ذكرت تقارير صحفية نشرت مؤخرا أن الحزب الوطني الحاكم في مصر بصدد القيام بحملة كبرى لتنقية صفوفه، أو بالاحرى لتطهيرها من رجال الأعمال الذين دارت حولهم الشبهات.
ويقال ان الحزب يعتزم رفع الحصانة عن محمد فريد خميس صاحب مصانع النساجون الشرقيون لاتهامه في قضية فساد، وعزل احمد عز إمبراطور الحديد من أمانة التنظيم، وذلك بعد ساعات من حبس رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى المتهم في قضية مقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم.
ويجيء هذا الموقف المنتفض لغربلة الحزب بعد سلسلة فضائح رجال الأعمال التي تعاظمت على مدى السنوات السابقة، فكلنا نذكر قصة حسام أبوالفتوح والشريط الجنسي الشهير مع الراقصة دينا، وحادث مصرع الفنانة ذكرى على أيدي احد رجال الاعمال، ورجل الأعمال الذي حاول حرق الفنانة الهام شاهين وغيرها وغيرها من القصص التي تعكس وبشكل صارخ ما يحوم حول بعض رجال الأعمال من شبهات أخلاقية يعززها هذا التضخم الواضح لديهم في الذات من خلال ما يمتلكون من ثروات وما يتمتعون به من نفوذ.
يقول المحلل السياسي وحيد عبدالمجيد ان الزواج بين السلطة والثروة، وعلاقة الحكومة برجال الأعمال، لا تحكمها قواعد، ولا قوانين! وانطلاقا من ذلك يجب هنا التوقف عند موقف الحزب الوطني الحاكم الذي شرع الآن فقط في التفكير جليا في تطهير صفوفه.
هذا الموقف بالطبع جاء متأخرا، لأنه يفترض انتقاء من يمثل الشعب والحكومة، والذي توضع بيديه أقدار الناس ومصائرهم منذ البداية، وبعناية فائقة، وذلك قبل أن تقع الفأس في الرأس، بمعني انه كان يجب عدم انتظار حدوث البلاء، ثم بعد ذلك نستنهض الهمم للقيام بعمليات مستميتة لجليه، وإمحاء آثاره، التي لا تضيع مطلقا حتى ولو بعد حين.
فلو أن هناك عمليات تطهير ضميرية، ودورية، وفورية، تجري لأجهزتنا ومؤسساتنا في مجتمعاتنا العربية، لما آل إليه الوضع من استشراء للفساد والمحسوبية والنفاق والرياء والواسطة والتهام مال الغلابة وارتكاب الجرائم وغيرها من المبيقات التي دمرتنا وأطاحت بانجازاتنا وتاريخنا وحضارتنا.
لقد آن الأوان أن ننظر إلى الأمور بمعيار جديد، وبنظارة شفافة بيضاء، وأن نعيد تقييم هؤلاء الذين تعج بهم أجهزتنا المختلفة الحكومية والخاصة على حد سواء، من أصحاب الثروات والنفوذ، الذين هم يتظاهرون بالحرص على مصلحة الوطن والشعب، ويلبسون ثوب الملائكة وهم في واقع الأمر شياطين لا يتوانون عن القتل في سبيل مصالحهم وغرائزهم الشخصية.
ومع إلحاحنا وإصرارنا على عمليات التطهير هذه، فإننا نجزم بأننا مطالبون بالبحث عن حل لمعضلة أهم، سوف تواجههنا من جراء عمليات التطهير هذه، وهي ترتبط بالإجابة عن سؤال هام ألا وهو: كم سيبقى من أفراد عفاف.. في كل جهاز أو برلمان.. شرع القائمون عليه في تطهيره؟ .