قال البنك المركزى المصرى أن طباعة وإصدار النقد تتم وفق ضوابط والتزام كامل بالمعايير الاقتصادية والقانونية بما لا يتعارض مع المحافظة على الاستقرار للمستوى العام للأسعار. جاء ذلك ردا على ما ورد في بعض الصحف والمواقع الإلكترونية عن أن البنك طبع بنكنوت بحوالي 22 مليار دولار منذ ثورة 25 يناير لتلبية احتياجات السوق المحلية. وينتهج البنك المركزي المصرى سياسة نقدية تحافظ على السوق بما يتواكب مع معدلات النمو وتدفع بقيمة الجنيه فضلا عن الضغط على السوق الموازية، لذا يقوم بقياس معدلات التضخم وتحليلات اقتصادية على إثرها يتخذ قراراته بإصدار النقد المحلي ويطرح عطاءات بالنقد الأجنبي لتلبية احتياجات السوق ومستوردي السلع من الخارج. وكشف المركزي عن ان زيادة الإصدار من النقد فى بعض الشهور خلال الفترة الماضية ترجع لارتفاع الانفاق الحكومى وتزويد البنوك بالسيولة المناسبة لمواجهة اية سحوبات طارئة على العملة المحلية لديها أوقات الأزمات. وقال المركزى إن عملية إصدار النقد تعتبر إحدى أهم الوظائف التى يقوم بها البنك موضحا أن عملية طباعة البنكنوت تشمل إصدار بنكنوت جديد (يؤدى الى زيادة رصيد النقد المصدر)، وطباعة بنكنوت ليحل محل الأوراق التالفة للحفاظ على الشكل الحضاري للعملة المصرية (لا يؤدى الى زيادة فى النقد المصدر) وأكد البنك المركزى أنه يتخذ قرار إصدار نقد مصدر جديد بناء على دراسة وتحليل للمتغيرات الاقتصادية أهمها الناتج المحلي بالأسعار الجارية (معدل النمو الحقيقى للناتج+ معدل التضخم)، وكذلك لمواجهة الطلب على النقد من البنوك أو الحكومة مقابل حساباتهم لدى البنك المركزى. وأكد المركزى أنه إعمالا لمبادئ الشفافية وحرصا من البنك المركزى على توضيح التطورات التى طرأت على النقد المصدر خلال العام المالى 2012/2013 والنصف الأول من عام 2013/2014 فإنه يود في البداية التأكيد على الحقائق التالية الخاصة بوصفه السلطة المنوط بها إصدار أوراق النقد (البنكنوت) وتحديد فئاتها ومواصفاتها. وفى هذا الصدد كشف المركزى الكثير من الحقائق وأهمها: يلتزم البنك المركزى بمعايير اقتصادية وأهمها معدل النمو الحقيقى للناتج المحلي الإجمالى ومعدل التضخم لتحديد حجم الإصدار النقدى، بما يتناسب مع احتياجات النشاط الاقتصادي الجارى، وبما لا يحول دون تحقيق الهدف الرئيسى للسياسة النقدية وهو المحافظة علي الاستقرار فى المستوي العام للأسعار ومن ثم المحافظة على قيمة العملة الوطنية من الانخفاض. وفى هذا الإطار يقوم البنك المركزى سنويا بتقدير حجم النقد المصدر لسنة مالية مقبلة للوقوف على حجم الطلب المتوقع على النقود موزعا على شهور تلك السنة، ويتبع البنك فى ذلك أساليب إحصائية مختلفة. يلتزم البنك بالمعايير القانونية فى هذا الشأن، حيث تنص المادة 109 من القانون رقم 88 لسنة 2003 والصادر بشأن البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد على انه يجب ان يقابل أوراق النقد المصدرة بصفة دائمة وبقدر قيمتها رصيد مكون من الذهب والنقد الأجنبى والصكوك الأجنبية وسندات الحكومة المصرية وأذونها وأي سندات المصرية أخرى تضمنها الحكومة. ويقابل النقد المصدر وبكامل قيمته فى نهاية يونيو 2013 غطاء إصدار يتكون من ذهب بنسبة 6٫5 ٪وسندات الحكومة المصرية بنسبة 64٫4 ٪ والنقد الأجنبى وصكوك أجنبية بنسبة 29٫1٪. هذا وتجدر الإشارة الى ان الغطاء المتاح للإصدار بميزانية البنك المركزى يعادل 1٫27مرة من النقد المصدر فى يونيو 2013 وبلغ 1٫33 مرة فى نهاية ديسمبر 2013. وعن تطورات عملية إصدار النقد خلال الفترة الماضية أشار بيان البنك المركزى الى ما يلى:- أولا: التطورات فى النقد المصدر خلال السنة المالية 2012/2013 ارتفع النقد المصدر خلال السنة المالية 2012/2013 بمقدار 56٫7 مليار جنيه (منها نحو 10٫1 مليار جنيه فى يناير 2013، ونحو 18٫1 خلال شهر يونيو 2013) ليصل الى 264٫1 مليار جنيه فى نهاية يونيو 2013. وتعزى هذه الزيادة الي الأسباب التالية: زيادة الانفاق الحكومى خلال السنة المالية 2012/2013 بمقدار 117٫2 مليار جنيه ليصل الي 588٫2 مليار جنيه وهو ما أسفر عن تفاقم العجز فى الموازنة العامة للدولة (معبرا عنه بالفرق بين المصروفات والإيرادات) ليبلغ 239٫7 مليار جنيه بنسبة 13٫7٪ من الناتج المحلى الإجمالى. ولا شك ان الزيادة فى الانفاق الحكومى تؤدى الى زيادة الطلب على النقد في التداول، خاصة إذا كان هذا الانفاق فى شكل زيادة فى الأجور والمعاشات والتعويضات التى تدفعها الحكومة الى الأفراد. وقد صاحب ذلك زيادة صافى مطلوبات البنك المركزى من الحكومة الأمر الذي مارس أثرا توسعيا علي السيولة المحلية. ضخ مزيد من السيولة للبنوك بناء على طلبها وذلك لتحوطها بزيادة رصيد النقدية فى خزائنها لمواجهة طلبات المواطنين على النقد السائل، خاصة فى ظل الظروف السياسية والأمنية التى شهدتها البلاد خلال السنة المالية السابقة. وبتتبع الزيادات الملحوظة فى النقد المصدر بعد اندلاع ثورة 25 يناير يتضح أن هناك ثلاثة أشهر فقط شهدت زيادات استثنائية وهى فبراير 2011، والذى ارتفع فيه النقد المصدر بمقدار 21٫9 مليار جنيه بمعدل 14٪ لمواجهة زيادة الطلب عليه فى ظل الظروف الأمنية التى سادت هذه الفترة وإغلاق البنوك وعدم إمكانية استخدام ماكينات الصرف الآلى. والشهر الثانى وهو يناير 2013، والذي ارتفع فيه النقد المصدر بمقدار 10٫1 مليار جنيه بمعدل 4٫6٪ نتيجة تخوف المواطنين من تكرار ما حدث فى 25 يناير 2011. أما فيما يتعلق بالشهر فهو يونيو 2013 والذى ارتفع فيه النقد المصدر بنحو 18٫1 مليار جنيه بمعدل 7٫4 ٪ ويرجع ذلك الى ما تم تحويله الى البنوك للتحوط تجاه الطلب المتزايد من قبل المواطنين قبل اندلاع أحداث 30 يونيو 2013، وتلبية احتياجات الجمهور من أوراق النقد الجديدة قبل عيد الفطر المبارك. هذا بالإضافة الى ما تم تحويله الى الحكومة خصما على حساباتها لمواجهة بعض النفقات الموسمية والى من بينها تمويل موسم محصول القمح، وصرف المكافآت للمدرسين، فضلا عن تكاليف ضم العلاوة الاجتماعية الى المرتب اعتبارا من شهر مايو 2013. ثانيا: التطورات فى النقد المصدر خلال الفترة يوليو/ ديسمبر 2013/2014 بلغ النقد المصدر 268٫4 مليار جنيه فى ديسمبر 2013 بزيادة قدرها 4٫3 مليار جنيه خلال الفترة يوليو/ديسمبر من السنة المالية 2013/2014 مقابل 11٫6 مليار جنيه خلال الفترة المناظرة من السنة المالية السابقة، وتأتى الزيادة المحدودة خلال النصف الأول من السنة المالية 2013/2014 نتيجة لما قامت البنوك بتوريده الي البنك المركزى كفائض نقدى عن احتياجاتها. ويقابل النقد المصدر بكامل قيمته فى نهاية ديسمبر 2013 غطاء إصدار يتكون من ذهب بنسبة 6٫5 ٪ وسندات الحكومة المصرية بنسبة 58٫5 ٪ والنقد الأجنبى بنسبة 35 ٪ . هذا وتجدر الإشارة الى ان الغطاء المتاح للإصدار بميزانية البنك المركزي يعادل 1٫33 مرة من النقد المصدر فى ديسمبر 2013. وعلى صعيد التضخم أعلن البنك المركزي المصري، أن المعدل السنوي للتضخم الأساسي انخفض إلى 11.69 %في يناير الماضي مقابل 11.91 % في ديسمبر الماضي. وأضاف البنك خلال بيان نشر على موقعه الإلكتروني أن التضخم الأساسي سجل معدلاً شهرياً قدره 1.11 % في يناير الماضي مقابل 0.41 % في ديسمبر. وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء قد أعلن الأسبوع الماضي ارتفاع معدل التضخم الشهري (المستوى العام للأسعار) خلال شهر يناير الماضي بنسبة 1.6 % مقارنة بشهر ديسمبر السابق عليه، كما تباطؤ معدل التضخم السنوي ليسجل 12.2 % خلال يناير مقارنة ب 12.5 % خلال شهر ديسمبر. وكان خبراء حذروا من تبعات استمرار الدولة في طباعة النقود المتزايدة دون وجود غطاء كافٍ، ما يؤثر في القوة الشرائية للعملة المحلية وأيضاً مستوى الأسعار في البلاد. يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة المالية المصرية مؤخرا أنها اقترضت من السوق المحلي نحو 19 مليار جنيه، تعادل 2.72 مليار دولار، مقابل 17 مليار جنيه تعادل 2.44 مليار دولار، اقترضتها الأسبوع قبل الماضي. وحذر عضو مجلس إدارة البورصة المصرية ونائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، محسن عادل، من استمرار الاقتراض، وقال إن الخطورة الحقيقية تبدأ حينما تفشل الدولة المصرية في سداد أحد أقساط الديون في موعد استحقاقها. ووفقاً للبيانات الصادرة عن البنك المركزي، فإن إجمالي الدين العام المحلي سجل رقماً تاريخياً غير مسبوق في تاريخ مصر، ليبلغ نحو 1.488 تريليون جنيه في نهاية شهر ديسمبر 2013، منه 82.9% مستحق على الحكومة، و4.4% مستحق على الهيئات العامة الاقتصادية، و12.7% على بنك الاستثمار القومي. وسجل الدين العام الخارجي زيادة تقدر بنحو 4.4 مليار دولار، بمعدل 12.9%، حيث بلغ 38.8 مليار دولار في نهاية شهر ديسمبر الماضي، ما يعادل نحو 271.6 مليار جنيه. وأوضح عادل أن الموازنات القادمة لمصر سوف تشهد تخصيص مبالغ أكبر لسداد أقساط وأصول الدين، لافتاً إلى أن الخطورة الحقيقية تكمن فيما وصل إليه الدين العام المصري، حيث إن الدولة تستدين لتمويل الإنفاق الجاري، وتطرح سندات وأذون الخزانة حالياً ليتم تمويل متطلبات الدعم وتوفير السلع الغذائية ودفع أجور الموظفين في الدولة. وقال البنك المركزي إن قيمة النقد المصدر خلال العام المالي الماضي ارتفع بنحو 56.7 مليار جنيه تعادل 8.15 مليار دولار، وهو ما أرجعه البنك إلى زيادة الإنفاق الحكومي بنحو 117.2 مليار جنيه ليصل إلى 588.2 مليار جنيه، ما أدى إلى تفاقم العجز في الموازنة العامة للدولة، الذي وصل إلى 239.7 مليار جنيه بنسبة 13.7% من الناتج المحلي الإجمالي. وقال مصدر مصرفي، أن طريقة تمويل الدين تعتمد على محورين أساسيين كلاهما أخطر من الأول، يتمثل المحور الأول في أن تسدد الدولة هذا الدين من مصادر ومدخرات حقيقية، والثاني أن تقرر الدولة طبع المزيد من أوراق النقد، مما يعني انفجاراً جديداً في الأسعار، وزيادة في التضخم الذي تجاوز مستويات قياسية خلال الفترات الماضية. ولفت إلى أن تداعيات ما يتم حالياً من قروض خارجية واستدانة داخلية سوف تظهر بدءاً من العام المقبل، خاصة أنه لا يمكن تحت أي ظرف طبع أوراق نقدية ليس لها غطاء، إضافة إلى أن وضع الاقتصاد المصري لا يسمح بمزيد من طباعة أوراق النقد.