ترتيب الأحداث الآن مهم جدا، يجب ألا يضيع الخيط الفاصل بين اللحظة الآنية حيث يجري هجوم وحشي علي الشعب الفلسطيني ضحية حماس والاحتلال الإسرائيلي في غزة. المقدمات تقود إلي النتائج. ثانيا يجب استشكاف وفهم الدوافع الكامنة وراء هذا التصعيد العسكري. بدأ الموقف كله بقتل ثلاثة مستوطنين إسرائيليين بعد خطفهم. ويذكرنا هذا الحادث بخطف جندي إسرائيلي كان ذريعة لعدوان إسرائيلي واسع علي غزة راح ضحيته مئات من الشعب الفلسطيني الرازح تحت احتلالين، إسرائيلي يحاصره وحمساوي يقمعه ويضحي به من أجل التنظيم الدولي للجماعة، في جميع الأحوال رأينا كيف يعرف قادة حماس الحفاظ علي أنفسهم جيدا، فلم يلق قائد واحد منهم، أما قائد عموم المقاومة خالد مشعل فينعم برغد الدوحة ويبارك منها قتل المستوطنين الثلاثة، ويحيي الجيش المصري في العاشر من رمضان. الجيش الذي أغتالت منه حماس خمسة وعشرين جنديا وهم صائمون في رمضان ودربت الإرهابيين في سيناء للهجوم علي وحداته واغتيال ضباطه وجنوده. اختطاف المستوطنين الثلاثة نقطة البداية. وأي إنسان لديه ذرة من العقل كان لابد أن يتوقع رد الفعل الوحشي لإسرائيل، وهكذا بدأ تداعي الأحداث وتواليها حرق شاب فلسطيني حيا. ثم الهجوم علي الشعب الفلسطيني في غزة والذين تجاوز عدد الضحايا منهم حتي وقت كتابة هذه السطور المائة وخمسة وعشرين شهيدا، ولم يفقد قيادي واحد من حماس حياته، نلاحظ أن هذا التدبير جاء بعد اجتماع التنظيم الدولي في استانبول وحضره اردوغان والشيخ القرضاوي الذي لم يلاحظ الناطقون باسم الإخوان في مصر أنه لم يصرح ضد إسرائيل وعدوانها ولم ينطق حرفا يدين به العدوان، اذن ما هو هدف حماس من الزج بالشعب الفلسطيني في محرقة معروف سلفا كافة أبعادها. إنه خدمة الجماعة التي أزاحها الشعب من الحكم في ثورة يونيو يريدون اثبات قدرة الجماعة علي ضمان أمن إسرائيل اكثر من قدرة النظام المصري الجديد برئاسة السيسي، وذلك من خلال ضرب الصواريخ ضد إسرائيل ،والتذكير بضمان التهدئة الذي خاطب به مرسي الرئيس الإسرائيلي بعبارات عاطفية، الهدف هو اظهار الجماعة بأنها الأقدر علي حفظ أمن إسرائيل من النظام المصري الجديد، في نفس الوقت الضغط علي موقف مصر تجاه العدوان بهدف إحراجها، والحقيقة الموضوعية تؤكد أن الموقف المصري يتسم بموضوعية شديدة ومسئولية رفيعة، مصر ضد العدوان الوحشي، الجيش الذي يعتدي علي جنوده وضباطه يرسل مئات الأطنان من المساعدات إلي الشعب الفلسطيني، ولكن كتاب الجماعة والأقلام المريبة التي وفد أصحابها علينا قبل يناير تستفز متعمدة وتطالب الدولة المصرية بالتدخل العسكري، وهذا هو بالضبط هدف حماس التي بدأت هذا التصعيد، غير أن الشعب المصري يثبت مرة أخري رفعة وعيه السياسي والقومي والانساني، التضامن القومي والانساني مع الشعب الفلسطيني الضحية لإسرائيل وحماس معا. أما السير وراء حركة حماس التي افقدت القضية الفلسطينية حضورها وفاعليتها فلا مجال له. إن تحرير فلسطين من إسرائيل وحركة حماس في نفس المستوي، تلك الحقيقة التي يجب الا تغيب عنا في هذه المرحلة الصعبة والدقيقة. نقلا عن " الاخبار " المصرية