بعد غلق باب الترشح للانتخابات الرئاسية المقرر لها يومي 26 و27 من شهر مايو المقبل، وبعد التأييد الحاشد الذي صب في مصلحة المرشح الرئاسي المشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والانتاج الحربي نائب رئيس الوزراء المصري السابق، وبين الاستاذ حمدين صباحي المناضل الناصري المعروف والذي خاض انتخابات عام 2012 وحصل على ما يقارب من 4 ملايين صوت انتخابي في الجولة الاولي ولم يتمكن من استكمال الماراثون الرئاسي حينها. بعد تقديم استمارات التأييد أو التوكيلات الموثقة بمكاتب الشهر العقاري المصري، والصعوبات التي واجهها حمدين في جمع النصاب القانوني للتوكيلات ليتمكن من خوض التجربة الانتخابية، اتخذت الحكومة المصرية حزمة من القرارات تفيد برفع اسعار الغاز الطبيعي بمعدل أربع اضعاف وبعض التكهنات الصحفية التي تؤكد من خلال مصادر غير مؤكدة لهذه اللحظة التي يكتب فيها هذه السطور، والتي تفيد بأرتفاع اسعار المحروقات.. بالرغم من أن الحكومة ليست حكومة مستمرة أو منتخبة الا أنها تأخذ من القرارات ما يحلو لها بسبب غياب الدور الرقابي البرلماني وبالرغم من انها حكومة تسيير اعمال إلا أن قراراتها لا تصب في مصلحة أى من المرشحين. بالطبع مصر تعاني من اقتصاد ضعيف للغاية ورفع الاسعار يأتي في اطار انقاذ ما يمكن انقاذه.. لكى لا تحدث كوارث اقتصادية لا يحتملها احد على الاطلاق. عودة للسباق الرئاسي الذي يعتقد البعض أنه محسوم لصالح المرشح الاكثر شعبية وهو المشير عبد الفتاح السيسي الرجل المخابراتي المخضرم ووزير الدفاع المميز الذي استطاع في غضون سنة ونصف تقريبا فعل ما لم يفعله اى زعيم حكم مصر.. فدعوته في 26 يوليو كانت اكبر دليل على أن الحشد الجماهيري او قيادة الشارع المصري انفلتت من ايدي القوى الثورية التي فقدت سيطرتها على الشارع المصري لتتمكن اجهزة سيادية اخرى بذكاء كبير من ضبط غضب الشارع المصري بشكل كبير والسيطرة عليه وتحريكه أيضا في غضون عام من حكم الاخوان وكأن ما حدث من حكم للاخوان في مصر كان بمثابة مرحلة ترتيب الاوراق ودراسة متأنية لما يمكن أن يحدث فيما بعد. حمدين صباحي يمتلك شعبية محدودة مقارنة بما يتملكه السيسي، كما أنه لا يمتلك ذات الخبرة التي يمتلكها المشير الذي كان جزءا من الاجراءات الحكومية التي بدأت منذ 30 يونيو 2013، فهو قائد عسكري له خبرات من الناحية العسكرية لايمتلكها منافسه، كما أنه لدية خبرات استراتيجية ومخابراتيه أيضا لا يعرف خباياها المنافس الاخر، واكتسبت خبرات العمل السياسي من خلال وجوده نائبا لرئيس الوزراء، فهذا المنصب الحساس في هذا التوقيت الحرج لم يكن بالسهل على الاطلاق. جميع ما سبق يفتقد إليه حمدين صباحي الا أنه يمتلك الشعارات الرنانة والنضال والمعارضة، دور الاحزاب هش للغاية في الوقوف مع هذا المناضل الثوري، فلم يدعمه سوى حزبه السياسي الذي يترأسه "حزب الكرامة" وحزب "الدستور"، كما أن القوى السياسية التي احرقت كل اوراق لعبتها السياسية لم تظهر لهذه اللحظة تأييد أحد منهما، كما أنها لم تدفع مرشحا بعينه كما كان يتكهن البعض أن عبد المنعم ابو الفتوح قد يكون موجودا ضمن السباق الرئاسي المرتقب في اللحظة الاخيرة. الكتل الانتخابية التي استهدفها السيسي اتت بحرفية عالية جدا، فهو يستهدف المهمشين والفقراء والطبقة تحت المتوسطة والمتوسطة بالاضافة للشريحة العريضة من السيدات وأيضا الشريحة العريضة من رجال الاعمال والمستثمرين الذين يرغبون في الاستقرار السريع لضخ والاستفادة من الاستثمارات المتوقعة. إلا أن الاجراءات الحكومية الاخيرة تشير إلى أن ثمه شيئا يحدث غير مفهوم وتثير علامات الاستفهام، فهل من الممكن أن يكون ما يحدث حاليا في اروقه العمل السياسي للدفع لتأييد المرشح الرئاسي حمدين صباحي ليجني اكثر عددا من الاصوات وتحسم الجولة الانتخابية الاولى لصالحه؟؟.. بالطبع التنظير بهذه الوجهة، يعد دربا من الجنون. لكن مما لا شك فيه أن المعركة الانتخابية لم تحسم بعد حتى، فماذا لو حسمت لصالح المناضل الشعبي الذي يناهض الحكومة وقرارتها وقوانينها.. ألخ.. ما هي اولى القرارات التي من الممكن أن يتخذها.. هل سيزيد دعم السلع الاساسية ام سيرضخ للواقع الاقتصادي السيئ ويلغي الدعم ليتمكن من العبور بمصر من هذه الازمة الاقتصادية التي توشك أن تكون طاحنة. العلاقات الدبلوماسية واضحة الملامح جدا من خلال المرشح المشير عبد الفتاح السيسي سواء عربيا او اقليميا او خارجيا.. فهل يستطيع حمدين أن يقترض من جديد من خلال الدول العربية الاكبر اقتصادا ام ان العلاقات بينه وبين هذه الدول لم تتشكل بعد. عباءة عبد الناصر.. هي الاطار الاساسي الذي يتحرك من داخله حمدين صباحي، والتحدث بلسان حال الفقراء والمهمشين الا أنه لا يستهدف على الاطلاق الاقتصاد الحر واقتصاديات السوق والتحرر من سعر الصرف وجذب الاستثمارات الخارجية لمصر، فعبد الناصر انتهت حقبته السياسية بما لها وما عليها، لكن الواقع سواء اقتصاديا او سياسيا تغير كثيرا عن خمسينيات القرن الماضي، فالاتحاد السوفيتي لم يعد موجودا.. ولم يكن موجودا في حقبة عبدالناصر الاتحاد الاوروبي، لذا يبقى السؤال ماذا سيفعل حمدين لو فاز بالانتخابات الرئاسية؟؟.. بعيدا عن الوعود الانتخابية والشعارات الرنانة. فالوضع سيئ والواقع يؤكد أنه لا يوجد لديه من الخبرة او القدرات او الشخصيات الداعمة ليخوض المعركة بشكل واقعي.