مؤلف "أيام التحرير" : أطالب بعودة محاكم "الغدر" السياسي الكاتب المصري محمد الشماع محيط – سميرة سليمان صدر عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة، كتاب جديد بعنوان "أيام الحرية في ميدان التحرير" للكاتب الصحفي محمد الشماع، في 224 صفحة . وفي حديث المؤلف ل"محيط" يقول الشماع، مدير تحرير صحيفة "القاهرة" الثقافية : قدمت مشاهداتي اليومية من ميدان التحرير، كنت أحد المشاركين في الثورة منذ بدايتها في 25 يناير وتفريق الأمن للمتظاهرين بالقوة مساء ذلك اليوم ويصطحبهم البلطجية في زي مدني. كنت أدون مشاهداتي، في كل يوم، ودونت أيضاً كثير من الانتهاكات التي حدثت مثل عملية "السحل" التي تعرض لها الصحفي الكبير محمد عبد القدوس على سلم نقابة الصحفيين، وهكذا سجلت مواجهات شارعي الجلاء ورمسيس، وما حدث في جمعة الغضب العنيفة التي نتج عنها شهداء الثورة. يواصل الشماع: في هذه الأثناء كنت أسجل واعتمد على عيني في رصد الأحداث، وأتحدث مع أصدقائي عبر الهاتف في أماكن مختلفة ليحكوا لي مشاهداتهم في شوارع القاهرة. لم يخطط الشماع في البداية لأن ينشر مشاهداته في كتاب، بل كان توجهه منصباً على كتابة تلك التفاصيل في صحيفة "القاهرة" التي يعمل بها، وبالفعل نشرها على حلقتين، ولكن لأن الجريدة حكومية تابعة لوزارة الثقافة تعرضت كتاباته للرقابة ولم يستطع الكتابة بحرية . كان لا يستطيع نشر مضمون الهتافات التي يقولها المتظاهرون والتي تنادي بسقوط النظام، وهو ما دفع رئيس تحرير الصحيفة الكاتب صلاح عيسى إلى أن يقترح عليه نشر مشاهداته كاملة بكتاب، ولقي هذا الإقتراح حماسا من الناشر إسلام شمس الدين، ومن ثم خرج الكتاب للنور. غلاف الكتاب أيام التحرير حول محتويات الكتاب يقول الشماع : الكتاب يضم أربعة فصول : الأول بعنوان "ثمانية عشر يومًا أسقطت نظام مبارك" يحوي المشاهدات اليومية خلال 18 يوم حتى إسقاط مبارك. الفصل الثاني "الخريطة السياسية لميدان التحرير" أستعرض فيه المجموعات والفصائل السياسية التي شاركت وخرجت من رحم الميدان، مثل ائتلاف شباب الثورة، ومجلس أمناء الثورة، وأكثر من تنظيم آخر بعضها نجح واستمر والبعض انتهى في الميدان، وهي حركات كما أشبه بتنظيمات علنية اكتسبت علانيتها وشرعيتها من الميدان وليس غيره، مثل: ائتلاف شباب الثورة، اتحاد شباب الثورة، مجلس أمناء الثورة، جبهة دعم مطالب الثورة، تحالف ثوار مصر، ائتلاف مصر الحرة، وحركة شباب 25 يناير، وغيرها. أما الفصل الثالث "الشائعات والحرب النفسية" فرصدت من خلاله أبرز الشائعات التي تناولها الإعلام، وما كان يروج له مثل إخلاء الميدان لن هناك عناصر إثارية ستتوجه إليه ومعها كرات لهب، وأخرى انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، و"تويتر" وغيرهم، فضلاً عن الشائعات الشخصية التي يتداولها الناس فيما بينهم. جاء الفصل الرابع بعنوان "اضحك الثورة تطلع حلوة"، وهو عن النكات التي خرجت أيام الثورة سواء التي خرجت في الميدان، او انتشرت في مواقع "الفيس بوك"، و"تويتر" أو تلك التي تنتقل عبر رسائل المحمول. منها مثلا ما قيل في سخرية من الحكام العرب وفشلهم في التعامل مع الثورات العربية المندلعة مثل التي انتشرت عن القذافي الذي يدرس إلغاء يوم الجمعة!، أيضاً أن التوأم إبراهيم وحسام حسن أصدروا بياناً أعربوا فيه أن الثورة المصرية مدبرة من قبل النادي الأهلي لحرمان الزمالك من الفوز بدرع الدوري!. ومنها أيضا كما يقول المؤلف اللافتات التي كان يستخدمها المتظاهرون ومنها: الشعب يسأل مبارك عن نوع الغراء الذي يستخدمه نظراً لطول التصاقه بكرسي الحكم!. وفي نهاية الكتاب ثلاثة ملاحق عن الخطب والبيانات التي ظهرت في 18 يوم بالتحديد، بدءا من دعوى القوى الوطنية للتظاهر يوم 25 يناير حتى خطاب أوباما الأخير الذي علق فيه على ثورة مصر، يتخلل ذلك الثلاث خطب للرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، والأربعة بيانات العسكرية الأولى، والبيانات التي ألقاها نائب الريس عمر سليمان في ذلك الوقت. أيضا هناك ملحق للصور التقطها الشماع بالكاميرا الخاصة به، وأخرى للصور المتداولة، وملحق ثالث عن الثورة من خلال صفحات الجرائد الأولى، وذلك من 25 يناير وحتى 12 فبراير صبيحة يوم التنحي. يواصل الكاتب محمد الشماع :يوم 26 يناير كتبت صحيفة "الجمهورية" في صدر صفحتها الأولى: 3000 مواطن عبروا عن رأيهم، ووصفتهم صحيفة "الأخبار" أنهم دعاة تخريب، في حين كان عناوين صحيفة "الشروق" مصر الغاضبة في الشارع، وصحيفة "الدستور" الشعب خرج من القمقم. وحول الإشادة بالكتاب أوضح مؤلفه أنه رغم المؤاخذات على الكتاب ومنها أنني لم استغرق في التفاصيل واختزلت بعضها إلا أن النقاد وصفوه بأنه يؤرخ للثورة، مشيراً إلى أن الكتاب اقتصر فقط على ما رأيته بعيني، فما حدث بمدينة السويس سمعته من مصادر متعددة، ومع ذلك لأني لم اعايشه فلم اكتب عنه. العودة للأصل حول قيم الميدان المفقودة في حياتنا أشار الشماع إلى ما قاله المفكر كلود ليفي شتراوس الذي يعد أبو البنيوية في العالم حين شغله كيف يعيد الإنسان لصورته الطبيعية، وهي تماثل نظرية لروسو تدعى "الهمجي الطيب" التي تقول بأن الشعوب والقبائل البدائية في عصور ما قبل التاريخ وقبل إقامة المجتمعات أحدث تكيفاً مع بيئته، وطرد أي كائن حاول أن يسيطر عليه، وهو ما شعر به الكاتب في الميدان فقد عدنا لصورتنا الأولية هناك، وذابت الفوارق والطبقات ونظفنا أماكننا بكل الحب. وهذا ما أريد أن يستمر- يواصل الصحفي والكاتب محمد الشماع - لأن في دوامه نجاح للثورة التي لم تتم بعد هناك إجراءات كثيرة لم تتخذ ، وهو ما حدث عقب ثورة يوليو عام 1952 حين شكلت لجنة لمصادرة الأموال، وأقامت محكمة "الغدر" السياسي، ولجان التطهير وهو ما نحتاجه الآن، رغم عدم عدالة تلك الإجراءات بنسبة كاملة إلا أنها حل سريع للفوضى التي نعانيها الآن، فنحن بحاجة إلى تطهير ومصادرة ومحاكمات بتهمة الغدر السياسي عبر قانون ينظم تلك الإجراءات. وأشار الشماع إلى المقطع الذي انتشر مؤخراً على الفيس بوك لإمام الدعاة الشيخ الجليل الراحل الشعراوي الذي نادى بألا تأخذنا بالظالمين شفقة أو رحمة، وهو ما يجب تطبيقه مع مبارك وأعوانه الذين أجرموا في حق هذا الشعب. فمبارك كما يصفه المؤلف لم يكن حاكماً، بل هو لص لم يأتي مثله بهذا الفساد في تاريخ مصر، لتصبح مصر في عهده دولة طاردة للشرفاء!. وحول عدم تطرقه لفترة ما بعد تنحي مبارك، أشار إلى أنها فترة لم استعد لها بقدر استعدادي لأيام ثورة الميدان، فالأحداث بعد التنحي كانت متلاحقة ولا زالت إلى اليوم. يواصل: ما يهمني ويسترعى انتباهي الآن هو موضوع الفتنة بين المسلمين والأقباط، من ذلك الظهور السلفي لمنبر مسجد النور، لهذا أعد كتابا عن الوحدة الوطنية بعد 25 يناير، والزخم الديني الذي ظهر فجأة. من مقدمة الكتاب نقرأ: "أمضيت أيامًا هي الأهم في حياتي، تحت وابل القنابل المسيلة للدموع والطلقات المطاطية والرصاص الحي أحيانًا، واجهتُ ورصدتُ أعنف مواجهات شهدها الشارع المصري، ويا ليتها مواجهات كلامية وفكرية فقط؛ بل كانت مواجهات بالأيدي والأسلحة والبغال والنوق والخيول. شعرتُ بالخوف والقلق على حياتي وحياة من كانوا بجانبي، لكني كنت مطمئنًا لأن مصر تغيرت، نعم هي تتغير الآن وقت كتابتي لهذه السطور، تتغير بسرعة لم نعهدها في العصر الحديث، وعلينا أن ننتظر لنجني ثمار التغيير".