من المقرر أن يبدأ زعماء الاتحاد الأوروبي اليوم الثلاثاء مفاوضات ومساومات حول التعيينات القادمة في المناصب العليا بالكتلة الأوروبية ، غير أن النجاح الذي حققته الأحزاب المتشككة في فعالية الاتحاد الأوروبي في انتخابات البرلمان الأوروبي التي أعلنت نتائجها مساء أمس الأول الأحد أثار أيضا علامات استفهام أكبر حول المسار المستقبلي للاتحاد. ووفقا لما جاء على وكالة الأنباء الألمانية فإنه وخلال الحملة الانتخابية الأخيرة طرحت الأحزاب السياسية الأوروبية لأول مرة مرشحين بارزين لمنصب رئيس المفوضية الأوروبية ، وتتمثل مهمة المفوضية في اقتراح القوانين كما تلعب دورا مهما في كفالة تنفيذها. ومع ذلك فينبغي لكي ينجح المرشح أن يحظى الآن بمساندة حكومات الاتحاد الثمانية والعشرين إلى جانب البرلمان الأوروبي. وقال هيرمان فان رومبي رئيس الاتحاد الأوروبي للزعماء في الدعوة التي وجهها لإجراء مباحثات في بروكسل " إنه من السابق لأوانه اتخاذ قرار بشأن أسماء المرشحين "، وأضاف إنه بدلا من ذلك سيناقش الزعماء " العملية التي تؤدي إلى اقتراح مرشح ما". بينما قال رئيس وزراء لوكسمبورج السابق جان كلود يونكر وهو مرشح حزب الشعب الأوروبي الذي ينتمي ليمين الوسط إنه يشعر بأن "من حقه" تولى منصب رئيس المفوضية الأوروبية بعد أن فاز حزبه بمعظم المقاعد في البرلمان الجديد. وقد أعلن الزعيم الاشتراكي هانز سوبودا اليوم أن زعماء الأحزاب الرئيسية في البرلمان الأوروبي يدعمون يونكر لتولي هذا المنصب، وقال إن رؤساء الأحزاب يطالبون الدول الأعضاء " بإعطاء يونكر - مرشح أكبر مجموعة سياسية في البرلمان الأوروبي - تفويضا واضحا لبدء مفاوضات مع المجموعات السياسية الكبرى ". وأوضح أن الاشتراكيين الذين جاءوا في المركز الثاني في الانتخابات الأوروبية سيدعمون يونكر إذا كان برنامجه " يلبي احتياجات المواطنين الأوروبيين ويراعي مخاوفهم ". غير أنه بدون أغلبيات مطلقة في البرلمان الأوروبي سيحتاج المرشح لكي ينجح إلى مساندة من جانب أحزاب مختلفة، واجتمع الزعماء البرلمانيون صباح اليوم لدراسة الطريقة التي ينبغي انتهاجها، وذلك قبل ساعات من قمة زعماء الاتحاد الأوروبي. وكانت عدة دول أعضاء في الاتحاد قد أشارت إلى أنها ليست ملتزمة بعملية الاختيار التي يتبعها البرلمان مما أثار المخاوف من حدوث أزمة دستورية محتملة في بروكسل. وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قد قالت أمس الاثنين أنها تتوقع استمرار المفاوضات لعد أشهر من أجل التوصل إلى تسوية بشأن " حزمة " من التعيينات البارزة في الاتحاد الأوروبي، ومن بين هذه التعيينات التي سيتم المنافسة حولها الوظيفة التي يشغلها رومبي، إلى جانب المسئولة عن السياسة الخارجية بالاتحاد كاثرين أشتون. غير أن رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي وهو أحد الزعماء القلائل الذين تعزز موقفهم بعد الانتخابات الأخيرة قال إنه لا ينبغي عليه أو على نظرائه التنازع بشأن التعيينات. وأضاف " إن المشكلة لا تتمثل فيما سأحصل عليه أو المنصب الذي سأتولاه ، ولكن لدينا طموحا أعلى من ذلك يتمثل في تغيير أوروبا". وشجعت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة على انبعاث روح للبحث عن الذات بشأن مستقبل مسار الاتحاد الأوروبي، حيث جاءت أعلى صيحات المطالبة بالتغيير من الدول التي خسرت أحزابها الحاكمة الأرضية أمام القوى المتشككة في جدوى الاتحاد الأوروبي. وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند الذي تراجع حزبه الاشتراكي إلى المرتبة الثالثة أمام الفوز الكبير لحزب الجبهة الوطنية المعارض للاتحاد الأوروبي قد قال لمشاهدي التلفاز الفرنسي أمس أن هذا التكتل الأوروبي أصبح " غير واضح " و" بعيد " بالنسبة للكثيرين ". وأضاف " إن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، ويجب على أوروبا أن تكون بسيطة وواضحة وفعالة حول الموضوعات التي يتوقع المواطنون أن تتدخل فيها وأن تنسحب من القضايا التي لا يحتاجها المواطنون فيها ". وتضامن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي أدلى مواطنوه بغالبية الأصوات الكاسحة لحزب الاستقلال البريطاني المعارض للاتحاد الأوروبي مع الدعوة للتغيير، وبعث برسالته من خلال اتصالات هاتفية مع العديد من نظرائه في الاتحاد الأوروبي أمس. وقال مسؤول بمكتب كاميرون " إن نتائج انتخابات البرلمان الأوربي وأعداد المشاركين فيها أكدت ضرورة ادخال إصلاحات من أجل كفالة أن يقوم الاتحاد الأوروبي بالمزيد لتحقيق نتائج في المجالات التي يهتم بها الناخبون مثل الوظائف والنمو ومستقبل أفضل ". ومن المقرر أن يتناول زعماء الاتحاد الأوروبي في قمتهم التي تستغرق يوما واحدا بالنقاش الانتخابات الرئاسية في أوكرانيا التي فاز فيها الملياردير الموالي للغرب بيترو بروشينكو بنسبة 54 في المئة من الأصوات. وقد رحب الاتحاد الأوروبي بنتيجة الانتخابات " الناجحة " باعتبارها " فرصة لبداية جديدة لأوكرانيا "، إلى جانب كونها فرصة لروسيا للدخول في حوار مع الرئيس الجديد. وكان الاتحاد الأوروبي قد هدد من قبل بتصعيد العقوبات ضد روسيا في حالة استمرارها من جهة نظر الاتحاد في زعزعة استقرار الوضع في أوكرانيا .