أصدرت دار طوى حديثا كتاب «رسائل السجن: رسائل أنطونيو غرامشي إلى أمه 1926- 1934» والتى صدرت نسختها الأولى في عام 1947، في ستة مجلدات تحوي 32 دفترًا، بترجمة الدكتور سعيد بوكرمي، والجزء الأول الذي خصصه المفكر لأمه، هو جزء من مجموعة رسائل متفرقة صدرت من قبل وذاعت شهرتها. المفكر الإيطالي الشّيوعي أنطونيو غرامشي قضى 11 عاما فى سجون الفاشية ، و لكن لم تستطع القضبان أن تسكته ، فدوت كتاباته بدعوات التحرر من الديكتاتورية ، و بعد صيحات الاحتجاج العالمية تم إطلاق سراحه ، ليموت بعد خروجه من السجن بقليل . مجموع الرسائل التي يحويها الجزء الأول حوالي سبع وثلاثين رسالة، تبدأ الرسائل في 20 نوفمبر 1926، وتنتهي في 8 مارس 1934، تبدأ جميع الرسائل بصيغة أليفة ومحببة تعكس حالة الافتقاد التي كان يعانيها المفكر داخل سجنه، وإن كانت الرسائل تظهر عكس ما كان يدّعي من «رباطة جأش» و«قدرة وتحمُّل» ، كما يأتي توقيعه للرسائل ب «نينو» في معظم الرسائل وإن كان في القليل منها يأتي بتوقيع «أنطونيو». الرَّسائل تنشغل بالسؤال عن العائلة والزوجة والأولاد ، في كثير من الرسائل يسعى غرامشي لبعث رسائل الطمأنة إلى أمه عن أحواله كأن يذكر لها «أنا بحالة جيدة قدر المستطاع، لديّ عنبر... لديّ مرآة حيث أنظر إلى نفسي. ويصلني من المطعم وَجْبتان في اليوم. لديّ آلة وضعت رهن إشارتي لتسخين الأكل وإعداد القهوة». ومرة أخرى يقول: «حياتي تتدفق دائمًا بنفس الطريقة. أقرأ، آكل وأنام وأفكر»، وفي بعض الأحيان يتسرَّب بعض من قلقه لها كقوله «لا يمكنني الكتابة بالكثافة التي أتوقعها، أكتب رسائلي بطريقة غير منتظمة . وفي بعض الرسائل الآخرى تنشغل بالاستفاضة عن أموره داخل السجن وحياته وكيف يجبر نفسه على التكيّف مع هذا الواقع، فينقل لها وقائع محاكماته، والسجون التي تردّد عليها كسجن ريجينا كولي وأوستيكا، ثم تورينو. و يتجاوز تساؤلاته أحوال العائلة إلى السؤال عن الشأن العام ، حتى وهو مُحاصر في زنزاناته ، كان يتابع ما يحدث من خلافات حدودية بين القرى، وكذلك إنشاء المساكن الجديدة للفقراء و إصابة البلاد بالملاريا ، و تظهر رسائله كيف كانت أمه هى الخيط بين الحياة و السجن .