نفى قيادي بالجيش السوري الحر، اليوم الخميس، أن يكون "أرمن" بلدة كسب، شمالي محافظة اللاذقية غربي البلاد، تعرضوا لأي اعتداء بعد سيطرة قوات المعارضة على البلدة قبل أسبوعين، مؤكداً أن الأرمن ومقدساتهم في البلدة تحت حمايتهم. وفي تصريح لوكالة "الأناضول" عبر الهاتف، قال أنس أبو مالك القيادي في الجيش الحر- جبهة الساحل: "إن مقاتلي المعارضة من فصائل إسلامية أو تابعة للجيش الحر لم يتعرضوا لأي من السكان المتبقين في بلدة كسب سواء أكانوا أرمن أو غيرهم، بل على العكس اعتبروهم تحت حمايتهم وعملوا على تأمين كافة احتياجاتهم". ويقود النظام السوري، منذ أسبوعين، عبر وسائل إعلامه ووسائل التواصل الاجتماعي التابعة لمواليه، حملة دعائية كبيرة مفادها بأن الأرمن في كسب يتعرضون لاعتداءات من قبل قوات المعارضة التي سيطرت على البلدة الحدودية مع تركيا، وعجزت قواته عن استعادتها. ومنذ بداية الأسبوع الماضي، أعلنت فصائل إسلامية مثل جبهة "النصرة" وحركة "شام" الإسلامية وأخرى تابعة للجيش الحر، عن إطلاق معركتين باسم "الأنفال" و"أمهات الشهداء"، تستهدف مناطق تسيطر عليها قوات النظام شمالي محافظة اللاذقية "غرب" ذات الغالبية العلوية، التي ينحدر منها رأس النظام بشار الأسد، ومعظم أركان حكمه وقادة أجهزته الأمنية. واستطاعت قوات المعارضة السيطرة على مدينة "كسب" الاستراتيجية التي يوجد فيها سكان من "الأرمن"، ومعبرها الحدودي مع تركيا، وعلى قرية وساحل "السمرا" أول منفذ بحري لها على البحر المتوسط، وعدد من المواقع الأخرى القريبة منها. وأوضح أبو مالك أن مقاتلي المعارضة يحاولون في جميع المناطق التي يسيطرون عليها، تقديم أفضل صورة للتسامح وحسن المعاملة مع السكان، لكي يثبتوا لهم كذب روايات النظام التي يحاول أن يصور من خلالها بأن الحرب في البلاد بين "متشددين وأقليات". وأضاف أن حقيقة المعركة في سوريا هي بين شعب مظلوم يطالب بالحرية ونظام قتل أكثر من 150 ألف شخص خلال 3 سنوات، فضلاً عن عشرات آلاف المعتقلين والمفقودين. ولفت أبو مالك إلى أن قوات المعارضة سيطرت على البلدة "كسب" ولم تتعرض لأحد من سكانها أو لأي من المقدسات، بالمقابل تقوم قوات النظام منذ أسبوعين بقصف البلدة بالقذائف "العمياء" التي لا تميز بين أرمني أو مسلم، في إشارة إلى قذائف الهاون التي تمطر بها قوات النظام بكثافة البلدة منذ سيطرة قوات المعارضة عليها. وأشار إلى أن مقاتلي المعارضة "لا يحملون أي فكر معادٍ لأي من أطياف الشعب السوري"، مستشهداً بحادثة إطلاق سراح راهبات "معلولا" اللاتي أكدن حتى على وسائل الإعلام التابعة للنظام أنهن تمتعن بمعاملة حسنة، ولم يفرض عليهن أحد أي شيء يخالف عقيدتهن أو لم يمنعن من ممارسة طقوسهن الدينية. وبدت راهبات "معلولا" ال13، ومحتجزيهن من جبهة "النصرة" في حال من التفهم والألفة، توصلوا إليها رغم 4 أشهر من "التعايش الاضطراري"، فتبادلوا عبارات الشكر والمودة والوداع قبيل اتمام عملية تبادلهن مع 150 معتقلة سورية من سجون النظام، الشهر الماضي، وظهر ذلك جليا في فيديو بثته "جبهة النصرة" على موقع "يوتيوب". وشكرت الراهبات "محتجزيهن" خلال تصريحات أطلقنها عقب الإفراج عنهن، مؤكدات أن أحداً لم يجبرهن على خلع الصلبان التي كن يرتدينها، ولم يتعرضن لأي مضايقة في ممارسة طقوسهن الدينية. وقال محمد سرميني مستشار رئيس الحكومة السورية المؤقتة التابعة للمعارضة بعد زيارته لكسب، السبت الماضي: "إن النظام قام بإجلاء معظم سكان المدينة قبيل سيطرة الجيش الحر عليها، لكن ما يزال يوجد فيها بعض العجائز من "الأرمن" وهم تحت حماية الجيش الحر كما الكنائس والمساجد الموجودة في المدينة". وأوضح المستشار في تصريحات سابقة ل"الأناضول"، من خلال مشاهداته في البلدة، أن مقاتلي المعارضة يحرصون على عدم دخول حتى المنازل الفارغة في كسب، وذلك حرصاً على "حرمة أملاك الغير". في سياق متصل، قال خالد الصالح رئيس المكتب الإعلامي للائتلاف السوري المعارض، بموقف عناصر الجيش الحر وتعاملهم الراقي - على حد قوله- مع الأهالي من أقلية الأرمن في منطقة كسب بمحافظة اللاذقية. وفي بيان أصدره، الثلاثاء الماضي، أكد الصالح أن "الأرمن" هم أحد المكونات الثقافية في سوريا، وأن الثوار عملوا على حمايتهم في مدينة حلب قبل كسب لدى سيطرتهم عليها. ويتواجد بضعة آلاف من الأرمن في سوريا منذ مطلع القرن الماضي، ويتوزعون في عدة محافظات شرقي البلاد وشمالها، أبرزها دير الزور "شرق" وحلب "شمال"، وانصهر غالبتهم في المجتمع من خلال الزواج من سوريين. وكانت وزارة الخارجية الروسية، أعلنت أن على مجلس الأمن الدولي مناقشة "مجزرة الأرمن" في بلدة كسب السورية وإعطاء تقييم مبدئي لهذا الحدث، وذلك في بيان أصدرته قبل يومين. واستنكرت موسكو ب"حزم" ما وصفته ب"الأعمال الوحشية للمتطرفين في سوريا".