إن الله سبحانه وتعالى يعلم السر وأخفى، ويعلم الظاهر والباطن، ويعلم المعلن والخفي، وهو سبحانه وتعالى يرشدنا في ظاهرنا وباطننا إلى الخير. وهو يكشف سر المتآمرين ويرشد المؤمنين إلى الخير العميم – يقول تعالى - ﴿ لاَ خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا * وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيدًا * إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا * لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا * وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِيَنَّهُمْ وَلآمُرَنُّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا * أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا ﴾ . فإذا أردت الخير فعليك بأن تكون نجواك في السر كما هي في العلن، تكون أمرًا بالمعروف ونهيًا عن المنكر، إصلاح الناس في درء المفاسد وجلب المصالح، أما جلب المصالح؛ فقد تكون راجعة إلى البدن وقد تكون راجعة إلى النفس، وأما درء المفاسد فقد أشار إليها بالإصلاح بين الناس. وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كتب إلى أبي موسى الأشعري يقول له: {أصلح بين الناس قبل الحكم – يعني قبل القضاء - فإنه بعد القضاء تخرج ضغائنهم} أي أرشده إلى لجان التحكيم التي توفق بين الناس وتصلح بين الناس..، وميادين الإصلاح في النزاع والخصومات، وتكون في الأفراد والجماعات، والأزواج والزوجات، وبين المتداينين، وفي الأقارب والأرحام، وفي القبائل والطوائف، وفي الأموال والدماء. تنتشر الفتنٌ كقطع الليل البهيم وكقطع الليل المظلم في الظاهر والباطن.. لا مخرَجَ منها إلا كتاب الله.. وهو الذي يخرجك منها.. وهو الذي ينقذك منها.. وهو الذي إذا ما تدبرته وتأملته.. وإذا تمسكت به فقد استمسكت بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها، إنه حبل الله المتين. ﴿ لاَ خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ ﴾ . والقرآن يهديك إلى طريق الخير ويأمرك أن تفعله ابتغاء مَرضاة الله، فلو فعلته رياء وسمعة ورياسة- جعل الله الخير هذا مردودًا إلى الناس ولا ثواب لك فيه؛ لأنه خير ولأنك فعلت الخير؛ فمن تصدق رئاء الناس فالصدقة تفعل فعلها وتقوم بما خلقها الله من أجله لكن لا ثواب لك، أما لو جعلت فعلك هذا ابتغاء وجه الله فإنك ستنال سعادة الدارين، ولذلك بعد أن أقر أن هذا من فعل الخير- سواء صدر ممن ابتغى وجه الله أو ممن لا يبتغي وجه الله - فإنه إن فعل ذلك أثَّرَ في هذا الكون إيجابًا.