أصبحت التكنولوجيا سمة من سمات العصر، ولا غنى عنها في حياتنا، وهي سلاح ذو حدين، فرغم مميزاتها الكثيرة، وتوفيرها للوقت والجهد، إلا أن لها الكثير من المساوئ والعيوب، التي قد تعرض حياة الإنسان أو البشرية ككل للهلاك، كما هو الحال في أسلحة الدمار الشامل، التي تسعى غالبية الدول لامتلاكها. سهولة وسرعة في أداء المهام تساهم التكنولوجيا، في جعل حياة الإنسان أكثر سهولة وذلك بفضل الالات والمعدات والاختراعات الحديثة التي خفضت بنسبة كبيرة من العمل اليدوي الشاق في المصانع العملاقة وغيرها. اختراع أجهزة الكمبيوتر المكتبية والمحمولة يساهم بدرجة كبيرة في سهولة أداء الأعمال بمختلف أنواعها بسرعة وفي وقت ملحوظ بعيدا عن العمليات اليدوية التي قد تفشل في كثير من الأحيان. وبفضل التكنولوجيا تم ابتكار الأجهزة الطبية التي تعالج الإنسان من الأمراض التي لم يكن لها علاج في الماضي، وتم ابتكار العديد من الأدوية التي تؤخذ كعلاج للوقاية من الأمراض التي يمكن أن يتعرض لها الإنسان مستقبلا. وساهمت التكنولوجيا في بناء مدن صناعية كبيرة بتمكين الاقتصاديات العملاقة الحديثة من تطوير التنافسية وزيادة الإنتاجية بهدف رفع مقاييس المعيشة وضمان مستقبل أفضل. ووفرت التكنولوجيا المعلومات التي يتم استخدامها وتعتبر ركيزة لتنافس الدول في الاقتصاد والزراعة والصناعة بصفة عامة. دمار شامل.. وعزلة اجتماعية تأتي على رأس مساوئ التكنولوجيا الحديثة اختراع أسلحة الدمار الشامل النووية منها والذرية والتي تهدد البشرية بالزوال وتنهي حياة الإنسان والحيوان. وساهمت التكنولوجيا الحديثة في تهديد حياة الإنسان وجعله عرضة للأمراض الغريبة بسبب الإشعاعات الناتجة عن الاستخدام اليومي لأجهزة الموبايل والمايكروويف والمسببة لمرض السرطان وبما أن المعدات والآلات تأتي محل الإنسان في العمل فهي بالتالي تهدد حياته وعدم إكمالها بالشكل الصحيح من خلال أسرة وزوجة وأطفال، حيث ستحل محله وتؤدي عمله، وبالتالي لن يكون هناك مصدر رزق يستطيع عن طريقه إكمال حياته الطبيعية، وسيتحول إلى "شارد" في الطرقات والشوارع ومهدد من رجال الأمن والقانون. وتضفي التكنولوجيا الحديثة نوعا من العزلة الاجتماعية على الإنسان، لقضائهم أوقاتا طويلة أمام التلفاز، أو أجهزة الكمبيوتر، ما يجعلهم يقضون وقتاً أكثر داخل بيوتهم إلى درجة عزلتهم عن الاتصال بالمجتمع من جيران أقارب. البشر أقلية والسيطرة للتقنيات الحديثة ربما يصعب تخيل شكل العالم خلال السنوات المقبلة في ظل ثورة التكنولوجيا التي بدأنا نعاني منها ونحن في القرن العشرين، وإلى أي مدى يمكن أن يصل هوس الإنسان بالتكنولوجيا في عالم من المتوقع أن يكون البشر فيه أقلية، بينما الأغلبية ستكون للأشياء والتقنيات التي ستدير العالم عبر الانترنت. ويعبر عن ذلك ما تضمنه كتاب الخيال العلمي لجورج أوريل "أفضل العوالم"، والذي يصور البشر مجرد أقلية، وسط موج متلاطم من مستخدمي الانترنت أغلبه من الأشياء. وتضم شبكة الانترنت حاليا 875 مليون مستخدم بشري، وفي غضون العقود المقبلة، سيكون هناك مليارات من الأحياء من ضمنهم بشر وأشياء وآلات وأجهزة وسيارات وقواعد معلومات وربما أيضا نباتات، سيتولون جميعهم التواصل مع بعضهم البعض بواسطة الانترنت. «هوس» التكنولوجيا يسيطر على العالم العديد من صور "الهوس" التكنولوجي تتقافز إلى عقل الإنسان، ولا يمكن حصرها، كما أنه ليس من المستبعد خلال عقود أن تصبح حقيقة، فربما تتولى الثلاجة بنفسها تقديم طلباتها المتعلقة بما ينقصها من المواد الغذائية إلى محل البقالة. أما الأجهزة الطبية فستتولى ربما الكشف، ومن الأكيد تنفيذ ما ينبغي تنفيذه على جسد الإنسان المريض، وتتوفر الآن آلات مراقبة صحية لتتبع خطوات المسنين والمرضى، أو البقاء على اطلاع دائم على مؤشراتهم الحيوية. باب المنزل له مستقبل مختلف فهو سيفتح آليا أمام صاحبه، ولكنه سيغلق بإحكام على أي زائر غريب مشتبه به، كما أنَ هناك عدة أجهزة إلكترونية يتم استخدامها في أمكان كثيرة من الأرض يتولى تسييرها جهاز كومبيوتر، هذا فضلا عن وجود عدة هواتف متحركة تتولى بنفسها حجز وشراء تذاكر السفر بالقطارات، وهواتف تتعرف على وجه صاحبها، وأخرى تستطيع كشف الخيانة الزوجية، وثالثة مؤمنة ضد السرقة والقرصنة. ومن ضمن التطورات التي لحقت بتقنيات الأمن في الأجهزة الإلكترونية الحديثة، التعرف على بصمة الأصابع، وبصمة الصوت، وحدقة العين، ورائحة الفم، وربما تظهر مستقبلا أنواعا جديدة من البصمات والتقنيات. إدمان وجرائم بسبب التكنولوجيا يؤكد باحثون متخصصون، أن إدمان الإنترنت أدى بالبعض لفقدان علاقات اجتماعية أو زوجية وتأخر وظيفي، كما أدى بالبعض إلى الانطواء والعزوف عن المجتمع، إضافة إلى نوبات أشبه بالصرع، نتيجة زيادة الكهرباء في الجزء الأمامي من المخ وبؤرة العين، وفي هذه اللحظة تحدث نوبة أشبه بالصرع. ويشير أحد الباحثين إلى أن إدمان الإنترنت لا يصيب البالغين فقط، بل الأطفال أيضاً، خاصة مع توافر جديد التقنيات في كل يوم من ألعاب الكمبيوتر التي تجعل الشخص ينبهر ويشغف بالمكوث أكثر وأكثر، وهذا الإدمان ينعكس سلبيا وبشكل أكبر من البالغين على حياة الطفل ومواعيد نومه ودراسته، ويصبح انطوائيا لا يخرج مع أصدقائه أو يمارس أي هوايات أخرى سوى الجلوس على الشبكة بلا كلل أو ملل . وفي ظل انتشار تقنية البلوتوث التي هي أيضا أصبحت هوساً للعديد من الشباب، وتشهد رواجاً كبيراً في أوساط العديد من المجتمعات وصل إلى حد الإدمان وارتكاب الجرائم من خلالها، فقد كسرت هذه التقنية الكثير من حواجز القيم والأعراف في المجتمع، وصممت المواقع المخصصة لنشر مقاطع الفيديو الفاضحة التي تخدش حياء الأسر والمجتمعات. وأيضا النموّ المتزايد في استخدام الأجهزة التكنولوجية النقّالة أثار مخاوف خبراء يعتقدون بأن الناس قد أصبحوا مدمنين أو مثقلين بالأجهزة الإلكترونية الصغيرة وطريقة استخدامها. وصار الفرق بين العمل والحياة الشخصية أمراً مبهماً، إذ توفّر الهواتف النقّالة والرسائل الإلكترونية اتصالاً مستمراً على مدى 24 ساعة بين الموظفين وأرباب العمل، ووصل الإدمان على الأجهزة النقالة إلى التنقل بها إلى الفراش، والمسرح والسينما وإلى مأدبة عشاء، والأعراض كأعراض أشكال الإدمان الأخرى، الأمر الذي يؤكد أن التكنولوجيا ستتحول إن لم تكن في طريقها لذلك إلى عدو يحارب الإنسان، ويغزو حصونه وربما يدمره ما لم يمسك بلجامها . الإنسان في شكل مختلف نشرت صحيفة "ذا صن" البريطانية صورة متوقعة للإنسان عام 3000 من الميلاد، وتظهر الصورة الشكل الذي سيتطور إليه الإنسان بعد ألف عام، حيث تملأ التجاعيد وجهه، ويكون قليل الشعر، بأذرع طويلة، وعيون كبيرة، وحجم الدماغ صغير. ووفقاً للتقرير الذي نشرته الصحيفة، فإن الصورة رسمها خبراء متخصصين في التشريح البشري من أجل تحديد ملامح المستقبل، معلقة: "لا مزيد من براد بيت، جونى ديب، الأجيال القادمة ستكون غير جميلة". وذكرت الصحيفة أن البشر مع الوقت سيعيشون عمراً أطول؛ بسبب التقدم في الطب وتحسن التغذية، وسيزداد طولهم حيث سيصل متوسط الطول إلى مترين و10 سم. واختتمت تقريرها بأن عقول الأجيال ستتقلص؛ بسبب المزيد من التقنيات، وسيفوض التفكير لأجهزة الكمبيوتر بدلاً من أن يقوم الإنسان بهذه المهمة بنفسه، ما يؤدي إلى انكماش الدماغ. مهن لن يكون لها مكان في المستقبل أدرج باحثون بريطانيون في جامعة أوكسفورد البريطانية قائمة ببعض المهن التي سوف تضيع من الإنسان بسبب التطور التكنولوجي الذي جعل من اليسير الاستغناء عن الإنسان، لتحل محله البرامج المنطقية التي تقوم بنفس عمله أو يتم إجراؤها عبر الإنترنت. وأوضح الباحثون أنه بين المهن المهددة التي بلغ عددها 700 مهنة منها " ضباط الحياة المدنية أو المسجلين "، وأن المهن الأقل تهديداً فهم "أطباء الأمراض النفسية، وأطباء التغذية، والأسنان" . اقرأ فى هذا الملف * فم بلا أسنان وعيون بارزة.. شكل الإنسان بعد100 ألف عام * النانو تكنولوجي.. محرك عجلة التطور الصناعي في المستقبل * عام 2020.. علاج الأمراض بتكنولوجيا المستقبل * تكنولوجيا معقدة.. أفكار العلماء ل«2050» * حجم أصغر وقوة أضعف.. شكل الإنسان في 2050 ** بداية الملف