المعرض يضم "مصحفاً" منذ عهد المماليك..وصورة لأول كمبيوتر "عملاق" صور تستعرض تاريخ وتطور الكتابة وتعرض لخرائط نادرة منظمة المعرض: الكلمة أقوى من أي تدمير وحاولنا محاكاة تمثال "المتنبي" ب"مجسم للشاعر الكبير المتنبي"، و"كتب متطايرة" لتجسد مشهد الانفجار الكبير، استضافت مكتبة الكتب النادرة والمجموعات الخاصة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة الجديدة معرض "شارع المتنبى يبدأ هنا" كجزء من جولة عالمية ينظمها مشروع مقره ولاية سان فرانسيسكو يضم 54 كتابا فنيا وتقليديا إهداءً لذكرى شارع المتنبى ببغداد..ويستمر حتى 30 أغسطس 2014. يواكب الافتتاح الذكرى السابعة للانفجار الذى قضى على الشارع الشهير، والذى يضم منطقة بيع الكتب فى بغداد، ويعد المعرض جزءا من مشروع "شارع المتنبى يبدأ هنا" الذى بدأ عام 2007 بعد حادث الانفجار وهو أول مشروع من نوعه لإحياء ذكرى الحادث لجذب الشعراء والفنانين وبائعى الكتب والكتاب ومحبى المعرفة من كل المجالات فى حدث واحد ينظمه "بوسوليل" الشاعر وبائع الكتب فى سان فرانسيسكو ومؤسس مشروع شارع المتبنى. ونتج المشروع عن مجموعة مبتكرة من الكتب ذات الطراز الفنى والتى صممها أعضاء المشروع لالتقاط روح شارع المتنبى. "محيط" تجول في أرجاء المعرض، وتحدث إلى إحدى المشاركات في تنظيمه "نهى السباعي" التي قالت في تصريحات خاصة، أن المعرض هدفه التأكيد على أن الكلمة تبقى مستمرة، فهي أقوى من السلاح والتدمير والنار. ولفتت إلى أن جزء من المعرض خُصص، لعرض بعض كنوز مكتبة الكتب النادرة بالجامعة الأمريكية. المعرض يضم جزءاً خاصاً للصور الحية التي تعرض لبدايات الكتابة وتطورها عبر العصور، منذ الكهوف مروراً ببدايات الحضارة المصرية، ويستعرض بردية سنوحي، وأدوات الكتابة الفرعونية القديمة، ويتوقف عند بردية تصف أهمية الكاتب المصري القديم في الحضارة الفرعونية. كذلك يضم المعرض "كتاب الموتى"، وأول قاموس في اللغة المسمارية القديمة، كذلك أول كتاب مطبوع، ويعرض لخرائط العالم في مناطق مختلفة، والحملات الصليبية، وتطور الكتابة حتى ظهور الآلة الكاتبة، وظهور أول كمبيوتر عملاق!، ثم الثورة الإلكترونية التي نعيشها الآن. وتؤكد "السباعي" أن الكتابة لن تقف، وأن توقفها هو إيذان بانتهاء التطور البشري. المعرض أيضاً يضم قسماً من مكتبة الكتب النادرة بالجامعة الأمريكية، ويعرض لبعض كنوزها منها؛ كتاب "مقامات الحريري"، كتب لأشهر الفنانين منها فنان إيراني، و"رباعيات الخيام"، كذلك "مصحف" منذ عهد المماليك في القرن ال14 مكتوب بالخط اليدوي، كذلك كتاب مجهول العنوان والمؤلف مكتوب باللغة اللاتينية القديمة، مهترئ الأجزاء، وكتاب "مختصر النجاة" لابن سينا. المعرض لا يقتصر عى هذا فقط، بل يضم بين جنباته كتب يشارك به طلبة بالجامعة الأمريكية، وكتب أخرى تناولت الانفجار مثل شعر دينا ميخائيل "الحرب تعمل بجد" ونقرأ منه: كم هي مجدة الحرب ونشطة وبارعة/ توقظ صفارات الإنذار/ تبعث سيارات إسعاف/ إلى مختلف الأمكنة/ تؤرجح جثثاً في الهواء/ تزحلق نقالات إلى الجرحى/ تستدعي مطراً من عيون الأمهات/ تحفر في التراب. وتوقعت نهى السباعي، أن يشهد المعرض إقبالاً كثيفاً الفترة المقبلة خاصة أنه يستمر حتى 30 أغسطس، مؤكدة أن المعنى اذي حرص كافة المشاركون بالمعرض على التأكيد عليه هو أن الإبداع مستمر رغم كل المعوقات، ولنا في الماضي عبرة، فحين دمر التتار مكتبة بغداد وجعلوا من مخطوطاتها جسراً يعبرون عليه، حتى قيل أن " النهر جرى أحمرَ في يوم و أسود في اليوم التالي " من دم القتلى و حبر كتبهم، إلا أن بغداد عادت من جديد. تواصل: لذلك الكلمة لن تتوقف باتفجيرات، ويكفي أن نعرف أن شهداء شارع المتنبي لا يزالون يكرموا حتى الآن، حتى أن مقهى "الشاهبندر" وهو أشهر مقهى بشارع المتنبي، غيّر اسمه إلى مقهى "الشهداء"، ويعلق صورهم إلى الآن. ولفتت "السباعي" أن المعرض يعد له منذ سبتمبر الماضي، ويضم كذلك مجسماً للشاعر المتنبي، ليحاكي تمثال "المتنبي" الشهير الذي كان يقع في تقاطع شارع المتنبي مع شارع الرشيد. المعرض يضم كذلك صوراً تعرض للشارع الشهير قبل الانفجار وبعده. وقصيدة المتنبي الشهيرة "الحب ما منع الكلام الألسنا" ونقرأ منها: الحُبُّ ما مَنَعَ الكَلامَ الألْسُنَا/ وألَذُّ شَكْوَى عاشِقٍ ما أعْلَنَا/ ليتَ الحَبيبَ الهاجري هَجْرَ الكَرَى/ من غيرِ جُرْمٍ واصِلي صِلَةَ الضّنى/ بِتْنَا ولَوْ حَلّيْتَنا لمْ تَدْرِ مَا/ ألْوانُنَا ممّا اسْتُفِعْنَ تَلَوُّنَا/ وتَوَقّدَتْ أنْفاسُنا حتى لَقَدْ/ أشْفَقْتُ تَحْتَرِقُ العَواذِلُ بَينَنَا/ أفْدي المُوَدِّعَةَ التي أتْبَعْتُهَا / نَظَراً فُرادَى بَينَ زَفْراتٍ ثُنَا/ أنْكَرْتُ طارِقَةَ الحَوادِثِ مَرّةً/ ثُمّ اعْتَرَفتُ بها فصارَتْ دَيْدَنَا/ وقَطَعْتُ في الدّنْيا الفَلا ورَكائِبي/ فيها وَوَقْتيّ الضّحَى والمَوْهِنَا. وبشرح أوفى تحدثت "السباعي" عن مكتبة الكتب النادرة، فقالت أنها كانت تعمل قبل الإعداد للمعرض، في توثيق مجموعة المهندس حسن فتحي المعمارية، الذي أسس مشاريع مشهورة، حيث صمم ضريح حسين باشا مسئول ديوان الملك فاروق، وقصر المانسترلي، وكانت فكرة كتابه "عمارة الفقراء" هي أنه من حق أي إنسان أن يستقل بمنزل، وعاد لفكرة "الطوب اللبن"، لكن التطور والتكنولوجيا قضى على الفكرة، كذلك لدينا مكتبته ومتعلقاته الشخصية، والحامل الذي كان يعمل عليه، وعباءته. كذلك لدينا – تواصل - مجموعة رمسيس ويصا واصف، ومشروعاته المعمارية ومجموعة المهندس كما لبكري، وغيره من أشهر المعماريين، كما تضم المكتبة مجموعات خاصة للمشاهير مثل بطرس غالي وأنيس منصور. يذكر أن معرض "شارع المتنبى يبدأ هنا" يشمل سلسلة من الأنشطة الثقافية المرتبطة بالكتب الثقافية، بالإضافة إلى صناعتها. يشارك فى المحاضرات التي تبدأ اليوم الخميس، مجموعة مختارة من الشعراء والأدباء والمثقفين. شارع المتنبي الذي يعد "سور أزبكية" العراق، يقع في وسط العاصمة العراقية بغداد بالقرب من منطقة الميدان وشارع الرشيد. ويعتبر شارع المتنبي السوق الثقافي لأهالى بغداد حيث تزدهر فيه تجارة الكتب بمختلف أنواعها ومجالاتها وينشط عادة في يوم الجمعة. ويوجد فيه مطبعة تعود إلى القرن التاسع عشر. كما يحتوي على عدد من المكتبات التي تضم كتباً ومخطوطات نادرة إضافة إلى بعض المباني البغدادية القديمة. تعرض شارع المتنبي كغيره من مناطق بغداد والعراق لعدة تفجيرات خلال فترة عدم الاستقرار الأمني بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003م. إلا أنه تعرض يوم 5 مارس 2007، إلى هجوم بسيارة ملغمة أدى لمقتل ما لا يقل عن 30 متسوقاً وتدمير عديد من المكتبات والمباني. حيث تم تدمير المكتبة العصرية بشكل كامل، وهي أقدم مكتبة في الشارع تأسست عام 1908. كما تدمر مقهى "الشاهبندر" الذي يعد من معالم بغداد العريقة. إضافة إلى تدمير واحتراق عديد من المكتبات والمطابع والمباني البغدادية الأثرية في الشارع. و هناك بعيداً في سان فرانسيسكو قرأ بائعُ كتب عن الهجوم في صحيفته الصباحية. و راح بو بوسوليل Beau Beausoleil ، وهو شاعر و مالك شركة كتب، مستعملة، ينتظر تدفق الدعم و الغضب الذي لا بد أنه سيتبع ذلك. لكن شيئاً من ذلك لم يحدث. فشعر السيد بوسوليل بأنه ملزم بفعل شيء. فالهجوم على الكتّاب و باعة الكتب في أي مكان في العالم هو هجوم عليهم جميعاً. وهكذا بدأ مشروع للفن و الكتابة يدعى " شارع المتنبي يبدأ من هنا "، للتعبير عن التضامن مع باعة الكتب، و الكتّاب، و القرّاء العراقيين. و قد بدأ المشروع بموجة من التنديدات رداً على الهجوم، ثم تطور ليشمل "مختارات من الكتابة" بمشاركة فنانين كثر، فكان بعضها قصائد، و البعض الآخر تراكيب كتبٍ إبداعية، أو صوراً بصرية ل " شارع باعة الكتب " البغدادي، أو تأملات في قيمة الكتب. و كان جميعها يستجيب لطلب السيد بوسوليل في أن تعكس الأعمال المشاركة كلاَ من الهجوم و" تفاهة أولئك الذين يحاولون أن يدمّروا الفكر ". ويحمل عنوان المشروع " شارع المتنبي يبدأ من هنا " فكرة أنه أينما يجلس شخص ما ليكتب باتجاه الحقيقة، أو يجلس مع كتاب، فمن ذلك المكان يبدأ شارع المتنبي. ويعد شارع المتنبي الذي تجاوز عمره تسعة قرون، أقدم معرض دائم للكتاب في العالم، إذ يعج بحركة رواد أدمنوا زيارته كل جمعة. ولم يقتصر الشارع على باعة كتب افترشوا الرصيف بل يحتضن نهاية كل أسبوع فعاليات مختلفة من الشعر والمسرح والرسم ومعارض للكتب.