهودك الساعية إلى تحقيق السلام العادل بالارهاب الدبلوماسي.
وإذا كان من الطبيعي أن تفرح الشعوب بالإفراج عن الاسرى من خلال التسوية والمفاوضات وبدون قطرة دم، فإنه من غير الطبيعي أن تخشى إسرائيل الافراج عن الاسرى إلا بعد اسر جنود لها في حروبها الدامية.
لا تصالح دولة صار دماغها العسكري اكبر من جسدها، فأصبحت أسيرة لفائض قوة مشبعة، جيشها هو الذي يصنع السياسة، دولة مشهد عسكري ودولة مخابرات وحراس ووحدات للاغتيالات.
وجدت سيدي الرئيس أمامك دولة لا تحمل سوى ذاكرة موت وليس ذاكرة حياة، لا زالت تتقمص شخصية الضحية لتبرير قمعها وحرقها للآخرين، يفتخر جنودها بأعمالهم اللاخلاقية بحق شعبنا، ولا يرى طياروها سكان غزة سوى كائنات غير بشرية وبنكا لأهدافهم القاتلة.
لا تصالح دولة يغيب السلام من مناهجها التربوية والتعليمية، تربي تلاميذها على التطرف القومي والحقد والكراهية، ليصيروا جنودا آليين لا يجيدون سوى أطلاق الرصاص، طردوا محمود درويش من كتبهم الأكاديمية، وأنجبوا مستوطنين خطفوا محمد ابو خضير وأحرقوه حيا.
لا تصالح من حرموا أطفال غزة من فرحة ليالي شهر رمضان، ومن بهجة عيد الفطر القادم، موت هنا، لا حلوى ولا ملابس جميلة، جنازات ورثاء ودموع وثكلى وذكريات حزينة.
لا تصالح دولة سرقت مياهنا وجرفت حقولنا واعتقلت أولادنا وصادرت أراضينا، وأرادت تحويلنا إلى عبيد تحت سلطتها المحتلة، ومن ثم نهبت أعمار شعبنا وزهقت أرواح أبنائنا، بهذا الطوفان الأسود من الموت المشتعل بلا رحمة في غزة.
لا تصالح من وصفوك بأنك اخطر رجل في العالم، كونك رفعت شعار السلام خيار استراتيجي، وأسقطت مشروع الحرب والعدوان من الثقافة والوعي الإسرائيلي، فازدادوا وحشية ورعبا وخشية من شبح ضحية جريئة تمد يدها لتصافح قاتلها.
لا تصالح وقل لهم: الاحتلال هو الأب الشرعي للمقاومة، واقبض على واقعك هذا، واكتب برهانك على النشيد في القدس وغزة، لم يبق في الغد ما يكفي من الوقت والموت للتفاوض أو المساومة.
لا تصالح حتى لو اعطوك من الشكليات والمسميات الكثير الكثير، فرموز الأشياء ليست بديلا عن الأشياء، ولا شيء في حياتنا جدير بأن نقاوم ونضحي من اجله سوى الحرية والكرامة.
سيدي الرئيس ابو مازن: لا تصالح، باسم غزة الفقيرة الصامدة العنيدة المفجوعة، باسم أرواح الشهداء وأحيائها وأحلامها المهروسة تحت جنازير ثقافة الإبادة، وباسم ملحمتها الإنسانية وشمسها التي تشرق ناجية من الموت، تشع في دم الضحايا على كل جهات العالم والقلب.
لا تصالح، وجهك إلى الأمام، تملك قوة الدم العظمى، وهج قضية لم تأسرها الجغرافيا، كوفية سمراء وجمال في الموت والولادة، بلاغة الحق والرواية، عطش الهوية، وردة من ذلك الجرح وتحية، نساء كالأشجار وأشجار كالنساء، أحلام لا تستسلم ولا تنام.
لا تصالح، "إن الحمام المطوّق لا يقدّم بيضته للثعابين حتى يسود السلام"
لا تصالح
إلى أن يعود الوجود لدورته الدائرة
النجوم... لميقاتها
والطيور ...لأصواتها
والرمال... لذراتها
والقتيل لطفلته الناظرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.