وهي تمسح دمعا انحدر على وجنتيّها بغزارة، لا تُصدق الغزية "نرمين حبيب"، أنها لا تزال تتنفس، بعد أنّ نجتّ بأعجوبة من القصف الإسرائيلي العنيف والعشوائي، الذي استهدف حي الشجاعية شرق مدينة غزة صباح اليوم الأحد. وتقول حبيب:" 22 عاما"، إنّها خرجت برفقة أهلها واتجهت صوب وسط مدينة غزة بحثا عن مكان آمن، بعيدا عن القذائف التي تسببت بمقتل العشرات وإصابة المئات، وخوفا من تهديد إسرائيلي بتسوية حي الشجاعية بالأرض تماما كما حدث لضاحية بيروت الجنوبية. وتضيف حبيب لوكالة الأناضول:" اشتد القصف من كل جانب، وبدأت القذائف تضرب في حوائط المنزل، وتخترقها وسط صراخ الأطفال، ولم يكن صوت الهاتف يتوقف، ظننا أنه شيء عاجل، وفجأة كان صوت لأحد الإسرائيليين يرتفع مهددا:اخرجوا سنحول حيكم (حي الشجاعية) إلى ضاحية بيروت الجنوبية". وتعرضت الضاحية الجنوبية (بيروت) في لبنان في حرب تموز 2006، عندما شنت إسرائيل حربا على "حزب الله اللبناني" إلى تدمير كامل للضاحية، ومبانيها ومنشئاتها. وتقول" سعاد حلس"، وهي تبحث عن كامل أفراد عائلتها، إنّ الجيش الإسرائيلي هدّد بتسوية حي الشجاعية بالأرض، وتدميره كما فعل في الضاحية الجنوبية. وتُضيف حلس "45 عاما"، "ظننا في البداية أن الحديث يدور كحرب نفسية، وإشاعات، وأسطوانات مسجلة، غير أنّ الاتصالات المتكررة، بصوت حاد بالتزامن مع القصف العنيف والعشوائي، دفعنا للهرب من الموت والتدمير". ويقول الخمسيني جمال سكر، إنّهم بدأوا فعلا بتحويل حي الشجاعية إلى ما كانت عليه ضاحية بيروت الجنوبية عام 2006. وتابع:" جثث الموتى ملقاة في الشوارع، والتدمير يطال كافة البيوت، والقذائف لا تفرق بين أحد، إنه مشهد مرعب، ولا يمكن لأي كلمات أن تصف حقيقة ما يجري". وأظهرت مقاطع مصورة بثتها قنوات فلسطينية، هروب العائلات من بيوتها وسط البكاء والصراخ، وسقوط أعداد كبيرة من القتلى بعد أن نال منهم القصف العشوائي العنيف. وتوغلت عشرات الآليات والدبابات العسكرية الإسرائيلية شرقي مدينة غزة، صباح اليوم الأحد، وسط قصف عنيف ومكثف من المدفعية الإسرائيلية، ما أدى إلى مقتل وجرح عشرات الفلسطينيين،( 40 قتيلا و400 مصاب في حصيلة أولية)، ونزوح الآلاف من منازلهم متوجهين صوب مركز المدينة. وأفاد شهود عيان، لمراسل "الأناضول" في غزة، بأن القوات الإسرائيلية المتوغلة مسافة 500 متر في أحياء الشجاعية والتفاح والزيتون شرقي مدينة غزة، قصفت ودمرت منازل وأراض فلسطينية بشكل عشوائي، ما أدى إلى اشتعال حرائق واسعة في المناطق المستهدفة. وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن عن توسيع رقعة العملية البرية في قطاع غزة، بدخول قوات برية كبيرة للمشاركة في العمليات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي داخل القطاع . وقال الجيش الإسرائيلي في بيانٍ له الأحد إنّه قرر "توسيع رقعة المرحلة البرية من عملية "الجرف الصامد" بانضمام قوات إضافية إلى الجهد الهادف لمواجهة الإرهاب في غزة وإيجاد واقع يتيح للإسرائيليين العيش بأمن وأمان". وفق البيان.