أكثر من ثمانية مؤتمرات صحفية قام المحررون الدبلوماسيون بتغطيتها خلال أقل من عشرة أيام فى توقيت يتزامن مع إفطار شهر رمضان الكريم بعدما تحولت وزارة الخارجية لماكينة دبلوماسية تعمل على مدار الساعة فى جهد مضن يتركز على تذليل العقبات التى تحول دون الإسراع بالتوصل لاتفاق لوقف لإطلاق النار فى غزة والذى باتت نيرانه مصدر تهديد داخل وخارج الأراضي العربية المحتلة. تلك المؤتمرات الصحفية التى تتواصل اليوم السبت بمؤتمر صحفى بعد دقائق من رفع آذان المغرب بين وزير الخارجية سامح شكرى ونظيره الأسباني والتى كان آخرها المؤتمر الصحفى الرباعى يوم أمس بين وزير الخارجية سامح شكرى ونظيره الأمريكي جون كيرى وأمين عام الأممالمتحدة بان كى مون وأمين عام الجامعة العربية نبيل العربى، ومن قبله مؤتمرات صحفية مماثلة صارت تقليدا يوميا بين شكرى ونظرائه كالفرنسى والبريطانى والايطالي والنرويجى والأمريكى وبان كى مون وغيرهم، تلك المؤتمرات جسدت حقيقة صارت واضحة لكافة المحللين السياسيين خارج مصر وداخلها وهى أن مصر بقوتها السياسية والعسكرية والتاريخية والجغرافية والبشرية استعادت رصيدها ومكانتها الدولية، استعادتها بالعمل المخلص وقبل ذلك بدماء شهدائنا البواسل التى سالت وهم يدافعون عن ثغور الوطن ويزودون عن قلبه فى الداخل قبل أن تنال منه طعنات الغدر. ودخلت التطورات فى ليبيا على خط الأزمات بقوة فى ظل تحمل الخارجية وأجهزة الدولة المعنية مهمة تأمين سلامة المواطنين المصريين فى أرجاء ليبيا التى تحفل بأمواج متلاطمة من عدم استقرار وقدر لا يستهان به من الانفلات الأمني فى جوار مصر المباشر. وفيما يحمل كل يوم تعيشه منطقة الشرق الأوسط من المتغيرات ما هو أكثر بكثير من الثوابت وبخاصة فى ساحات العراق وسوريا وغزة وليبيا وأخيرا وليس آخرا فى الضفة الغربيةوالقدس فقد أعلنت الصحافة والإعلام المصرى بشكل عام والإعلام الدبلوماسى بشكل خاص حالة أشبه بالاستنفار تفاعلت معها بقدر ملحوظ من الحماس وبرؤية تعكس ثقة غير محدودة فى نهج القيادة السياسية التى أعادت لمصر فى أسابيع قليلة دورها المحورى بعدما حاولت قوى غير خافية على مدار سنوات وعقود أن تنتزعه عنها . البؤر الملتهبة فى ربوع المنطقة لم تكن وحدها التى جعلت غرف وزارة الخارجية وأجهزة الدولة السيادية خلية نحل يتواصل معها العمل ليلا بنهار بظهير إعلامي واع بل امتدت دوائر الحركة لملفات لا تقل أهمية بعضها يتفاعل بحسم فى ساحات المنظمات الدولية والإقليمية وبعضها فى قنصليات مصر بالخارج لرعاية أبنائنا المغتربين مرورا بملفات تتصل بالأمن القومى العربى والدعم الدبلوماسى لمساع الحكومة تعزيز قدرات الاقتصاد المصرى وجذب الاستثمارات والحركة السياحية الوافدة واستعادة آثار مصر المهربة وأخيرا وليس آخرا تعزيز الوجود المصرى العائد بقوة للقارة الأفريقية. وبينما استعادت القاهرة مجددا هذا العام أجواء شهر رمضان الكريم التى ألفها المصريون صباحا ومساء بكافة مظاهرها فقد استعادت بالتوازى مركزيتها كبوابة للسلام وركيزة للاستقرار والدفاع عن العالم العربى فى مواجهة مخططات التفتيت التى تتخذ من الفتنة عنوانا لها ومن الرغبة المحمومة فى استنزاف الشعوب العرببة عبر صراعات هوية داخلية أداة وغاية. واذا كان الزخم الدبلوماسى المصرى منذ ثورة الثلاثين من يونيو - والذى أخذا أبعادا إضافية فى ظل اشتعال الأوضاع فى العديد من البؤر الساخنة فى نطاق مجال مصر الحيوى وداخل الخطوط الحمراء لأمنها القومى - قد فرض على الجهاز الدبلوماسى أعباء إضافية ليس فقط لإطفاء النيران المشتعلة ولكن وقبل ذلك لعرقلة مخططات تفتيت المنطقة فانه فرض على الإعلام الدبلوماسى المصرى ضرورة اليقظة والتأهب للمتابعة وتأمين مظلة تسمح للدبلوماسية بالعمل وتقيها ضربات الإعلام المضاد الذى تتربص أسهمه ومنصاته للنيل من الدور المصرى ومصداقيته ونبل وقومية مقاصده. وبالرغم من عدم مآسسة الإعلام الدبلوماسي المصرى فان الصحفيين والإعلاميين وجدوا أنفسهم مع انطلاق العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أمام موقف اصطفاف غلبت معه بشكل ملحوظ إرادة التوحد للدفاع عن السياسة الخارجية المصرية وتحطيم الضربات الإعلامية الموجهة على طبيعة المنافسة بين وسائل الإعلام والصحف. وبين مقر وزارة الخارجية فى ماسبيرو وفنادق مصر الجديدة ومطار القاهرة وسفارات الدول الإقليمية والأجنبية تفاعل المحررون الدبلوماسيون على مدار الساعة سعيا لاستجلاء الحقائق وردود الأفعال واستخدام منابر الإعلام المصرى لإظهار قوة وصلابة الموقف المصرى وتوعية الرأى العام المصرى والعربى والعالمى بما يدور من تطورات. وإذا كان صانعو السياسة الخارجية فى العالم من بان كى مون لوزراء خارجية الدول الكبرى وبخاصة الأوروبية والدول العربية قد أصبحوا وجوها شبه معتادة يوميا أمام المحررين الدبلوماسيين فقد أصبح المحررون الدبلوماسيون بدورهم وجوها مألوفة لهذه الوجوه الدبلوماسية العتيدة وأطقمها المعاونة. وبعد فان تواصل الجهود المصرية على مختلف المستويات سياسية ودبلوماسية وإعلامية وأمنية لحماية الأشقاء الفلسطينيين لم يصبه فتور بل على النقيض فان مصادرنا تؤكد أنه سيتواصل بمزيد من القوة خلال الساعات والأيام القادمة فى سباق مع الزمن لوقف نزيف الدم الفلسطينى وتأمين ظروف الحياة الطبيعية للفلسطينيين ورفع الحصار عن غزة كهدف مرحلى وإعادة عملية السلام لمسار التفاوض وإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدسالشرقية كهدف قومى إستراتيجي لمصر كما هو لفلسطين بوابتنا الشرقية.