قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مساء اليوم الأحد، إنه يتطلع إلى التسامح والتصالح مع أبناء الوطن، باستثناء من أجرموا في حقه واتخذوا العنف منهجا. وفي خطاب له ألقاه خلال احتفالية بقصر القبة الرئاسي، شرقي القاهرة، بمناسبة تنصيبه اليوم، رئيسا للبلاد، أضاف السيسي أن "من أراقوا دماء الأبرياء وقتلوا المخلصين من أبناء مصر ليس لهم مكان في تلك المسيرة". ومضى قائلا:"لا تهاون ولا مهادنة مع من يريدون تعطيل مسيرتنا نحو المستقبل .. مع من يريدون دولة بلا هيبة". ولم يحدد السيسي من قال إنهم أجرموا وأراقوا الدماء وقتلوا المخلصين، غير أن السلطات المصرية التي حكمت البلاد عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي في يوليو الماضي، كثيرا ما اتهمت جماعة الإخوان المسلمين بارتكاب "العنف"، وأدرجتها نهاية العام الماضي "جماعة إرهابية"، وهي الاتهامات التي ترفضها الجماعة وتقول إن مظاهراتها سلمية، وأنها بعيدة تماما عن العنف. وبخصوص علاقات مصر بالمحيط الإقليمي والدولي أوضح الرئيس المصري أنه يرفض "التدخل في الشأن المصري من أي كائن من كان". وكرر السيسي عبارة "مسافة السكة " في حديثه عن علاقات بلاده مع دول الخليج، وهي عبارة ذكرها السيسي في لقاءات تليفزيونية سابقة، تعبيرا عن رفضه لأي تهديد يوجه إلى دول عربية، في إشارة إلى تحريك الجيش المصري فورا لمواجهة هذا التهديد. وبصوت مرتفع، قال السيسي :" قيادة مصر واحدة ولن أسمح بوجود قيادة موازية تنازع الدولة هيبتها وصلاحياتها"، مكررا ذلك مرتين قبل أن يضيف: "قيادة مصر واحدة وأتمنى أن تكون الرسالة وصلت"، دون أن يحدد من يقصد بالقيادة الموازية. ولفت الرئيس المصري إلى أن "دحر الإرهاب" وتحقيق الأمن يأتي على رأس أولويات المرحلة القادمة، بجانب العدالة الاجتماعية ومحاربة الفقر والحفاظ علي الحقوق والحريات. وبخصوص سد النهضة الإثيوبي، قال "لن أسمح بأن يكون سد النهضة سببا في أزمة أو مشكلة، أو يكون عائقا، فإذا كان السد يمثل لإثيوبيا حقها في التنمية فالنيل يمثل لمصر حقها في الحياة". وتابع:"مصر ملتزمة بتعهداتها الدولية والتعاقدات التاريخية وما سيكون خلاف ذلك سيكون بالتشاور والتوافق بما يحقق المصالح المشتركة". وشهدت الأشهر الأخيرة، توترًا للعلاقات بين القاهرة وأديس أبابا، مع إعلان الأخيرة بدء بناء مشروع سد النهضة، الذي يثير مخاوف داخل مصر، حول تأثيره على حصتها السنوية من مياه نهر النيل، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب. وكان وفد إثيوبي رفيع المستوى، برئاسة وزير الخارجية تيدروس أدحانوم، شارك في مراسم تنصيب السيسي. وفي نهاية الكلمة منح السيسي الرئيس السابق عدلي منصور "قلادة النيل" وهو وسام رفيع يمنح لمن قدموا خدمات عظيمة للبلاد. وشارك في الاحتفالية التي أقيمت بقصر القبة، نحو 1200 من الشخصيات العامة وممثلين عن مختلف طوائف الشعب المصري، بالإضافة إلى وفود أجنبية، بحسب ما ذكره التليفزيون الرسمي. ومن أبرز حضور الحفل، وزير الدفاع الأسبق محمد حسين طنطاوي، وشيخ الأزهر أحمد الطيب، وبابا الأقباط تواضروس الثاني، ورؤساء الوزراء السابقين حسب الله الكفراوي وكمال الجنزوري وعصام شرف وحازم الببلاوي، وجيهان السادات أرملة الرئيس الراحل أنور السادات، وعبد الحكيم نجل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ومن الإعلاميين خالد صلاح وخيري رمضان، ومن الفنانين، يسرا ونبيلة عبيد ومحمود عبد العزيز وأحمد السقا، ومن الرياضيين طاهر أبوزيد وزير الرياضة السابق. بموازاة ذلك يحتفل مصريون في ميدان التحرير (وسط القاهرة)، ومحيط قصر الاتحادية (شرقي العاصمة)، وعدد من المحافظات، بتسليم السلطة رسمياً للسيسي، وسط تشديدات أمنية مكثفة لتأمينهم، بحسب مراسلي الأناضول. في المقابل تظاهر عدد من أنصار مرسي، في عدد من المدن، رفضا لتنصيب السيسي وللمطالبة بعودة مرسي للحكم، معتبرين الإطاحة به يوم 3 يوليو الماضي "انقلابا عسكريا". فيما يراه الرافضون لمرسي "ثورة شعبية". وأدى السيسي، صباح اليوم، اليمين الدستورية، رئيسا لمصر، أمام أعضاء الجمعية العامة للمحكمة الدستورية (أعلى سلطة قضائية) في ضاحية المعادي، جنوبي القاهرة، بحضور عدد من الشخصيات العامة المصرية، وحراسة أمنية مشددة. بعدها انتقل السيسي إلى قصر الاتحادية الرئاسي، شرقي القاهرة، حيث تسلم السلطة رسميا، عقب توقيعه علي وثيقة استلام السلطة، من الرئيس المؤقت المنتهية ولايته، عدلي منصور، وسط حضور عربي ودولي متفاوت التمثيل، وصفه مراقبون إجمالا بالمنخفض. وقبيل التوقيع على الوثيقة، وجه السيسي كلمة مرر خلالها رسائل إلى العالم الخارجي، قال فيها إن "اللحظة التي تمر بها مصر لحظة تاريخية فريدة وفارقة في عمر هذا الوطن، فعلى مدار تاريخنا لم يشهد وطننا تسليما لها في السابق، فللمرة الأولى يصافح الرئيس المنتهية ولايته الرئيس المنتخب". وتقدم السيسي بالشكر إلى كل الشركاء الدوليين الذين وقفوا بجوار بلاده، مطالبا الجميع بالمشاركة في مؤتمر "أشقاء وأصدقاء مصر" الذي دعا إليه العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، لدعم الاقتصاد المصري. والثلاثاء الماضي، أعلنت اللجنة العليا للانتخابات في مصر فوز السيسي برئاسة البلاد، بعد حصوله على 96.91% من إجمالي عدد الأصوات الصحيحة في انتخابات أجريت نهاية الشهر الماضي، وبلغت نسبة المشاركة فيها 47.45%، وهي النسبة التي شككت بصحتها المعارضة والمرشح الخاسر حمدين صباحي.