جولولى - عاطف عبد اللطيف حول توقعاته لشكل ومضمون المرحلة المقبلة بعد وجود رئيس منتخب، والعقبات التي تعترض طريق هذا الرئيس في المرحلة المقبلة، وفرص استمرار عنف الجماعة الإرهابية على الساحة، كل هذا وأكثر يجيب عنه المهندس عبد الحكيم جمال عبد الناصر النجل الأكبر للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، في الجزء الأول من حواره لGololy. بداية: ماذا تقول عقب انتخاب المشير السيسي رئيسا لمصر؟ فوز السيسي معناه أن ثورة 30 يونيو اختارت قيادتها.. هذه القيادة التي أنقذت مصر من غياهب الإرهاب وشبح العنف والتقسيم الذي كان يهددها على يد جماعات الظلم والظلام، والتي كانت تظن قدرتها على حكم مصر 500 عام قادمة ولا يدركون ما فعلوه من إصابة مصر بانتكاسة أكبر من نكسة يونيو في عام واحد من حكمهم. البعض يأخذ عليك مساندتك للسيسي دون حمدين «الناصري» في الانتخابات؟ لابد من التأكيد على أن المشهد منذ 30 يونيو به تذبذبات وقلق شعبي من الرئيس المقبل والخوف من شبح غرق البلاد في حالة من الفوضى العارمة والاقتتال الأهلي كما يحدث في بلدان كثيرة، وباتت المواجهة الحقيقية بين الشعب والإرهاب متمثلا في جماعة الإخوان أمر قائم، وبالتالي بات السيسي هو البطل المنقذ في عقول وقلوب الجماهير. كما أن حمدين صباحي ليس كل الناصرية فالناصرية أكبر من أي شخص مهما كان حجمه لأنها أهداف وطموحات وليست شخص يذهب ويأتي، ومصر كانت في حاجة للدعم، وهو يتمثل في دعم ترشح المشير السيسي ونجاحه فقط وليس أي شخص آخر لأنه هو القيادة السياسية التي استدعاها الشعب لقيادة المشهد المرحلة المقبلة. هل تؤيد تكوين حمدين صباحي جبهة معارضة في المرحلة المقبلة؟ أنا أري أن الناصريين ليس مكانهم المعارضة البحتة، ويجب أن يكونوا عنصرا رئيسيا في صناعة الأحداث ودعم الثورة وإنجاحها، ونكون فرق عمل لإخراج البلاد من عثرتها، والمعارضة الرئيسية على جماعة الإخوان وأحلافها الداخليين والخارجيين ومن يناصرهم من قوى الشر والإفساد، ولا يجب الوقوف في صفهم ضد إرادة الشعب، وكيف نرضى أن نكون أصحاب ثورة عظيمة شهدت لها البشرية بالعظمة والفخر ونستدعي الرجل كقائد عظيم ثم ننضم لجماعات معارضة ونعمل ضده، لابد من العمل معه لإنجاح المشهد ونلزم التوجيه والنصح والإرشاد وليس المعارضة البحتة على طول الخط. ما رأيك في طرح فكرة المصالحة مع الإخوان مستقبليا؟ مرفوضة بكل شكل ولون.. هل سنتصالح مع قتلة؟!!، أظن أن الأمر منتهي وبلا نقاش لا أؤيد هذا الأمر، وهناك فرق في التصالح مع بعض القيادات التي لم تتلوث يدها بالدم ولم يشتركوا فكريا وتخطيطيا في أعمال عنف أو تخريب أو سفك دماء للأبرياء أن يعلنوا عدولهم ورجعوهم عن تبني الفكر الإخواني بعد أن اكتشف أنه مخدوع طوال الوقت الماضي من تلك الجماعة فأهلا وسهلا به في حضن مصر، أما أصحاب شعارات «طظ في مصر»، ومن يتبنون فكر التنظيم الدولي للإخوان وينتمون لجماعة لا تعترف بالوطن قولا وفعلا وتعيث فيه فسادا وإفسادا فلا مكان لهم بيننا، كما أن من يريدون التصالح من قيادات محسوبة على الجماعة يعبرون عن أنفسهم ولا أعرف دوافعهم الحقيقية من وراء طرح هذه المبادرات ومنهم من يحمل الجنسية المصرية ويظهر على إذاعات وفضائيات معادية لمصر للترويج لأفكار الإخوان الإرهابية وهم محسوبون على مصر للأسف. هل ترى في وجود السيسي رئيسا قدرة على إنهاء عنف وإرهاب الإخوان؟ جماعة الإخوان الإرهابية نتوقع منها كل شيء خسيس وكل فعل حقير ووضيع في كل وقت ومكان، وأفعالهم الجبانة لم تغب عن ذاكرة التاريخ، فهم من انقلبوا على الملكية ثم حاولوا قتل جمال عبد الناصر في حادث المنشية بعد عهد، ثم دبرت إحدى الجماعات التي ولدت من رحمهم اغتيال البطل الراحل أنور السادات في العرض العسكري عقب نصر أكتوبر المجيد ولم يأمن حسني مبارك من مكرهم حتى أنهم حلفوا له بالولاء ثم انقلبوا عليه في أحداث ثورة 25 يناير. ولا ننسي أن ما يدبرونه ويحيكونه الآن كرروه عام 1954م وقاموا بأعمال عنف وتفخيخات واستهداف وبنفس أساليب الخسة والدناءة المعتادة، ولكن الأمر يختلف في استخدامهم للتكنولوجيا الحديثة في أعمال الرصد والتفخيخ والقتل والترويع، وتاريخهم ملئ باستخدام الرصاص والقنابل في وأد إرادة الشعوب والرأي المخالف لهم واستباحة دماء الأبرياء وأنا لست قلقا من الموجة الإرهابية مهما علت وتيرتها في أوقات متباينة ولكنها قاصرة وليست على حجم الجرائم الإرهابية الدولية بفضل يقظة أجهزة الأمن والاستخبارات لدينا وغالب الأحداث فردية انتقامية غاشمة. ما أهم العقبات التي تعترض طريق الرئيس المنتخب في المرحلة المقبلة؟ أهم عقبة لدينا هي مشكلة البطالة التي سيواجهها الرئيس الجديد بكل قوة وحزم، وهي أم المشاكل لدينا لأن الشباب العاطل مشاكله في الأمور المادية ووقت الفراغ، ولذلك مناعته ضعيفة وهو قوى معطلة وقنابل موقوتة في نفس الوقت وسلاح ذو حدين للتنمية ولو وقع فريسة ليد الطغيان وقوى الشر التي تريد النيل من مصر لوظف في غير موضعه المنشود، والقضاء على البطالة يحقق التنمية الحقيقية، وللأسف مشاكل مصر مرتبطة ببعضها البعض ولابد من انجاز عدد من الأمور بالتوازي مع بعضها البعض، بإصلاح ملف التعليم وإقامة خطة عمل كبيرة تستوعب قطاعات وطاقات الشباب المعطلة، مع رفع الرعاية الصحية ونحن قادرون بالإرادة المصرية القوية والتضامن مع بعضنا على تجاوز الفترة العصيبة وبانجاز الملفات الملحة التي تحقق التنمية والرخاء. وما تقييمك للأداء الحزبي في مصر؟ القوى السياسية كيانات فاشلة وثبت أنها شيء فاشل منذ عشرينيات القرن الماضي وليس أمرا وليد اللحظة، ولا وجود حقيقي لها في الشارع السياسي ولو كان لها وجود ما سطت جماعات أفاقة كالإخوان والجماعات الإسلامية والإرهابية على المشهد السياسي بعد 25 يناير. هل تتوقع تفاقم الضربات الإرهابية بعد فوز المشير السيسي الساحق في الانتخابات؟ قد يزيد الأمر نوعا ما ولكنها تظل كما قلنا عمليات نوعية فردية، وفي أي بلد من دول العالم لابد من وجود إجراءات أمنية احترازية مشددة لحماية المواطنين في ظل وجود جهاز استخبارات قوي لديه معلومات وعناصر مدربة وذات كفاءة عالية تستطيع معرفة واكتشاف الجريمة قبل وقوعها وإحباطها بمهارة دون خسائر. كيف تقيم الفترة الانتقالية ودور المستشار عدلي منصور وأداء حكومة إبراهيم محلب؟ لابد أن ننتهز الفرصة لتوجيه التحية المخلصة للمستشار عدلي منصور القاضي النزيه الواثق من نفسه، والذي تولى قيادة البلاد في مرحلة انتقالية فارقة من تاريخها المعاصر، وتحمل تبعات جسام على عاتقه، وأدى واجبه بكل إخلاص وتفاني كما أن حكومة المهندس إبراهيم محلب استطاعت في فترة وجيزة إنجاز أمور عاجلة كثيرة وبشكل فاق كل التوقعات، وبأداء أكثر من ممتاز في شتى المجالات من محاولة حل مشاكل المواطنين والنظر إلى الحلول بعيدة الأجل ومتوسط الأجل منها، وحسن إعدادهم وترتيبهم لإنجاز العرس الديمقراطي والعملية الانتخابية وحيادهم بين المرشحين. تقييمك للوضع في سوريا في ظل حكم بشار الأسد؟ بالنسبة لي لا يهمني كثيرا وجود بشار الأسد في سدة الحكم أو لا، فهو ليس المشكلة، إنما الأزمة في مخطط التقسيم وحالة الفوضى العارمة والاقتتال ليل نهار، والمهم تماسك الدولة السورية وأن تحتفظ بكيانها دولة عربية قومية ذات سيادة تتمتع بجيش قوي سواء تواجد بشار أم رحل عن الحكم، ومحاولة تقسيم الدولة السورية الى دويلات وأقاليم مخطط أصابه الفشل رغم تكراره، وهو الأمر الذي ينطبق على الشأن الليبي، كما أن الجيش الليبي بدأ يفيق من ثباته ويفطن إلى محاولات التقسيم المدبرة، وبدأ يستعيد سيادته على أجزاء كبيرة ويحاول أن يوقف حمامات الدم التي تريقها جماعات الفوضى والتخريب هناك، ومع عودة مصر لدورها الطبيعي والريادي سيكون لنا دور حاسم في إنهاء صراعات ومخططات تقسيم الدول المجاورة. هل تتوقع تدخل عسكري مصري في ليبيا أو سوريا لوزن الأوضاع هناك؟ مصر ستبدأ في تطبيق نهضة تنموية شاملة في كافة المجالات في المرحلة المقبلة بفضل أصدقائها الدوليين وأشقائها العرب، وسيكون عليها دور واجب تنفيذه بالوقوف أمام مخططات التقسيم وتغييب هوية العرب وتقطيع أوصال الدول العربية الكبرى كليبيا وسوريا والاستيلاء على خيراتها من جماعات الشر المتحالفة مع أعوان الاستعمار والانتهازيين وسيكون في الإمكان مستقبلا مد يد العون العسكري بالمساعدات وليس التدخل العسكري لمن يحتاجه من إخواننا العرب، خاصة أن الأمر في ليبيا على سبيل المثال يتعلق بأمننا القومي فالمروحية العسكرية التي سقطت في صحراء سيناء أطلق عليها صاروخ سام 7 جاء من مخازن السلاح لدي عناصر القاعدة في ليبيا وسيكون لنا موقف إيجابي وليس سلبي ولن نقف موقف المتفرج تجاه أي مطلب عربي، فمصر التي كانت تملي عليها أوامر ورغبات شرقية أو غربية انتهت وولت إلى غير رجعة، وبقيت مصر التي تمارس دورها الطبيعي والنابع قرارها من رغبتها الذاتية وضميرها. وفي القريب ستعود مصر للتواجد بايجابية في كل القضايا التي تمس الامن القومي المصري والعربي والامتداد الاقليمي ولقد قالها الرئيس المنتخب: في حالة حدوث أي مكروه لأي دولة عربية وشقيقة سنكون عندكم "مسافة السكة" وهي رسالة واضحة تترجم انتهاء دور مصر السلبي مع انتهاء النظام القديم والإخوان وأعوانهم. ما دور مصر في جمع شمل الامة العربية خلال المرحلة القادمة؟ الانسان المصري بوجه عام يطمح الى التضامن والاتحاد العربي وتحقيقه لأن في الوحدة قوة وعزة، والاتحاد كفيل وحده بالتصدي دون قوة السلاح الى محاولات التشرذم والتفريق بين الشعوب العربية، ولننظر كيف استطاع العرب تجاوز كل خلافاتهم السابقة والتوحد خلف هدف واحد وهو دعم مصر وسوريا في 1973 ضد المكيان الصهيوني ومنعوا الامدادات النفطية عن الغرب والدول الداعمة لاسرائيل عسكريا وكان لاستخدام سلاح البترول أمرا ساعد على نجاح المعركة واسترداد الارض المحتلة، وسيكون لمصر دور قوي في المرحلة المقبلة، مع وجود قيادة مصرية تجنح الى إخوانها العرب وهي قيادة ذات إجماع شعبي ف أكثر من 90 % من الشعب المصري يعد إجماعا شعبيا بلا شك، وهذه الارادة تتحدي المستحيل وتختلف عن من يأتي متجاوزا الانتخابات بنسبة 51%، ومصر لن تحتاج دعم القوى الخارجية التي تميل الى المساعدة المشروطة بتفعيل أجندات ومصالح خاصة وستنجح عربيا واقليميا بعون الله وفي ظل دور اشقائها العرب المتعاونيين. ما تقييمك للتقارب المصري الروسي بعد زيارة المشير السيسي لروسيا؟ خطوة المشير عبد الفتاح السيسي لروسيا خطوة ممتازة لتفتح صفحة جديدة من العلاقات الناجحة مع الروس، ولا ننسي أن هذا سيساعد على فتح صفحات جديدة من التعاون المثمر والبناء مع الصين والهند ودول أمريكا اللاتينية، وسنضع قاعدة أمام الغرب بضرورة التعامل مع مصر من منطلق الند للند وليس التبعية ودون تدخل في شئوننا الداخلية كما أن هذه الزيارة جعلت الأمريكان يدركون أن أمر التعاون والامدادات التسليحية العسكرية ليست حكرا عليهم، كما أن إخواننا العرب عرضوا شراء الاسلحة لمصر من دول كثيرة وسيقفون معنا إلى أقصى درجة أنا متأكد من هذا. كيف تقيم موقف الدول العربية و"الخليجية" خاصة بعد ثورة 30 يونيو؟ الكثير من إخواننا العرب نموذج مثالي للقومية العربية الحقيقية التي حلم بها جمال عبد الناصر، وموقفهم منذ ثورة 30 يونيو العام الماضي الى الان تلمح فيه روح الماضي وعبق الحب والاخاء العربي الذي تلوث لفترات بالشقاق والنزاع الذي غزته قوى الاستعمار والمصالح، ويا ليت باقي العرب يفيقون من سباتهم، ولا ننسى أن هناك مواقف للملكة العربية السعودية ودولة الامارات والكويت والبحرين وسلطنة عمان وقفوا الى جوار مصر وتضامنوا معنا على قلب رجل واحد، وبرهنوا أن العرب ما زالوا على كلمة واحدة وأكدوا أن القومية العربية التي نادي بها الرئيس جمال عبد الناصر منذ 30 عاما ما زالت حية في صدور العرب.