قال شفيق صرصار، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، إن الهيئة تم انتخابها من المجلس التأسيسي، وإن قراراتها غير محصنة، ولا يوجد إشراف للقضاة عليها. وأضاف في حواره مع وكالة الأناضول في فيينا، أن الهيئة تعمل على تطوير عملها لتفادي سلبيات انتخابات عام 2011 ، لضمان إجرائها بشكل ديمقراطي وحيادي ونزيه. جاء الحوار على هامش لقاء شفيق صرصار مع الجالية التونسية، الذى نظمته السفارة التونسية بمقر نادي الصحافة فى فيينا، الجمعة 28 مارس، وشارك فيه سمير قوبعة سفير تونس في النمسا وممثلها الدائم لدى منظمات الأممالمتحدة في فيينا. صرصار استعرض خلال اللقاء دور اللجنة، وطريقة عملها لتذليل كافة العقبات التي تواجهها، وكيفية تسجيل وتصويت الناخبين التونسيين بالخارج. وتعد الهيئة الثانية من نوعها بعد الثورة التونسية التى التي أطاحت بالرئيس السابق "زين العابدين بن علي" في 14 يناير الأول 2011، وهي الجهة التي حلّت محل وزارة الداخلية التونسية في الإشراف على إجراء الانتخابات. وكان نواب المجلس التأسيسي قد انتخبوا أعضاء الهيئة التسعة، في يناير الماضي، وهم يمثلون اختصاصات مختلفة، منهم قضاة ومحامون وإعلاميون واقتصاديون. وإلى نص الحوار: ماهي طبيعة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس وتشكيلها والقانون الذي ينظم عملها؟ هي هيئة دستورية، تم تكوينها بمقتضى القانون الأساسي الصادر في ديسمبر أول عام 2012، ومهمتها إدارة العملية الانتخابية بشكل مستقل عن الحكومة. وقد جرى انتخاب أعضاء اللجنة التسعة من قبل المجلس الوطني التأسيسي، بأغلبية الثلثين وفق القانون، تلى ذلك انتخاب الرئيس من بين الأعضاء التسعة، بأغلبية مطلقة. وتحظى الهيئة بمجموعة من الخصائص تضمن استقلاليتها وحيادها ونزاهة أعضائها، كما أن لها صلاحيات تسمح لها بالتمكن من كامل المسار الانتخابي وبما يمنع تدخل السلطة التنفيذية فيه. وفيما يتعلق بالتشكيل، فإن هناك قاضيين، ومحام وأستاذ جامعي، فضلاً عن متخصصين في الإعلام والاتصالات، وهى جميعها تخصصات متصلة بصميم العملية الانتخابية. وكيف جاء الاختيار؟ عملية الاختيار جرت عبر ترشيحات قدمت للتأسيسي، حيث بلغ عدد المرشحين قرابة ألف مرشح، ثم جرى العرض بعد ذلك على النواب ، فقاموا بانتخابهم بقاعدة أغلبية الثلثين. هل هناك اعتراض من الأحزاب السياسية على الهيئة؟ لا بالمرة، فالهيئة جرى انتخابها من المجلس الوطني التأسيسي الذي يضم 17 حزباً تمثل أهم الأحزاب الموجودة على الساحة السياسية، وقد حصل أعضاء الهيئة على نسبة تجاوزت الثلثين، أي أن هناك توافقا كاملا حولها. وهل ستأتي انتخابات رئيس الجمهورية أولاً أم الانتخابات البرلمانية؟ هذا خيار سياسي لا يعود للهيئة، وإنما للبرلمان والأحزاب السياسية. وحتى الآن هناك حالة من الانقسام حول الأمر، فهناك من يحبذ أن يكون البدء بالانتخابات الرئاسية ثم التشريعية، وأخرون يحبذون أن يجرى الاثنان معا في ذات الوقت. الهيئة تأسست بقانون في عام 2012، أي بعد الانتخابات الأولى، والحديث يدور الآن عن تطوير في عملها لتفادي سلبيات حدثت في انتخابات عام 2011، فما هي هذه السلبيات؟ هذا صحيح، وأبرز هذه السلبيات يعود لضيق الوقت، فالثورة اندلعت في عام 2011، ثم جاءت الانتخابات في شهر أكتوبر من نفس العام، أي أن الوقت كان ضيقاً للغاية مما أدي إلى التسرع في بعض العناصر بدءاً من عملية التسجيل وصولاً إلى يوم الاقتراع حتى إعلان النتائج. وكان المال السياسي أهم السلبيات التى برزت آنذاك بشكل كبير، ويجب التفكير في طرق للحد من هذا الأمر. ومن السلبيات الأخرى أيضاً، تأخر إعلان النتائج. فنحن نعمل على وضع آليات أكثر دقة ونجاحاً تضمن انتخابات تعددية، وديمقراطية، ونزيهة، وشفافة. هل تعتقد أن العقوبات التي يتضمنها مشروع القانون الخاص بتنظيم الانتخابات والذي يتم إعداده كاف لردع أي محاولات للتزوير؟ كما تعلم هو لا يزال مشروع قانون، حيث لم يصدق عليه بعد، ولكن بوضعه الحالي يضم عقوبات صارمة قد تلعب دورا في التصدي لعملية التزوير، إلا أن هناك أيضا عقوبات ليست بالصرامة المطلوبة، وإجمالاً هناك لكل جريمة متوقعة عقوبة يمكن أن تلعب دور ردعي لكل من يفكر في القيام بها. تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات في مصر آثار جدلا كبيرا، فما هو الحال بالنسبة لقرارات الهيئة لديكم؟ هي غير محصنة، لأن هناك مبدأ في الدستور الجديد يؤكد على حق المواطن في التقاضي على درجتين، وهو ما يمكن من الطعن أمام القضاء على أي نتائج انتخابية. ماهو عدد الناخبين، وكيف سيتم تصويت الناخبين في الخارج؟ وفقاً لتقدير التعداد السكاني لتونس في العام 2013، هناك ثماني ملايين وحوالي خمسمائة ألف تونسي، ونحن في انتظار التعداد الذي سيتم هذا العام، وبالتالي معرفة الأعداد التى سيكون لها الحق فى الانتخاب. بالنسبة للتصويت في الخارج، سيتم تقريباً بنفس الآلية الذي جرى بها في العام 2011 ، مع محاولات تطويره، فيما يتعلق بمراكز الاقتراع، وتمكين الناخب من التسجيل ثم التصويت بسهولة أكثر في العملتين، فالتسجيل سيتم عبر الإنترنت، وليس في مكاتب التسجيل كما كان في السابق، فضلاً عن أننا سنأخذ في الاعتبار ماتم في الانتخابات السابقة من أخطاء فيما يخص مراكز الاقتراع وتنظيمها. هل ستكون البعثات الدبلوماسية مقاراً للاقتراع؟ في العديد من الدول ليس هناك خيار آخر، باعتبار أن هناك عدد من الدول تحظر إجراء الانتخابات في خارج مقار السفارات والقنصليات. سمحتم للمراقبين المحليين والدوليين بمراقبة الانتخابات، فهل سيكون هناك إشراف قضائي؟ بالنسبة لتونس كما هو في العديد من الدول، نعتقد أنه يجب الفصل بين من يقوم بالملاحظة ومن يقوم بالمراقبة القضائية. فلو قام القاضي بمراقبة الانتخابات وساهم في مكاتب الاقتراع، كيف له أن ينظر فيها فيما بعد ويقول أن الانتخابات لم تكن نزيهة. إذن حسب المقاربة الموجودة في تونس، فالقاضي يفصل في قرارات الهيئة وفي النتائج، وعليه لا يمكنه المشاركة في الوقت ذاته في عملية المراقبة. تحدثتم في هذا اللقاء عن بعض السلبيات تتعلق بوسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني، فما هى هذه السلبيات وما هو المطلوب من هاتين الجهتين من وجهة نظركم؟ هناك وسائل إعلام تعطي للرأي العام رسائل قد تؤثر على الثقة في مستقبل الانتخابات أو المسار الانتخابي، وفي بعض الأحيان تكون المعلومات المقدمة ليست بالدقة المطلوبة، مما يؤثر على الرأي العام. والمطلوب الالتزام بقواعد المهنية والحرفية من أجل تقديم المعلومة بشكل دقيق وواضح للرأي العام. تحدثت عن سلبيات تصويت المواطن الأمي، فكيف يمكن مواجهتها؟ هناك ثلاث مستويات للعمل على هذا الأمر، الأولى حملة توعية للمواطنين الأميين كى يعرفوا طريقة التصويت. كما أن هناك برنامج تقوم به الهيئة مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية من أجل تدريب بعض الأميين على التصويت في مدارس محو الأمية. ثالثاً، يجب العمل على تصميم ورقة تكون واضحة، تسمح للأميين بالتصويت بشكل حر ومستقل.