د. كاميليا محمد شكري ليس خافيا علي أحد.. أن مصر تمر في الوقت الحالي بمرحلة مصيرية تكتنفها صعاب من كل جانب لأسباب داخلية وخارجية.. نعلمها جميعا! ومن المؤكد أنه لا يمكن الاستمرار فيما نحن فيه من أوضاع تؤثر تأثيرا مباشرا بالسلب علي حياتنا وينتج عنها احتقان متزايد تعاني منه الأمة.. وليس أدل ولا أوقع من تزايد وقفات الاحتجاجات، والاعتصامات، والاضرابات التي شملت قطاعات وفئات عديدة بعضهم لم يكن متوقعا مشاركته فيها.. ولقد شغلت حيزا كبيرا من أيام السنة الماضية نتيجة لقسوة الظروف التي أصبح من الصعب تحمل المزيد منها.. بالرغم أن الشعب المصري بكل ما عرف عنه من صبر وقوة الاحتمال تفوق التصور إلا أن الضغوط تتزايد وأصبح هناك فقدان ثقة بين الشعب والحكومة نتيجة لسياسات غير واضحة. .وتصريحات بعيدة عن الواقع ولا يعول عليها.. ووعود لا تتحقق وأصبح لدي الأمة قناعة أن الأحوال تسير من السيئ إلي الأسوأ.. ولا ملجأ إلا لنواب الشعب ليدافعوا عن حقوق مشروعة وأصيلة أهدرت لأنه من المفترض أنهم يعايشون الواقع بكل تفاصيله ودقائقه.. ويلمسون إلي أي مدي يقاسي المواطن البسيط من الغلاء.. وارتفاع الأسعار المتزايد ولا يتوقف بجانب أن الدخول منخفضة ولا تواكب ارتفاع الأسعار.. وارتفاع نسبة البطالة التي تسببت في أن نكون من أعلي نسب الإعالة بين الدول. ناهيك عن الفوضي التي تسود معالم الحياة المعيشية في مصر في التعليم والصحة والاسكان ووسائل النقل وانضباط الشارع المصري.. إلي آخره وإلي آخره!! وأينما تلفت حولك لا تجد ما يطمئن القلب علي مستقبل الأمور القريب أو البعيد للبلاد. وفي ظل هذه الأوضاع المقلقة حقا تخرج قيادات من الحزب الوطني لتؤكد بصورة قاطعة أن الحكومة حكومة الحزب وتنفذ سياسته وفي نفس الوقت تفرض قيود الانتماء الحزبي علي أعضائه.. الذين يشكلون الأغلبية في البرلمان بعد انضمام الأكثرية من المستقلين. وعلي هذه الأوضاع فإن المعني الوحيد لذلك أن الحزب الوطني الحاكم يقضي قضاء مبرما علي مبدأ فصل السلطات التي يؤكدها كتاب الأمة »الدستور« في مواده. وأيضا في ظل المفاهيم العالمية أن عضو البرلمان بمجرد إقرار عضويته. يصبح ممثلا للأمة كلها يدافع عن حقوقها ويتكلم بلسانها. وهذا ما تسير عليه برلمانات في الدول الحرة الديمقراطية، وأيضا ما كانت عليه الأوضاع في مصر حتي نهاية النصف الأول من القرن الماضي عندما كان زعماء البلاد ونوابها حريصين علي أن تكون الأمة مصدرا للسلطات.. وأن يفنوا جميعا في خدمة أبنائها ليكون خير البلاد لهم. فشتان بين عصر وعصر..وعهد وعهد.. والله يتولانا برحمته. فعهد الحزب الوطني لا يضع في حسابه أي حقوق للأمة ولا يضيره ما تعانيه البلاد من أزمات وتعيشه من مآس.. حتي أصبح المواطن المصري الأقل في توافر الأساسيات الأولية للمعيشة الحياتية.. فما بالك بالتطلعات الإنسانية. كلمة أخيرة إن الملاذ الأخير للأمة أن يعبر عنها نوابها بصدق وأمانة.. ولا يخذلونها أمام اعتبارات الالتزام الحزبي.. فالالتزام الوطني هو الأبقي لمستقبل البلاد ولصالح الأمة وكل شيء خلاف ذلك إلي اندثار.. وقراءة التاريخ واستيعابه يؤكد أن الباقي هو الوطن.. ولك الله يا مصر!! عن صحيفة الوفد المصرية 3/1/2007