قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً" . وقال صلى الله عليه وسلم: "آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان" . اهتم الإسلام كثيراً بتربية المسلمين تربية صحيحة، تعتمد على طهارة القلب، ونظافة اللسان. وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يسمى في الجاهلية – أي قبل البعثة لكثرة صدقه، وهو الذي لم يكذب في حياته أبداً. كما مدح الله تعالى نبيه إسماعيل – عليه السلام – فقال:- {واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبياً} . وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالصدق، وحينما سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان بن حرب وكان كافراً في ذلك الوقت فقال له: بم يأمركم نبيكم؟ ، فقال: يأمرنا بالصدق. وقال جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه – أمام النجاشي ملك الحبشة: أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بصدق الحديث، وأداء الأمانة ، والمسلم الصادق شجاع لا يخشى إلا الله، بينما الكاذب جبان يخاف الناس، ولا يكون المؤمن كذاباً أبداً. من صور الكذب ونماذجه: *خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات مرة فوجد صبياً يلعب، فقالت أمه له: تعال أعطيك. فقال لها: "ما أردت أن تعطيه؟" قالت : تمراً ، فقال لها: "إن لم تفعلي كتبت عليك كذبة". فمنعها النبي صلى الله عليه وسلم من الكذب حتى على الطفل الصغير؛ لأن بعض الأمهات تنادي على طفلها فتقول: تعال وأعطيك شيئاً، فإذا جاء لم تعطه شيئاً، فتكون كاذبة ، وكذلك إذا قال أحد الناس لصديقه: سأعطيك غداً شيئاً ثم لا يعطيه فقد كذب عليه. *أن يدعي الإنسان كذباً أن شيئاً ماله، وهو ليس له، مثل أن يجد مع صديقه قلماً ثم يقول: هذا لي، ويكذب على صديقه، وعلى ربه عز وجل. *أن يقول قصصاً لم تحدث، فيدعي مثلاً أن عنده كرة وليست عنده، أو أن لديه أموالاً وهو ليس عنده مال، أو يقول: عندنا فاكهة أو طعام، وليس عنده شيء. *أن يقول: رأيت حلماً في نومي كذباً وليس صدقاً، ومن فعل هذا يوم القيامة والله عز وجل غاضب عليه، ثم يدخل إلى النار: "ومن تحلم كاذباً فليتبوأ مقعده من النار" كما في الحديث عن رسول الله. *شهادة الزور وقد قال الله تعالى: "واجتنبوا قول الزور" . أي المؤمنين البعيدين عن هذه الصفة الخبيثة. *أن يحلف المسلم بالله كذباً وهذه من الكبائر والحالف بالله كذباً يدخل الناس، ويسمى هذا اليمين – القسم – (يمين الغموس) لأن صاحبه يغمس في النار – يعني يغطس فيها، ويدخلها حتى ، قعرها، وقعر الناس مثلما يسير الرجل سبعين عاماً دون أن يستريح، فمن يتحمل مثل هذا العذاب؟!. *ومن صور الكذب أيضاً: الكذب على الله عز وجل في التوبة، فإذا فعل المسلم ذنباً ثم تاب منه فلابد أن تكون توبته صادقة، ولو كانت توبته كاذبة، فسرعان ما سيعود لهذا العمل السيئ، ثم يدخل النار. *ومن صور الكذب أيضاً أن يتحدث الإنسان بكل ما سمع، وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع". *أن يقول المسلم كلاماً كذباً ليضحك الناس، مثل النكت، والطرائف التي لا أصل لها، وقد يكذب بعض الصغار لمجرد رغبتهم في إضحاك آبائهم أو أصدقائهم، وهو من صور الكذب وأنواعه. عاقبة الكذب وقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم بأن للكاذب عند الله عز وجل عذاباً شديداً في النار، فقد رأى ليلة الإسراء والمعراج في النار رجلاً معه عود من حديد يضعه في خده الأيسر، فيقطع به شدقه، ثم يخرجه من قفاه، حتى يخرج عود الحديد من خده الأيمن، فإذا أخرجه عاد ففعل هذا مرة ثانية، وثالثة، وهكذا. فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "من هذا؟" ، فقال جبريل – عليه السلام -: هذا هو الكذاب، يعذب هكذا إلى يوم القيامة. وذهب الإمام البخاري يوماً ليسمع حديثاً من أحد الناس، فوجده قد ثنى ثوبه، وراح يجري وراء فرسه ويقول: تعال هنا تبن أو شعير ، فلما جاء الحصان، إذا بالرجل يبسط ثوبه وليس فيه شيء لا تبن ولا شعير ، فقال الإمام البخاري: إن من يكذب على الحيوان، يكذب على الإنسان. رسول الله "صلى الله عليه وسلم" يمزح صادقاً وفي بعض الأوقات يظن المسلم أن غيره لا يضحك إلا إذا كذب، وقال نكتة لم تحدث، ولكن يعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن المزاح واللهو والمرح يكون بالصدق أيضاً. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأة عجوز: "إن في عينيك بياضاً ، فقالت: لا يا رسول الله. وهي تظن أنه يقول لها: بياض من مرض ، فقال: "أليس في عين كل منا بياض وسواد ..." ،فضحكت المرأة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لامرأة عجوز يمزح معها: "لا يدخل الجنة عجوز". وبكت المرأة، وظنت أنها لن تدخل الجنة. وضحك النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها: "لا يدخل الجنة عجوزة، لأن الله عز وجل يعيد لأهل الجنة شبابهم مرة أخرى". وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل تمراً، ومعه عمر بن الخطاب – رضي الله عنه -، فكان عمر ينقل نوى التمر الذي يأكله هو أمام النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال عمر: أكلت كل هذا التمر يا رسول الله؟ ، فقال صلى الله عليه وسلم – "أكلته كله بدون نواه، وأكلت أنت يا عمر التمر بنواه". وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال عن نفسه: "أنا لا أقول إلا صدقاً". عاقبة الصدق: كان بعض الظالمين يطاردون رجلاً مظلوماً، فذهب المظلوم واختبأ عند رجل من الصالحين، وجاء وراءه الظالمون فسألوا الرجل الصالح: هل جاء عندك فلان؟ قال: نعم هو في الداخل، فتركوه وانصرفوا ، فقال له المظلوم: لماذا فعلت هذا وأخبرتهم عن وجودي؟ فقال: يا ولدي إن الصدق نجاة، وقد نجاك الله بصدقي. عقاب الكاذب *غضب الله عز وجل عليه، وإدخاله الناس، كما يكتب عند الله كذاباً. *يشتهر بالكذب ، فيبتعد عنه الناس. *يكون من المنافقين ، ومن الفاجرين. وجزاء الصادق *يحبه الله عز وجل، ويكتبه صديقاً، ويدخله الجنة. *يعرف بالصدق ويحبه الناس كما كانوا يحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم. *يكون من المؤمنين الصادقين. *ينجيه الله تعالى بصدقه من كل سوء.