إسرائيل تمنع إدخال الأدوية والمعدات الخاصة بالعيادات البيطرية، ويضاف لذلك وجود نقص كبير في عدد الأطباء الذين لا يتجاوز عددهم ال14 طبيبا بلهفةٍ كبيرة كان محمود النادي ينتظر أن تلد إحدى أبقاره صغيرها، إلا أن إصابتها بمرض التسمم المعوي، أدى إلى نفوقها مع الجنين قبل ولادته، دون أن يتمكّن من فعل أي شيء، لتضاف بذلك إلى عشرات الأبقار التي تَنفق أمام عينيه في غزة. ولو أن البقرة أخذت تطعيمها الطبي، كما يؤكد النادي في حديث لمراسلة وكالة "الأناضول" لما نفقت، إلا أن نقص الأدوية البيطرية بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من سبعة أعوام حال دون ذلك. وبحسرة يواصل النادي 25 عامًا :"هذه هي البقرة الثالثة التي تموت خلال الشهرين الماضيين، إذ لم يتوفر لها التطعيم الطبي الذي تتناوله الماشية كل ستة أشهر". وبعد أن وضع النادي قليلاً من الأعشاب لأبقاره في أوعية الطعام أمام سياج أقفاصها، أضاف:" حينما يأتي الطبيب البيطري لفحص الماشية يخبرنا أن بعض الأبقار مصابة بأمراض لأنها لم تأخذ تطعيمها، وعندما نلجأ لوزارة الزراعة يخبروننا بأن الأدوية غير متوفرة ولم تدخل إلى القطاع". وأشار إلى أن عدم انتظام التطعيم الذي يجب أن تأخذه ماشيته، يؤدي إلى نفوق عشرات الأبقار في مزرعته كل عام. وخلال العام الماضي نفق في مزرعة النادي نحو 10% على أقل تقدير من ماشيته، وتكبد خسائر تقدر بنحو 30 ألف دولار أمريكي، وفق قوله. وفي حال أراد إجراء فحص لبعض الماشية لا يستطيع النادي اصطحابها للعيادات البيطرية في غزة فأماكنها غير مناسبة، إذ توجد في شقق علوية. وأوضح أن أكثر الأمراض التي تصيب الأبقار لغياب الأدوية البيطرية، هي النزلات المعوية، والتسمم المعوي، والاسهالات، والجدري والحمى القلاعية. واقع سيئ ويصف زكريا الكفارنة مدير عام الخدمات البيطرية في وزارة الزراعة التابعة للحكومة المقالة بغزة، واقع البنية التحتية للطب البيطري في القطاع ب"السيء جدا"، نظرا للحصار الإسرائيلي الذي يمنع إدخال الأدوية والمعدات، بالإضافة على نقص عدد الأطباء الذين لا يتجاوز عددهم 14 طبيبا. ويقول الكفارنة إن القطاع يفتقر لمقرات العيادات البيطرية، مشيراً إلى أنها عبارة عن شقق مستأجرة في أبنية سكنية ولا تفي بالغرض، فلو أراد أحدهم معالجة حيوانه فإن المكان لا يسمح بذلك. وأضاف أنه: "مع الإغلاق المستمر لمعبر رفح فإننا نعاني من نقص في الأدوية، كما باقي القطاعات الأخرى، فجميعنا رهن لمعبر رفح الحدودي". وبتمويل من مجلس التعاون الخليجي بواسطة بنك التنمية الإسلامي تم افتتاح مقريين لعيادتين بيطريتين، في مدينة غزة وخان يونس لأول مرة، خلال الأسبوع الماضي. إلا أن الوحدتين الطبيتين اصطدمتا بإغلاق معبر رفح ومنع إدخال الأدوات والمعدات الطبية والأدوية وهما الآن عبارة عن أبنية فارغة لا شيء فيها، حسب الكفارنة. وتغلق السلطات المصرية، معبر رفح، الواصل بين قطاع غزة ومصر، بشكل شبه كامل، وتفتحه فقط لسفر الحالات الإنسانية، منذ الإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي، بداية يوليو/تموز من العام الماضي. وكشف الكفارنة عن مقرين آخرين سيتم تشيدهما في شمال القطاع وجنوبه، إلا أنهما اصطدما بغياب مواد البناء بفعل هدم الأنفاق وإغلاق المعابر. قلة عدد الأطباء ومعضلة أخرى يواجها واقع الطب البيطري في غزة تتمثل في قلة عدد الأطباء وعدم وجود تخصصات في الطب البيطري في جامعات القطاع. وأضاف الكفارنة أن "وزارته لم تستقبل خريجي الطب البيطري منذ خمس سنوات، والطبيب الذي يتقاعد اليوم، لا بديل عنه". والأطباء البياطرة الفلسطينيين يلتحقون بتخصصهم عن طريق منح دراسية في جامعات خارجية، إلا أن الجامعات الدول العربية لم تستقبل منذ خمس سنوات، طلبة من غزة، كما أكد الكفارنة. ويبلغ عدد الأطباء في قطاع غزة أربعة عشر طبيبًا فقط، لهم جولات مستمرة على حدائق الحيوان وأصحاب المزارع، حسب الكفارنة. وتفرض إسرائيل على قطاع غزة حصارًا منذ عام 2006، عقب فوز حماس التي تدير شؤون القطاع، بالانتخابات التشريعية، وشددته في عام 2007 بعد أن سيطرت الحركة على القطاع. ووفق مؤسسات حكومية وحقوقية فإن البطالة والفقر وصلت في غزة إلى معدلات غير مسبوقة وتجاوزت ال"40"%.