محافظ أسوان يفتتح الندوة التوعوية لمكافحة الفساد    "الابتزاز الإلكتروني وتأثيره على المرأة والمجتمع" في ندوة بدار العلوم بالفيوم| صور    محافظ أسوان: الأربعاء والخميس إجازة لطلاب المدارس التي بها انتخابات مجلس النواب    قوات الدفاع الشعبي تنظم زيارة لطلبة جامعة القاهرة والمدارس العسكرية لمستشفى أبو الريش للأطفال    شباب الشيوخ توسع نطاق اختصاصات نقابة المهن الرياضية    بدء تفعيل رحلات الأتوبيس الطائر بتعليم قنا    كامل الوزير: توطين صناعة السيارات محور رئيسي في خطة النهوض الاقتصادي    "مياه سوهاج": ضرورة سرعة سداد قيمة مقايسات العدادات الكودية للحصول على الخدمة| صور    «إياتا»: 7.9 دولار ربح من كل راكب.. والشحن الجوي يفقد بريقه    غدًا.. فصل الكهرباء عن قريتي كوم الحجنة وحلمي حسين وتوابعهما ببيلا في كفر الشيخ    الصين تواصل إغراق العالم بمنتجاتها.. والفائض التجاري للبلاد يتجاوز تريليون دولار    قطر تحذر من التداعيات الإنسانية الكارثية لاستهداف إسرائيل الممنهج لوكالة الأونروا    اليابان: تقييم حجم الأضرار الناجمة عن زلزال بقوة 5ر7 أدى لإصابة 34 شخصا    شتيجن يعود لقائمة برشلونة ضد فرانكفورت في دوري أبطال أوروبا    الاتحاد الأوروبى يطالب بتهدئة فورية بين كمبوديا وتايلاند والعودة للمفاوضات    ساويرس يكذّب هآرتس: لم أزر تل أبيب طوال حياتي    القاهرة الإخبارية: قافلة زاد العزة ال90 تحمل أكثر من 8000 طن مساعدات لغزة    بث مباشر مشاهدة مباراة منتخب مصر ضد الأردن في كأس العرب (لحظة بلحظة) | التشكيل    وزارة الرياضة توضح تفاصيل إصابة لاعب أثناء مباراة الدرجة الرابعة بمغاغة    الأعلى للإعلام يستدعى المسئول عن حساب الناقد خالد طلعت بعد شكوى الزمالك    ضبط قائد سيارة أجرة امتنع عن تحميل الركاب بالبحيرة    لليوم الخامس.. فرق البحث تنهى تمشيط مصرف الزوامل للبحث عن التمساح    لا كرامة لأحد فى زمن الانقلاب.. الاعتداءات على المعلمين تفضح انهيار المنظومة التعليمية    مياه كفر الشيخ: رفع درجة الاستعداد لموسم الشتاء وخطة متكاملة لدعم المناطق الأكثر عرضة للتأثر بالأمطار    وفاة شخص صدمته سيارة بصحراوي سمالوط في المنيا    والد ضحية منشار الإسماعيلية يطالب بالقصاص: "ابني اتقطع 6 أجزاء والمتهم لازم ياخد عقابه"    عائلة كوكب الشرق تشيد ب«الست»: فيلم راق رغم الانتقادات    نيللي كريم: مبقتش أعمل بطولات وخلاص عشان أثبت إني ممثلة كبيرة    متحدث «الأوقاف»: مصر قرأت القرآن بميزة «التمصير والحب» لهذا صارت دولة التلاوة    لليوم الرابع.. استمرار التصفيات النهائية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم بمشاركة ذوي الهمم    افتتاح عيادات الرمد التخصصية للأطفال المبتسرين وتشخيص أورام العين بمستشفى رمد طنطا    ليوناردو دي كابريو يهاجم تقنيات الذكاء الاصطناعي: تفتقد للإنسانية وكثيرون سيخسرون وظائفهم    كأس ملك إسبانيا - فريقان من الدرجة الثالثة يواجهان ريال مدريد وبرشلونة    الدفاع الروسية تعلن السيطرة على بلدة "أوستابيفسكي" في منطقة دنيبروبتروفسك الأوكرانية    المشاط تتسلم جائزة «القيادة الدولية» من معهد شوازيل    جامعة قناة السويس تقدّم خدمات علاجية وتوعوية ل711 مواطنًا خلال قافلة طبية بحي الأربعين    عروض كرنفالية فى النيل وأطفال بالزى الفرعونى باحتفالات الأقصر.. صور    رئيس جامعة العاصمة: الدراسة بالفرع الجديد ستبدأ في 2027، و80% من طلاب حلوان يتعلمون مجانا    حزب الاتحاد: لقاء الرئيس السيسي مع حفتر يؤكد حرص مصر على استقرار ليبيا    مراسلة قطاع الأخبار بالرياض: الأعداد تتزايد على لجان الانتخاب في السعودية    تطورات جديدة في الحالة الصحية للفنان تامر حسني.. اعرف التفاصيل    رياضة النواب تهنئ وزير الشباب بفوزه برئاسة لجنة التربية البدنية باليونسكو    صلاح وسلوت.. مدرب ليفربول: أنا مش ضعيف وقلتله أنت مش هتسافر معانا.. فيديو    رنا سماحة تُحذر: «الجواز مش عبودية وإذلال.. والأهل لهم دور في حماية بناتهم»    مدبولي يتفقد مشروع رفع كفاءة مركز تكنولوجيا دباغة الجلود بمدينة الروبيكي    فحص 7.4 مليون تلميذ ضمن مبادرة الكشف المبكر عن «الأنيميا والسمنة والتقزم»    طريقة عمل بلح البحر بتتبيلة مميزة ولا تقاوم    رئيس اللجنة القضائية: تسجيل عمومية الزمالك يتم بتنظيم كامل    غدا.. بدء عرض فيلم الست بسينما الشعب في 9 محافظات بأسعار مخفضة    أزمة الكلاب الضالة في مصر.. بين الأمان العام وحقوق الحيوان    ضبط 1.5 طن سكر ناقص الوزن وغير مصحوب بفواتير بمركز ديروط فى أسيوط    وزير الثقافة يلتقي نظيره الأذربيجاني لبحث التعاون بين البلدين    فريق جراحة القلب والصدر بمستشفيات قنا الجامعية ينقذ شابا من إصابة قاتلة بصاروخ تقطيع الرخام    السكك الحديدية: تطبيق إجراءات السلامة الخاصة بسوء الأحوال الجوية على بعض الخطوط    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ماذا تعمل ?!    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    هل يجوز إعطاء المتطوعين لدى الجمعيات الخيرية وجبات غذائية من أموال الصدقات أوالزكاة؟    المستشار القانوني للزمالك: سحب الأرض جاء قبل انتهاء موعد المدة الإضافية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر والتاريخ‏..‏ إفريقيا وآسيويا
نشر في محيط يوم 07 - 10 - 2007


مصر والتاريخ‏..‏ إفريقيا وآسيويا
عبده مباشر
عند دراسة موقع مصر الجغرافي‏,‏ يتوقف الدارسون كثيرا أمام مفارقة لافتة للنظر‏,‏ فهي بالرغم من أنها دولة افريقية جغرافيا‏,‏ فهي دولة آسيوية تاريخيا‏,‏ فالجغرافيا لم تجعل طرق الاتصال بافريقيا طوال العصور التاريخية الأولي ميسرة أو سهلة بنفس القدر الذي يسرت به طرق الاتصال بآسيا‏.‏
ففي حين لم يكن هناك طريق بري يربط مصر بقلب إفريقيا أو حتي بالدول الواقعة جنوبا‏,‏ كان الطريق البري عبر سيناء يقودها الي وسط وغرب آسيا‏,‏ أي ان سيناء منذ فجر التاريخ لعبت دور الجسر بين القارتين‏,‏ وجعلت من مصر دولة إفريقية آسيوية‏,‏ وفي نفس الوقت أدي البحر الأحمر دوره في ربط مصر بالمناطق الغربية بشبه الجزيرة العربية وبالساحل الشرقي لإفريقيا‏,‏ ولم يتحقق ذلك إلا بعد اكتشاف المصري القديم لعلوم الملاحة البحرية وبناء السفن‏.‏
هذا الواقع الجغرافي ربط مصر بقوة بغرب آسيا‏,‏ وذلك قبل ان يظهر العالم العربي أو العرب الي الوجود‏,‏ وإذا كان للاتصال بآسيا هذه الأهمية التاريخية‏,‏ فإن هذه الأهمية تتضاعف وتزداد وضوحا إذا ما عرفنا ان الأديان السماوية الثلاثة قد عبرت فوق هذا الجسر المصري الآسيوي‏,‏ وكانت مصر دائما طرفا رئيسيا وفاعلا في قصة التوحيد بفصولها الدينية الثلاثة‏,‏ دون ان ننسي أن هذه الأرض قد شهدت ميلاد التوحيد في العصر الفرعوني قبل أن يبدأ عصر الرسالات السماوية‏.‏
وعبر مصر ببعديها الآسيوي والافريقي‏,‏ تدفقت معظم الهجرات العربية من آسيا الي افريقيا‏,‏ وهنا يؤكد الباحثون ان الهجرات العربية الي افريقيا ومدغشقر عبر جنوب البحر الأحمر والمحيط الهندي‏,‏ ظلت محدودة التأثير بعكس الهجرات التي شقت طريقها عبر سيناء‏,‏ فهذه البحيرات هي التي تمكنت من نشر اللغة العربية في مصر وشمال افريقيا‏,‏ وقد ارتبط هذا الانتشار بنشر الاسلام‏,‏ أي بعد وصول الجيوش العربية الي مصر أولا ثم الي شمال افريقيا‏.‏ وهنا يجدر بنا ان نشير الي أن مصر لم تتحدث باللغة العربية إلا بعد مرور نحو‏200‏ عام علي دخول الجيش الاسلامي بقيادة عمرو بن العاص عام‏642‏ ميلادية‏,‏ وكان ذلك في عصر الخليفة المأمون‏.‏
وتوضح كتب التاريخ أن كل الغزوات التي استهدفت مصر قد أتت عبر سيناء‏,‏ فيما عدا غزوات محدودة أتت من الغرب كالليبيين في العصر الفرعوني‏,‏ والفاطميين في العصر الاسلامي‏,‏ أو من الجنوب كالنوبيين والأحباش في العصر القديم‏,‏ ولا يمكن ان نتبين أهمية آسيا بالنسبة لمصر أو مصر بالنسبة لآسيا إلا إذا عرفنا أن اللغة الهيروغليفية‏,‏ لغة مصر القديمة‏,‏ هي أصل اللغات التي ظهرت في غرب آسيا كالنبطية والفينيقية‏,‏ كما أنها أصل اللغة القبطية أو هي اللغة القبطية بحروف لاتينية‏,‏ وأصل اللغة الاغريقية‏.‏
ومن الملاحظ في هذه العلاقة‏,‏ أن ارتباط مصر بالمناطق الشمالية الغربية للقارة الآسيوية أقوي من ارتباطها بالمناطق الجنوبية‏,‏ وما ذلك إلا لأن الطريق الأساسي الي آسيا هو الطريق الساحلي الذي يمر بالقرب من ساحل البحر المتوسط الشمالي‏,‏ والشمالي الشرقي‏,‏ والمؤدي تلقائيا الي منطقة الشام بشرق البحر المتوسط‏,‏ في حين أن الاتجاه جنوبا يتطلب تغييرا حادا في الاتجاه‏,‏ بالاضافة الي اللجوء لعملية التفاف طويلة‏.‏ ونتيجة لهذا كانت فلسطين والشام ملجأ أو منفي لمصريين كثيرين خلال فترات الاضطراب والمحن والأزمات‏.‏
وفي هذه المنطقة استقر كثير من المصريين الذين ذهبوا اليها مقاتلين خاصة خلال فترة حكم محمد علي باشا طوال النصف الأول من القرن التاسع عشر‏.‏
وإذا ما توقفنا أمام غزو الهكسوس لمصر واحتلالهم لها‏,‏ باعتباره الغزو الأول والاحتلال الأول لمصر الذي دام نحو‏400‏ عام‏,‏ سنتبين أن الشعب المصري خاض أول حرب تحرير في التاريخ‏,‏ وبعد نجاح كل من سفن رع وكامس وأحمس في تحرير مصر‏,‏ بدأ الفرعون المصري يتطلع لتأمين الحدود الشرقية‏,‏ وتحول الأمر الي بناء امبراطورية مصرية حدودها آسيا الصغري في الشمال الغربي والرافدين في الشمال الشرقي‏.‏
وخلال عصور الانهيار‏,‏ وسطوع نجم الامبراطورية الفارسية‏,‏ تقدمت جيوش الفرس لتحتل مصر‏,‏ بعدها وصلت جيوش الاسكندر ليبدأ عصر الاحتلال اليوناني‏,‏ الذي يفتح الباب لعصر من الاحتلال الروماني ولا ينتهي هذا العصر إلا بوصول الجيوش العربية الاسلامية عام‏642‏ ميلادية‏.‏ وتتحول مصر الي ولاية‏,‏ تستقل بأقدارها أحيانا مجموعة من الحكام الأغراب الي أن تقع في أيدي المماليك القادمين من مناطق آسيوية‏.‏ وما إن تشرق شمس الامبراطورية العثمانية حتي تتطلع الي مصر‏,‏ ويبدأ عصر الاحتلال العثماني عام‏1517.‏ وتحت الراية العثمانية يبدأ عصر محمد علي عام‏1805.‏ طوال هذه العصور كانت القارة الآسيوية تلعب دورها في تاريخ مصر في حين ظل الدور الافريقي محدودا بمحدودية دور الغزاة الذين انطلقوا من الأراضي الافريقية‏.‏ كما ان الفراعنة الذين قرروا التوسع في آسيا لم يقرروا التوسع في افريقيا بنفس القدر‏.‏ وعبر البحر الأحمر وصلت مصر الفرعونية الي بلاد بونت الصومال‏,‏ والي مناطق محدودة في الأراضي الواقعة جنوبا‏.‏
أما في العصور الحديثة فقد تطلع محمد علي ومن بعده إسماعيل الي افريقيا خاصة السودان والساحل الشرقي لافريقيا‏.‏ وقبل ان تهب رياح الاستقلال علي القارة الافريقية في ستينيات القرن الماضي‏,‏ لم تكن هناك سوي أربع دول مستقلة هي مصر واثيوبيا وجنوب افريقيا وليبيريا‏.‏
ولم يكن ممكنا أن يتحقق الاستقلال لدول القارة دون مشوار طويل من الكفاح والنضال والتضحيات‏,‏ وإذا كان المشوار يعتمد علي القوي الوطنية في هذه الدول بشكل أساسي‏,‏ فإنه بالضرورة يتطلب دعما ومساندة خارجية مادية ومعنوية‏,‏ وفي هذا المجال قامت مصر بدورها‏,‏ بل كان لها الدور الأكثر بروزا‏,‏ فلم يكن متوقعا أن تساند دولتا جنوب افريقيا أو ليبريا قوي التحرر الوطني‏,‏ وكنتيجة منطقية دفعت مصر وشعبها ثمن هذا الدور من رخائها واستقرارها ولم يكن اشتراك فرنسا في العدوان الثلاثي عام‏1956‏ في جانب كبير منه إلا من أجل تأديب مصر علي دورها في مساندة الثورة الجزائرية‏,‏ والأخطر أن فرنسا كانت الدولة التي ساعدت إسرائيل علي بدء مشروعها النووي‏.‏ وكان هذا الدور أفضل تعبير عن افريقية مصر‏,‏ رغم انها بحكم موقعها في الطرف الشمالي الشرقي للقارة تعد الاقرب الي قارة آسيا والأبعد عن مناطق قلب إفريقيا‏.‏
وقد أدت حركة التاريخ وتطور وسائل المواصلات والاتصال الي بناء وجود مصري مؤثر في جنبات القارة الافريقية‏,‏ وكان النيل هو العامل الأهم في بناء وتطوير علاقات مصر الافريقية‏.‏ وإذا كانت منطقة جنادل النيل جنوب أسوان قد وقفت حائلا دون ابحار المصري القديم جنوبا وتطوير علاقات مصر الافريقية بدلا من اقتصارها علي الصومال والسودان والحبشة وليبيا‏,‏ فإن النهر الآن يشكل الرابطة الرئيسية التي تربط بين كل دول الحوض‏.‏ وإذا كان السودان يمثل قلب البعد النيلي لمصر فإن هضبتي الحبشة والبحيرات هما أرض منابع النيل‏.‏ وبصورة أخري‏,‏ فإن واقع مصر الجغرافي يقوم بدوره في كتابة أبواب رئيسية من تاريخ مصر المعاصرة‏.‏
عن صحيفة الاهرام المصرية
7/10/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.