«زي النهاردة».. وفاة قديس اليسار المصرى المحامى أحمد نبيل الهلالي في 18 يونيو 2006    جامعة المنيا تحتل المرتبة 641 عالميًا وال21 إفريقيًا بالتصنيف الأمريكي للجامعات    أسعار الذهب اليوم الأربعاء 18 يونيو في بداية التعاملات    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الأربعاء 18 يونيو 2025    الوكالة الدولية للطاقة الذرية: لا دليل على أنشطة إيرانية ممنهجة لتطوير سلاح نووي    حملات مكثفة لرصد المخالفات بمحاور القاهرة والجيزة    محافظ الدقهلية: تركيب رادارات ولوحات ارشادية لتقنين السرعات على دائري المنصورة    صحة إسرائيل: 94 مصابا وصلوا إلى المستشفيات الليلة الماضية    نائب وزير الصحة تجري زيارة ميدانية موسعة بمحافظة قنا    وول ستريت جورنال: ترامب لم يتخذ قرارا نهائيا بعد بشأن مهاجمة إيران    مواعيد وقراء تلاوات إذاعة القرآن الكريم اليوم الأربعاء    تشكيل ريال مدريد المتوقع أمام الهلال في كأس العالم للأندية 2025    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 18-6-2025 بعد الارتفاع الجديد    رابطة العالم الإسلامى ترحب ببيان الرئاسة المشتركة لمؤتمر الأمم المتحدة بشأن فلسطين    قبل اللغة العربية.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2025 علمي وأدبي «pdf» كامل    تليفزيون اليوم السابع يرصد عمليات إنقاذ ضحايا عقار السيدة زينب المنهار (فيديو)    كيف نجح الموساد في اختراق إيران.. وخطط ل«الأسد الصاعد»؟    كم فوائد 100 ألف جنيه في البنك شهريًا 2025 ؟ قائمة أعلى شهادات الادخار الآن    تمكين الشباب في عصر التكنولوجيا والثقافة الرقمية على طاولة الأعلى للثقافة، اليوم    تشكيل الوداد المغربي المتوقع أمام مانشستر سيتي في كأس العالم للأندية 2025    طريقة عمل الحجازية، أسهل تحلية إسكندرانية وبأقل التكاليف    الإيجار القديم.. خالد أبو بكر: طرد المستأجرين بعد 7 سنوات ظلم كبير    تياجو سيلفا: فلومينينسي استحق أكثر من التعادل ضد دورتموند.. وفخور بما قدمناه    وكيل لاعبين يفجر مفاجآت حول أسباب فشل انتقال زيزو لنادي نيوم السعودي    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأربعاء 18 يونيو 2025    "أدوبي" تطلق تطبيقًا للهواتف لأدوات إنشاء الصور بالذكاء الاصطناعي    من الكواليس.. هشام ماجد يشوّق الجمهور لفيلم «برشامة»    «رغم إني مبحبش شوبير الكبير».. عصام الحضري: مصطفى عنده شخصية وقريب لقلبي    الرئيس الإماراتي يُعرب لنظيره الإيراني عن تضامن بلاده مع طهران    مؤتمر إنزاجي: حاولنا التأقلم مع الطقس قبل مواجهة ريال مدريد.. ولاعبو الهلال فاقوا توقعاتي    مؤتمر جوارديولا: كرة القدم ازدهرت في شمال إفريقيا وأعلم أين خطورة الوداد.. وهذا موقف جريليتش    نائب محافظ شمال سيناء يتفقد قرية الطويل بمركز العريش    «طلع يصلي ويذاكر البيت وقع عليه».. أب ينهار باكيًا بعد فقدان نجله طالب الثانوية تحت أنقاض عقار السيدة زينب    "إنفجار أنبوبة".. إصابة 7 أشخاص بحروق واختناقات إثر حريق شقة بالبحيرة    مينا مسعود: السقا نمبر وان في الأكشن بالنسبة لي مش توم كروز (فيديو)    أطفال الغربية تتوافد لقصر ثقافة الطفل بطنطا للمشاركة في الأنشطة الصيفية    التفاصيل الكاملة لاختبارات القدرات لطلاب الثانوية، الأعلى للجامعات يستحدث إجراءات جديدة، 6 كليات تشترط اجتياز الاختبارات، خطوات التسجيل وموعد التقديم    إسرائيل تهاجم مصافي النفط في العاصمة الإيرانية طهران    معدن أساسي للوظائف الحيوية.. 7 أطعمة غنية بالماغنسيوم    الكشف المبكر ضروري لتفادي التليف.. ما علامات الكبد الدهني؟    جاكلين عازر تهنئ الأنبا إيلاريون بمناسبة تجليسه أسقفا لإيبارشية البحيرة    تموين دمياط يضبط 7.5 طن مخللات غير صالحة للاستهلاك    جدال مع زميل عمل.. حظ برج الدلو اليوم 18 يونيو    الشيخ أحمد البهى يحذر من شر التريند: قسّم الناس بسبب حب الظهور (فيديو)    ألونسو: مواجهة الهلال صعبة.. وريال مدريد مرشح للتتويج باللقب    أسعار الزيت والسلع الأساسية اليوم في أسواق دمياط    نجم سموحة: الأهلي شرف مصر في كأس العالم للأندية وكان قادرًا على الفوز أمام إنتر ميامي    مسؤول إسرائيلي: ننتظر قرار أمريكا بشأن مساعدتنا فى ضرب إيران    الجبنة والبطيخ.. استشاري يكشف أسوأ العادات الغذائية للمصريين في الصيف    علي الحجار يؤجل طرح ألبومه الجديد.. اعرف السبب    «الربيع يُخالف جميع التوقعات» .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الأربعاء    الأبيدى: الإمامان الشافعى والجوزى بكيا من ذنوبهما.. فماذا نقول نحن؟    العدل يترأس لجنة لاختبار المتقدمين للالتحاق بدورات تدريبية بمركز سقارة    اللواء نصر سالم: الحرب الحديثة تغيرت أدواتها لكن يبقى العقل هو السيد    فضل صيام رأس السنة الهجرية 2025.. الإفتاء توضح الحكم والدعاء المستحب لبداية العام الجديد    جامعة دمياط تتقدم في تصنيف US News العالمي للعام الثاني على التوالي    الشيخ خالد الجندي يروي قصة بليغة عن مصير من ينسى الدين: "الموت لا ينتظر أحدًا"    أمين الفتوى يكشف عن شروط صحة وقبول الصلاة: بدونها تكون باطلة (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغناء بالعبرية... محاولة اختراق صهيونية فاشلة للثقافة الكويتية / رضا عبد الودود
نشر في محيط يوم 17 - 04 - 2010


الغناء بالعبرية...
محاولة اختراق صهيونية فاشلة للثقافة الكويتية


*رضا عبد الودود

لا تتوقف محاولات الصهيونية العالمية عن اختراق جدر الممانعة العربية والإسلامية، حتى وإن بلغت درجة بساطتها أو قوتها، فعبر دمقرطة الثقافة واستغلال ثورات الشباب الفنية وتقاليع التغريب التي باتت مدخلا لتهديد الهوية الوطنية وحلحلة الثوابت الفكرية والثقافية لأبناء الأمة الذين باتوا يعايشون صراع الحضارات بكل تحدياته ووسائله .

خلال احتفالات الكويت بأعيادها الوطنية في نهاية شهر شباط / فبراير الماضي تفاجأ المجتمع الكويتي ومثقفوه وفنانوه وأدباؤه بقيام فرقة 'أنثروبيولوجي الفنية' بتقديم عرضها الموسيقي الغنائي (لا يمكننا الكتابة على صفحة سوداء) على مسرح جمعية الخريجين الكويتية يومي 27، 28 شباط / فبراير الماضي.

وقد تضمن برنامج العرض أغنية باللغة العبرية للفرنسي المتصهين (انريكو ماسياس Enrico macias) مستوحاة من التراث اليهودي الديني المحمل برموز الصهيونية العنصرية.

ومع حالة الاندهاش التي سادت وجوه الحاضرين سجلت رئيسة لجنة (كويتيون من أجل القدس) الناشطة لولوة الملا انتصاراً مدويا في ساحة جمعية الخريجين بكلماتها التي أوقفت المهزلة (كيف نتغنى بالكويت بالعبري والحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح ينضمان إلى قائمة التراث اليهودي هذا العمل الذي تم استنكاره من الهيئات الدولية. كيف نكفر بقائمة الشهداء التي تمتد بطول مساحة الوطن العربي وهم الذين ضحوا من أجل القضية العربية العادلة. لا يوجد مبرر ولا عوز غنائي أو موسيقي تفتقر اليه الثقافة الكويتية كي يستعان بالفن اليهودي الذي ينبع من نفس عنصرية متحيزة لذاتها لأبعد الحدود. ان جميع المؤسسات الحكومية والأهلية ترفض بأن تتبنى الثقافة الصهيونية الغاصبة حتى باستعمال اليهودية القديمة التي ترتكز عليها إسرائيل وتبرر كل تصرفاتها اللا اخلاقية من أعمال مشينة...).

فتم منع أداء الأغنية الثانية للشاعر الصهيوني الفرنسي خلال اليوم الثاني من العرض.

وكان هذا المنع ما هو الا تراجعاً طفيفاً من المنظمين بعد حوار ونقاش واسع بين لولوة الملا ورئيسة الفرقة الموسيقية 'إيما الشاعر' وسط استهجان من الشباب المتسلطنين بالغناء والرقص.

ولما كان 'انريكو' المعروف بعدائه المفرط للحقوق العربية، وبمناهضته المستمرة للقضية الفلسطينية، وبدعمه اللوجيستي للأيديولوجية الصهيونية، ولعدوانية الكيان الصهيوني على المقدسات الإسلامية والأراضي العربية، وهو مؤمن بفكرة 'البرتهايد' او 'الابرتهايد' والتي تعني الفصل والتمييز العنصري، وبالتالي غلب صيته السياسي على الفني..

فصوب المهتمون بالشأن الثقافي أصابع الاتهام مباشرة إلى الفرقة الشبابية كون العرض المتصهين يمثل اختبارا للشارع الفني الكويتي ومحاولة للتطبيع الثقافي الصهيوني، بعد سنوات طويلة من الممانعة الكويتية لمحاولات الاختراق الصهيوني عبر أساليب صهيونية ملتوية لإدخال سلع تجارية صهيونية واجهتها وزارة التجارة بالحظر والسحب من الأسواق حتى في حالة تغيير العلامة التجارية التي غالبا ما تكون الوسيلة الأيسر للصهاينة، ومن خلال مواقف تاريخية داعمة لصمود المقاومة الفلسطينية ودعم الحق الإسلامي والعربي في مواجهة الصلف الصهيوني.

جاء العرض الفني ليصطدم مع مشاعر الغضب والاستنكار الكويتي الشعبي والرسمي للانتهاكات الصهيونية في القدس وافتتاح كنيس الخراب وضم الحرم الابراهيمي ومسجد بلال للآثار اليهودية، فقوبل الاستعراض بسيل من الانتقادات من الفنانين والمثقفين الذين حاولوا اقناع الفريق الموسيقي بوقف العرض، فرفضوا الأمر دون تقديم توضيحات تنم عن إدراكهم لمعاني ما يرددونه..

ردود الأفعال

عبر المستشار الإعلامي للجنة العمل على استكمال تطبيق الشريعة الإسلامية د.عصام الفليج عن غضبه قائلا: لا اريد ان اوجه كل النقد للفرقة الشبابية التي غلبها الحماس ولم تدر ما تغني، رغم انها غير معذروة في ذلك، واضع شيئا من 'حسن النية' مع الجهل الثقافي والخواء الفكري، فضلا عما تحمله من احباط لانها دخلت عالما غنائيا غير مرغوب به في الكويت، الا اذا اصرت على منكرها.. فلذلك حديث آخر قد يصل بهم إلى القضاء!

ولكن النقد الاكبر لمن هم اكبر سنا واكثر نضجا ممن صفقوا لهم وتمايلت رؤوسهم كادوا يرقصون معهم، سواء كانوا على جهالة باللغة، وذلك يدل على ادمان الرقص والطرق دون وعي لما يغني.. وباعتقادي هم الاغلب، او كانوا على علم.. فكابروا وعاندوا وطعنوا بتاريخهم وعطاء اسلافهم ممن ناهضوا التطبيع ورفضوا الاحتلال والاستيطان، ليؤكدوا انهم اصبحوا صيدا سهلا للصهيونية العالمية، لا لشيء.. سوى لتغلب الهوى 'الكبر'.

تفنيد فني

ولعل أبرز من عارض السقطة الفنية التي وقعت على مسرح جمعية الخريجين معقل القومية العربية أستاذ الدراما والنقد المسرحي بجامعة الكويت د.نادر القنة، حيث فند العرض الفني وما يتضمنه من معان وقيم، مؤكدا: 'لهؤلاء وغيرهم من سلالة هوى الثقافة الصهيونية أقول: بدءاً أعترف شخصياً أنني لست ضد الديانة اليهودية، فديني يأمرني بالايمان بها (الإيمان بالكتب السماوية).

ولست ضد اللغة العبرية، فلكل أمة لغتها، ولست ضد الثقافة الإنسانية الفاعلة فنحن جزء من تكوين المجتمع الإنساني. ولكنني ضد الأيديولوجية الصهيونية - وما تفرزه من ثقافة تعكس معتقدها العنصري- بغض النظر عن جنسية المتصهين وعرقه وانتمائه ولونه وديانته.

فالصهيونية العقائدية، والأيديولوجية، والعنصرية، والثقافية هي التي تحتل فلسطين، وهي التي شردت وقتلت واعتقلت ابناء الشعب العربي الفلسطيني، وهي التي دنست - ولا تزال - المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين، وهي التي سرقت تراث الشعب العربي الفلسطيني واعتدت على ثقافته.

أن نكون ضد الصهيونية، وضد منتجها الثقافي وسلعها الفكرية، هذا من حقنا، فليس لأحد الحق في ان ينكر علينا ذلك. كما اننا لا ننكر على هذا البعض عشقه وهوسه للثقافة الصهيونية، فالمرء حر في ما يعشق، والتاريخ فيصل بيننا جميعا، لكن دعونا نكون منصفين وموضوعيين حينما نتعاطى المعلومات، فالحب متروك لمشاعركم اما المعلومات فانها متروكة للحقيقة وحدها.

ووصف القنة المجموعات الموسيقية التي تتشدق بدمقرطة الثقافة بأنهم 'المتعاطفون مع لصوص الثقافات'، كاشفا أن اللغة العبرية المعاصرة ليست لغة علم واكتشاف معرفي كما هي الحال في اللغة الانكليزية والفرنسية والألمانية حتى نطرب لثقافتها وموسيقاها، وأن كل الأقسام الشرقية بكليات الاداب بالجامعات العربية تدرس اللغة العبرية، ولا احد يعترض على ذلك.

بل نشجع على تدريسها وفهم كنهها، وندعو دوما إلى ترجمة ما يكتب بالعبرية حتى نفهم توجهات الكيان الصهيوني ومعرفتنا الدقيقة باللغة العبرية ساهمت في اكتشاف سرقة جوانب كثيرة من تراثنا وادبنا وفننا، حيث راح المحتل الصهيوني يدعي زورا امتلاكه لهذه المعرفة بغية صناعة جذور له في الارض العربية.

فحركة الترجمة عن العبرية لا تتوقف وكلما ترجمنا شيئا اكتشفنا شيئا جديدا من الاعتداء على حقوقنا وممتلكاتنا، وهذا الفارق بين من يوظف معرفته للعبرية لفضح عدوانية محتله وبين من يتخذها مادة للطرب والتسلطن والثقافة الفاسدة، فالأول لا يعد تطبيعا، اما الثاني فإنه يدخل في عمق التطبيع.

يقول البعض زورا: ان في فلسطين مقدسات يهودية... والحقيقة التاريخية المؤكدة تقول: ليس لليهود حجر واحد في فلسطين او حبة رمل واحدة، وقد فشل كل علماء الاركيولوجيا اثبات ذلك، فهل لكم ان تشيروا إلى اسم اثر يهودي واحد في فلسطين استنادا إلى مرجعيات تاريخية موثوق بها؟

اليهود احتلوا أرض كنعان 70 عاما ولم يتركوا فيها اثرا تاريخيا او ثقافيا واحدا. من اين جئتم بهذه المعلومة انا اتحداكم ان تثبتوها علميا على ارض الواقع، فالتاريخ الاممي كله مفتوح امامكم، حتى تعرفوا مدى الخدمة التي تقدمونها للثقافة الصهيونية ".

تشويه صورة الكويت

وفي السياق نفسه أشار الداعية الدكتور محمد العوضي إلى أن اللغة العبرية محملة اليوم برمزية (سلطة الاحتلال). بعد ان فقدت طابعها الديني، مثلها بالضبط مثل النجمة السداسية المعروفة باسم (ماجن دافيد) أي (درع داود) التي فقدت طابعها الديني والتاريخي بوصفها (ختم سليمان)، واكتسبت في القرن التاسع عشر طابعاً سياسياً عندما تم اعتمادها رمزاً لحلم الدولة الصهيونية في فلسطين.

مشددا على ضرورة 'البحث عن اللاعبين الحقيقيين وراء هذه اللعبة، فهم يحملون بلا شك شهادة غير بريئة لتلويث صورة الكويت المقاومة للتطبيع. فإيما قد تكون بريئة. لكن من يدعمها معنوياً وإعلامياً غير بريء'.

ما وراء الحدث؟!

ولعل الصمت والارتباك الذي خيم على الحدث وتساؤل السياسيين والمثقفين حول الجهة المسؤولة التي منحت التصريح للفرقة المسرحية لتقديم ذلك العرض؟ وهل تم الإطلاع على فقرات الحفل الموسيقي من قبل مسؤولي جمعية الخريجين؟ وما هي الإجراءات المتخذة إزاء ما حدث؟

وما دور وزارة الإعلام في متابعة المواد التي تبث خلال الحفلات الفنية التي تستضيفها الجهات الرسمية؟ في ضوء نفي مسؤولي جمعية الخريجين علمهم ببرنامج الحفل وعدم دراية الحضور والشباب الكويتي بمعاني الأغنية العبرية؟

وما هي الإجراءات المتخذة ضد مخالفة الفرقة وجمعية الخريجين لقرار الحكومة الكويتية منع التطبيع بكافة أشكاله مع الكيان الصهيوني؟ وكيف يتسنى لفرقة فنية كويتية أن تقدم عروضا تروج للأفكار الصهيونية خلال الاحتفال بالأعياد الوطنية، دون اعتبار لما قدمته الكويت من شهداء وتضحيات من أجل القضية الفلسطينية؟

ولصالح من أن نتغنى بالتراث اليهودي وان نتغنى بالشعراء الصهاينة وننسى تراثنا الأدبي والفني الذي يعزز قيم العروبة والانتماء في النفوس؟ وما هو المبرر الغنائي أو الموسيقي الذي تفتقر إليه الثقافة الكويتية كي يستعان بالفن اليهودي الذي ينبع من نفس عنصرية متحيزة لذاتها لأبعد الحدود؟

وكيف نتغنى بالكويت بالعبري والحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح ينضمان إلى قائمة التراث اليهودي؟ ولماذا تستعين الفرقة بمشاهد كاملة لأفلام لها قصتها وسياقها الدرامي الخاص مثل الاستعانة بفيلم (آلام المسيح) وتخيل الحضور بأنهم في صالة عرض سينمائي يشاهد صلب المسيح واخر كلماته إلى مارية المجدلية؟

...كل تلك الأسئلة وغيرها توجه الفهم الإنساني إلى أياد خفية تحاول الافتئات على الكويت كدولة عربية ما زالت تتمسك برفض التطبيع مع الكيان الصهيوني على المستوى الرسمي والسياسي والاقتصادي، رغم محاولات الصهاينة توريطها بإشاعة هالة من ثقافة التطبيع على مستويات معينة.

كنشر مقالات لكتاب ليبراليين وعلمانيين تناهض مشروع المقاومة الفلسطينية على موقع وزارة الخارجية الصهيونية في محاولة لتصوير الأمر على أنه تطبيع ثقافي، كما نشرت الأوساط الصهيونية إعلانا مدفوع الأجر في مجلة 'النيوزويك' النسخة العربية التي تطبعها 'دارالوطن' الكويتية بعنوان 'ماذا لو كانت جارتك حماس' وقد جوبه الاعلان برفض شعبي وسياسي كبير وتم مقاضاة الجريدة وتغريمها من قبل وزارة الإعلام..

وعلى ما يبدو فإن الخاصرة الثقافية هي المكان الأكثر رخاوة ويمكن اختراقه، ومن ثم تتوالى الدسائس الإعلامية التي يقف وراءها الصهاينة لتشويه صورة الكويت، مثل تسريب أخبار إعلامية في الصحافة العالمية عن قيام اسرائيل بالتجسس على مصر عبر الكويت وغيرها من الأخبار التي تم نفيها....بل أقر مجلس الأمة قانونا لمنع التطبيع بأي شكل من الأشكال مع الكيان الصهيوني...

كما أن كلمات أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الصباح ستظل خالدة ومعيار لوطنية كل الكويتيين وعروبتهم، حيث أعلن أكثر من مرة (أن الكويت ستكون 'آخر دولة عربية تطبع مع الكيان الصهيوني' في حال إبرام صلح دائم وعادل في القضية الفلسطينية).

وجدير بالذكر أن منطقة الخليج كانت عرضة للاختراق التطبيعي حتى أوائل العام 2000، حين قررت قوى سياسية وفعاليات مجتمعية في الثامن من نيسان (أبريل) 2000 تأسيس وإشهار 'المؤتمر الشعبي لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني' ومقره الكويت، وتبعه تأسيس لجان فرعية لمقاومة التطبيع في كل من البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة، ترتبت عليها هبة وحركة شعبية واسعة لمقاومة التطبيع والتحذير من مخاطره.

الغزو الثقافي الصهيوني لن يتوقف

وذلك بعد فشله الذريع بعد مضي أكثر من عشرين عاماً على توقيع معاهدة 'السلام' بين الكيان الصهيوني والأطراف العربية، وذلك وفق ما تشير إليه دراسة معهد الدراسات الأمريكي الخاص بوسائل الاعلام حول 'مقاومة السلام وأسبابه السايكولوجية' التي أوصت بنقل الصراع من اطاره العسكري والسياسي إلى المجالات الثقافية.

فشرع الصهاينة بتأسيس برنامج عمل دقيق يتم من خلاله نقل الصراع من الجبهات العسكرية والسياسية إلى الجبهة 'الثقافية'، ومحاولة فرض الحصار على الثقافة الإسلامية التي تتمسك بها شعوب المنطقة، واستبدالها بثقافة مستوردة تسمح بإحلال النظام العالمي الجديد في منطقة الشرق الأوسط الإسلامي.

ويمكن تلخيص الاستراتيجية الصهيونية التي تدعمها أمريكا في المنطقة العربية في التالي:

- محاولة السيطرة على وسائل الأعلام في العالم، وبسط النفوذ على وكالات الأنباء العالمية وشبكات التلفزة المشهورة والمحطات الفضائية المعروفة. للهيمنة على أذهان وأفكار الشعوب، وبالتالي دس ما تريد قوله وحذف ما لا ترغب فيه، وهذا يعني السيطرة الكاملة على الأجواء الثقافية للشعوب.

- إقامة الندوات والمؤتمرات للبحث في هذه القضية، والعمل على تهيئة الدراسات والبحوث المتعلقة في هذا المجال، والمطالبة باقتراحات جديدة من المجتمعين والمؤتمرين، يمكن أن تكون ذات مبنى يتم الاستفادة منه في هذا الخصوص.
- تهيئة ميزانية هائلة تغطي مراحل الخطة، وصرف جزء كبير منها في تأسيس المعاهد والمراكز الفنية والعلمية والأكاديمية النشطة في الشرق الأوسط.

وفي هذا الإطار أعلن شمعون بيريس في أحد لقاءاته: أن 40' من ميزانية إسرائيل خصصت للمجال الثقافي والبحث العلمي. وأضاف: وإذا حل زمن 'السلام' فيجب مضاعفة هذه النسبة.

- توسيع دائرة العلاقات مع الفنانين والمثقفين العرب والمسلمين، وتهيئة الأجواء لعمليات اللقاء، وفتح القنوات معهم، لتنظيم 'تجمعات ثقافية' أو 'رابطات إقليمية' وما شابه ذلك.

- تنمية السياحة الإسرائيلية، والاهتمام بها بالشكل الذي يتسنى للزائرين والسواح أن يتعرفوا على الثقافة والآداب 'الصهيونية'، وبالمقابل تنظيم رحلات 'السواح' الصهاينة لاختراق المناطق السياحية العربية الإسلاميّة بعناوين مختلفة.
-تسخير وسائل الإعلام العربية لعملية التطبيع.

والتي من خلالها يسعى الصهاينة إلى تطبيع العلاقات الثقافية بينه وبين الأطراف العربية الإسلاميّة، والتقليل من شدة العداء والحساسية التي يكنها المسلمون تجاه الصهاينة الغاصبين. فبعض مدراء وسائل الأعلام العرب 'جعلوا من أنفسهم جسوراً لتمرير مخطط التطبيع' وذلك بسبب ارتباطهم المشبوه أو لافتقادهم الرؤية الصحيحة، فكانوا من الممهدين للغزو الثقافي الصهيوني البغيض.

ولعلنا لا نتجاوز حدود البحث العلمي بالذهاب إلى تفسير حادثة الغناء اليهودي على مسرح جمعية الخريجين الكويتية بأنه محاولة قد تقف وراءها أوساط متنفذة في الساحة الثقافية التي تم استدراجها بزيف العناوين البراقة كدمقرطة الثقافة والفنون الانسانية للتخفيف من شدة الحساسية الموجودة لدى الشارع العام العربي ثم الإسلامي تجاه الوجود الصهيوني السرطاني في قلب منطقة الشرق الإسلامي.

إلا أن جذوة المقاومة ما زالت هي المحركة للشارع الكويتي الذي يعد أكثر شعوب العالم تقديما للدعم المالي والمعنوي والسياسي للحق الفلسطيني...!



* صحافي وباحث سياسي مصري مقيم بالكويت
جريدة القدس العربي
17/4/2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.